كان هناك غابة جميلة يعيش سكانها في نظام ومحبة, ويتعاونون مع بعضهم البعض ويتجاورون على المودة والإخاء, وفي يوم من الأيام أصاب القحط أرجاء الغابة والحيوانات تفتش عن طعامها في كل أنحاءها وتجدّ في سعيها في هدوء وأمان.
وإذا بصوت النمر يزمجر بالغابة ويملؤها رعباً, فخافت الحيوانات وتركت ماكانت تبحث عنه وصار همها أن تختبى وتتوارى عن أعين النمر الغاضب والجائع.
وبينما كان النمر يقفز من مكان لآخر بحثاً عن طعام يسكت فيه جوعه, وإذ وقع نظره على سلحفاة صغيرة لم تستطع الاختباء لأنها بطيئة الحركة, فأوقفها النمر الجائع وقال لها: أليس في الغابة حيوان أكبر منك يسكت جوعي؟
فقالت السلحفاة: إنني يا سيدي النمر مسكينة فجميع الحيوانات تستطيع الاختباء إذا داهمها خطر ما أما أنا فلا.
فقال لها النمر: اسكتي أيها الصغيرة, سآكلك رغماً عنك فإنني لم أجد أرنباً أو غزالاً, ووجدتك في طريقي فهل أتركك وأنا أتضور جوعاً?
فقالت السلحفاة: إنك لن تشبع سيتحرك الجوع فيك أكثر. فكشّر النمر عن أنيابه وأظهر مخالبه الحادة وصاح فيها قائلاً: لن تستطيعي إقناعي سآكلك يعني سآكلك. فردت عليه السلحفاة بأسى: رضيت بما قدره الله لي ولكن قبل أن تأكلني لي عندك رجاء. فقال لها النمر: ماهو؟ فأجابته السلحفاة: لا تعذبني قبل أكلي, فإني أرضى أن تدوسني بقدميك, أو أن تضربني بجذع شجرة ضخمة.. ولكني أرجوك ألا ترميني بهذا النهر.
فضحك النمر وقال لها: سأفعل عكس ما طلبت مني, بل سأرميك أيتها المخلوق الصغير البطيء. فتظاهرت السلحفاة بالبكاء والخوف الشديد فأخذها النمر ورمى بها في النهر, ولكن السلحفاة الذكية ما لبثت أن ضحكت وقالت النمر: يالك من حيوان غبي ألا تعرف أنني أعيش في الماء ولا أخاف منه لأني أجيد السباحة؟
ليس العبرة في ضخامة الأجسام وإنما العبرة في فطنة العقول, وهكذا استطاعت السلحفاة أن تنجو من النمر بفضل ذكائها.
