دمشق – سيريانديز

جهز أبو أحمد كل مستلزمات معاملته ووضعها في مصنف أنيق وحط رأسه على وسادته وغطّ في نوم عميق فلا هم ولا غم يشغله كالعديد من "الحراميه" والفاسدين الذين لا يطيب لهم النوم إذا لم "يهبشوا" كل يوم "هبشة" من مال الدولة..

في الصباح الباكر حمل أوراقه تحت إبطه ودخل إلى الدائرة الحكومية باتجاه مكتب الموظف المختص وعندما وصل استغرب الازدحام الشديد أمام مكتبه فاستفسر عن السبب قالوا له الأخ "عم يفطر" وانتظر المراجعون لحدود الساعة حتى فتح "سيادته" الباب وقال.. نعم ماذا تريدون لا يوجد اليوم استلام معاملات.. اليوم عندنا تدقيق.. تعالوا غداً..؟!!

حاول أبو أحمد أن يشرح له ظروفه الصحية التي لا تسمح له المجيء كل يوم فلم يفلح، فجلس على كرسي كان بجوار المكتب المختص بمعاملته ليرتاح قليلاً، لكن بهذا القليل من الوقت شاهد العجب، فحضرة الموظف الذي"فبرك" حكاية التدقيق راح يمارس عادته اليومية بتيسير أمور المعاملات من تحت الطاولة.

هذا مثال واحد، وغيره الكثير لما يحدث في مؤسساتنا ودوائرنا الحكومية، فقد أصبح الموظف فيها عينه "لبرّا أكثر من جوّا"

وعلى المواطن أن ينتظر الرحمة والشفقة لإنجاز معاملته وإلا عليه أن يدفع..!!

من هنا تبدأ بذرة الفساد تنمو وتترعرع وتنتشر في كل مفاصل المؤسسة، والطامة الكبرى أن يكون رأسها فاسداً فحينها على المواطن السلام، فلا تزعل يا أبو أحمد فأنت واحد من بين عشرات الآلاف من المواطنين الذين ينتظرون أيام حتى تنجز معاملاتهم أمرك لله والشكوى لغيره مذلة.