السبت 2012-05-26 19:07:05 صحافة وإعلام
محمد إياد غزال ..عميق في الذاكرة .. كجرحنا

إبراهيم رمضان حسن
من المعروف أن ما يحدد الوجه المميز لأي مجتمع هي تلك القسمات التي يرسمها المخزون التراثي والثقافي ومن جميع مصادره التاريخية والجغرافية والمتمثل برموزه الأحياء والأموات , والتمسك بهذا التراث هو الذي يحافظ على العلاقة المتوازنة مع المكان وبكافة أبعاده الزمنية سواء كانت ماضية أو حاضرة أو رؤية للمستقبل .
ولا بد أن هذه الرؤية تبلغ درجة العفوية في إدراكها من قبل أي عامل في الإدارة ومهما كان مستوى مسئوليته , وهي اللازمة الأصل لبناء أنماط التفكير والسلوك التي يستند عليها لتطوير الواقع الذي يمارس فيه نشاطه ضمن الأطر القانونية التي تم إنتاجها ضمن المنطق التصاعدي لارتقاء المجتمع.
ولكن ماذا لو كان الإداري غافلا عن هذه البديهية, عندها سيقع في الكثير من حالات الإخفاق حتى لو أنجز الشكل المادي الكامل لبرامجه وخططه, ولن يتوانى عن عصيان الكبير وظلم الصغير , وسماع الشكوى والتذمر والشعور بالضيق من الجميع كرد فعل يتناسب وهذه الغفلة .
ومن الطبيعي أن هكذا أشخاص حسبوا يوما على الإدارة خطأً سيرسخون في الذاكرة مهما كان حجم مسؤولياتهم محدود, فكيف إذا كان حجمها يبلغ مسؤوليات محافظ وليس أية محافظة بما تمثله من حساسية القلب وامتداد الأطراف حتى الحدود ولأكثر من دولة, وكيف ستكون النتائج عندما تتحول إلى ولاية ومحافظها إلى والي, لا بد أن تكون مؤلمة وتحتاج إلى الكثير من الدواء والخبرة الكبيرة في العلاج ,
حمص في عهد محمد إياد غزال عاشت هذه المعادلة بكل عناصرها, فعندما تولى مهامه رفع النداء أن احلموا وبدأ حلمه الخاص الذي عاشته هذه المحافظة كابوسا يتلون ويتشكل في كل لحظة بثقل جديد , استهلك المياه الجوفية الأمل المائي لحمص في المدينة الصناعية وكل الدراسات تشير لديه أن حوض حسياء سينفذ خلال عام 2012وترك حمص بدون أمل, فبدل عن أن يسعى لتطوير القانون وتحديثه بحيث يصبح موازي للمرحلة التي يرتجيها, تابع وبشدة واتهم كل من يحاول أن ينفذ القانون بأنه يعرقل التطوير والتحديث, وحمَّل مسئولية هذا التقصير للموظف المؤتمن على تنفيذه.
وجعل نفسه فوق أية قيمة عندما حاول وبمثابرة منقطعة النظير أن يلغي أحد المشاريع من خلال العمل الدائم والمستمر في تشكيل اللجان وعقد الاجتماعات واستنفار الإعلام واستهلاك الأموال لإثبات فشلها, وحتى أنه اضطر لأساليب غاية في الغرابة عندما عرض صورا اعتبرها للمشروع أمام السيد عبد الله الدردري معاون رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية في أحد الاجتماعات, ولم ينس مدير زراعة حمص من متابعته فيما بعد لإثم كبير ارتكبه وهو أنه صحح أمام الجميع المعلومات الخاطئة التي حاول أن يقنع بها المجتمعين, وكذلك لم يغادر ذاكرته رئيس دائرة حراج حمص عندما صحح معلومة أخرى له أمام الصحفيين وهو يحاول أن يؤكد أن تلك الجبال الجرداء هي المشروع الفاشل, وراح يثبت أحلامه بمواقف انفعالية أكثر شدة بصراخه في وجه مدير الزراعة في أحد العقارات بظهر القصير وأمام السيد عبد لله الدردري والصحفيين وفعاليات من المحافظة في اليوم الثاني لجولته بسبب جواب القانوني للمدير على أحد أسألته.. ووو والكثير, هذا غير فرض الرسوم والضرائب على المواطنين التي أرهقت كاهلهم .
هذا غيض من فيض جعل حمص وكأنها ولاية ليست لها علاقة بأية مؤسسة أو دولة بل دولة مستقلة بذاتها, لها أعرافها وتقاليدها وقوانينها الخاصة والتي تتبدل وتتغير حسب الأحلام وحسب عدد ساعات النوم لواليها.
ولكن الغرابة ليست هنا بل كلها في حمص الآن, هذه المدينة الجريحة وبكل أبعاد الألم, وفي السؤال: هل نستطيع أن نهرب من الاعتراف أن تلك التصرفات والسلوكيات كانت هي النوافذ والأبواب المفتوحة التي دخلت منها الرياح لتهدم تراثها وثقافتها الزاخرة بالخير والجمال والحب.. سواء بقصد أو بدون قصد؟
أخيراً وفي خضم الحديث الدائر حول تشكيل الحكومة الجديدة ربما يكون من المفيد التنبيه أن بعض المرشحين لمناصب كبرى في الدولة ومنهم محافظ قريب لمحافظ حمص السابق في أسلوب التعامل يؤذي نهجه المتسلط صورة الحكومة مهما كانت انجازاتهم وإمكانياتهم الإدارية.

adonis-ih@hotmail.com

 

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024