الأربعاء 2009-10-14 12:43:35 مصارف
رفع الحد الأدنى لرأسمال المصارف الخاصة آخر (مستحضرات تجميل) السوق
الصيغة الأولية أخافت... والنهائية طمأنت... وحملة الأسهم بانتظار معرفة إحداثياتهم
رفع الحد الأدنى لرأسمال المصارف الخاصة آخر (مستحضرات تجميل) السوق
 
أصدرت إحدى الصحف العربية مؤخراً ملحقاً خاصاً بالمصارف، وكي لا أتهم بالترويج لتلك (الحرفنة) الإعلامية الاقتصادية سأكتفي بنقل الإحساس الذي انتابنا ونحن نقلب صفحات ذلك الملحق، حيث بالتزامن مع هذه الحالة يمر في الذاكرة شريط كما الذي يمرر في أسفل الشاشة عند بعض الأقنية التلفزيونية يومض باللون الأحمر.. (رفع رأسمال المصارف التقليدية إلى 10 مليارات ليرة كحد أدنى، والإسلامية إلى 15 مليار).. يتبعه تأكيد آخر على رفع رأس المال (الاسمي) لأربعة بنوك حكومية.. مع تضخيم لكلمة (اسمي) ولا نخفي أننا بتنا أمام وابل من التساؤلات من تقييم هذه القرارات، ما لها وما عليها.. توقيتها ونجاعتها فيما تهدف إليه... بعيداً عن زخم التطبيل والتزمير والتصفيق..
خبر عاجل...
قرر مجلس الوزراء مؤخراً في إحدى جلساته الأسبوعية رفع رأسمال المصارف الخاصة التقليدية ليصبح الحد الأدنى لها 10 مليارات ليرة سورية، ورأسمال المصارف الإسلامية ليكون الحد الأدنى لها 15 مليار ليرة، على أن يتم استكمال ذلك خلال 3-5 سنوات.
وجاء ذلك بعد اطلاع مجلس الوزراء على مذكرتي النائب الاقتصادي عبد الله الدردري وحاكم مصرف سورية المركزي (أديب ميالة) عرّابى التجديد المصرفي هذا، مع العلم أن الحكومة كانت أقرت في آب الماضي مشروع قانون تعديل بعض مواد القانون رقم 28 للعام 2001 القاضي برفع رأسمال المصارف الخاصة التقليدية إلى 300 مليون دولار أمريكي، أي ما يعادل تقريباً 15 مليار ليرة سورية... والمصارف الإسلامية إلى 500 مليون دولار أمريكي أي ما يعادل 25 مليار ليرة سورية، كذلك وبالعودة إلى الوراء زمنياً نذكر كيف قامت الحكومة في شباط من العام 2007 برفع الحد الأدنى من رؤوس أموال المصارف الخاصة إلى ثلاثة أضعاف، أي من 30 مليون إلى 100 مليون دولار للمصارف التقليدية، أما المصارف الإسلامية إلى الضعف من (100 مليون إلى 200 مليون دولار) بهدف جذب المؤسسات المصرفية الضخمة.
وللإشارة فقط نذكر أن عدد المصارف الخاصة المرخصة للعمل في سوقنا المحلية يبلغ 12 مصرفاً ثلاثة منها إسلامية.
إيقاعات
جدل كبير أثاره هذا القرار في الأوساط المعنية بالشأن المصرفي والمالي في البلد بين مؤيد ومعارض، أما المدافعون عن هذا النهج الجديد في العمل المصرفي وعلى رأسهم حاكم ليرتنا الدكتور ميالة فكان لهم رأيهم، وقد صرح مؤخراً أن رفع رأسمال المصارف ضرورة اقتصادية ومصرفية انطلاقاً من أن رأس المال الحالي وفق المعايير المصرفية لا يلبي حاجة السوق المحلية بإقامة مشاريع كبرى وتمويلها من خلال المصارف المحلية، والدرس الذي يجب أن نعتبر منه هو (مصفاة السكر الوطنية) كما نوه إليه الحاكم حيث احتاج تحالف عدة مصارف محلية وعالمية لتأمين التمويل ما يعني إخراج أموال سورية باتجاه المصارف الأجنبية الأمر الذي نحن بغنى عنه.
أما الدكتور أكرم الحوراني المختص في الشؤون النقدية فقد أكد لنا أهمية هذا القرار منوهاً على ضرورة أن يكون القرار متخذاً منذ زمن، لما لزيادة رأس المال من فوائد هامة ولما تقوم به من تقرير وضع المصرف وتقويته وتقليل المخاطر.. فالزيادة تصب في مصلحة المصارف على حد تعبير الحوراني حيث يصبح باستطاعتها توسيع أعمالها وزيادة فروعها الأمر الذي يغني عن فكرة زيادة عدد المصارف فالفروع تفي بالغرض، نافياً تأثير أسعار أسهم البنوك كون زيادة رأس المال تتطلب إعادة تقييم سعر السهم وتحديد قيمة اسمية جديدة.
وبالعودة إلى تصريح الحاكم فقد أكد مؤخراً أن البنك قيد التأسيس الذي حصل على موافقة مبدئية سيعامل معاملة البنوك المرخصة لجهة المهلة لخمس سنوات لإنجاز رفع رأس المال.
أما مدير عام بنك سورية الدولي الإسلامي (عبد القادر الدويك) فقد أكد في حديث خص به (القنديل) أن هذه الخطوة بزيادة رأسمال البنوك الخاصة أتت على الطريق الصحيح، وخاصة أن رأسمال أي بنك هو خط الدفاع الأول للمستثمرين في البنك، مشيراً إلى أن لجنة (بازل) طلبت من البنوك تحقيق كفاية في رأسمالها تتناسب مع حجم الموجودات لديها مثقلة بمخاطرها.
كما أكد الدويك أن السلطة التشريعية والنقدية في سورية ترغب في أن تكون البنوك العاملة في المدن السورية ذات حجم رأسمال كافٍ يتناسب مع حجم المتطلبات التنموية المطلوبة من القطاع المصرفي، فكما هو معروف أنه كلما كبر رأسمال البنك كلما كانت لديه مقدرة أكبر على تمويل المشاريع الكبرى من مشاريع البنية التحتية والتنموية والاقتصادية، كذلك تمليك البنك مقدرة أكبر على أن يحصل على سقوف ائتمانية أكبر من البنوك المراسلة في الخارج ما يعزز دور البنوك ومقدرتها في عملية التجارة الدولية.
كما نوه (الدويك) أن القرار وفقاً لمذكرتي الحاكم والنائب الاقتصادي قد (خفض) رأسمال البنوك من المستويات المقترحة 300 مليون دولار للإسلامية، إضافة لمنح البنوك مهلة زمنية تصل إلى سبع سنوات لاستكمال هذه الزيادة، الأمر المتناسب مع حجم التطور التدريجي لزيادة أعمال البنوك، مضيفاً أن هذه الخطوة إنما يتطلب اتباعها بمجموعة من الإجراءات الضرورية مثل تفعيل قانون الصكوك والأسهم الإسلامية المزمع إصداره في بداية العام القادم.
من الضفة الأخرى...
إلى جانب الرأي (المدافع) عن خطوة زيادة رأسمال البنوك الخاصة نجد أصواتاُ أخرى تعلق على القرار من حيث التوقيت أولاً، فتجده غير مناسب لعدة أسباب منها تراجع الاستثمار وقلة الفرص المتاحة للاستثمار إلى جانب نقص السيولة... وهناك من يرى أن هذه الخطوة يمكن اعتبارها (غير ترحيبية) بالمصارف الجديدة التي تفكر بالعمل في السوق المحلية.
أما مصعب سلايمة مدير الإصدارات الأولية في شركة إيفا للخدمات المالية فقد أكد أن هذا القرار أصبح أفضل بكثير بعدما أقره مجلس الوزراء، حيث قام بتخفيض الحد الأدنى لرأسمال البنوك الخاصة من المقترحات السابقة، إضافة إلى تمديد المهلة لزمنية لتصل إلى سبع سنوات بدلاً من الخمسة.
في حين أكد الدكتور مظهر يوسف أن المستويات الجديدة للحد الأدنى لرأسمال البنوك الخاصة كما وردت في القرار بسيطة وطبيعية ولا تعد مبالغ كبيرة بالنسبة للقطاع المصرفي، وهذا لا يشكل أي إعاقة للبنوك الجديدة التي تفكر بالعمل في سوقنا المحلية.
كلام (بورصات)
بما أن القطاع المصرفي هو المستحوذ الأكبر على الأسهم المتداولة في سوق دمشق للأوراق المالية وهو القطاع الأكبر، حيث يبلغ عدد البنوك المدرجة أسهمها في البورصة ستة مقابل 11 شركة مدرجة في جمع قطاعات البورصة، لذا من الطبيعي جداً أن تتأثر أسعار أسهم البنوك بالتزامن مع قرار رفع الحد الأدنى لرأسمال البنوك الخاصة، وأبسط الآراء التي بدأت تنتشر هو انخفاض أسعار أسهم القطاع المصرفي في السوق المالية نظراً لأن البنوك سوف تقوم بطرح أسهم جديدة متناسبة مع حجم الزيادة في رأس المال، وهناك من ذهب برأيه إلى أن سعر السهم لن يتأثر أبداً.
لكن وجهة النظر الأكاديمية أتت مخالفة لجميع تلك الطروحات، فقد أكد لنا الخبير المالي سائد عيسى للوه من الشركة الأولى للاستثمارات المالية أن أسعار أسهم القطاع المصرفي (حسابياً) سوف تنخفض نظراً لإعادة تقييم السعر وطرح سعر جديد في السوق عند زيادة رأس المال بطرح أسهم جديدة يفضل أن تبدأ بطرحها على المساهمين.
لكن (منطقياً) وعلى أرض السوق فالموضوع مختلف جداً، كون أسعار أسهم القطاع المصرفي سوف ترتفع عن مستوياتها السوقية بسبب ازدياد تمسك المساهمين بأسهمهم مع ازدياد رأسمال البنوك الذي يعني توسع نشاطات البنك وتقوية وتعزيز دائرة أعماله، فيصبح التفكير باستثمار الأسهم ليس للمضاربة وإنما للحصول على حصص الربح من البنك هو المسيطر على إيقاع التداول في السوق، ويقل بذلك عرض أسهم المصارف للبيع وبالتالي ارتفاع أسعارها.
حول سندات الخزينة
هناك من يقول بأنه طالما السيولة متوافرة، والمطلوب هو توفير مبالغ كبيرة مطلوبة للاستثمارات الكبرى في البنى التحتية والكهرباء والموانئ والمطارات... وغيرها من المشاريع الاستثمارية الضخمة، فقد كان حريٌّاً بالحكومة تفعيل موضوع سندات الخزينة في الوقت الحالي دون فرض حد أدنى لرأسمال البنوك جديد تمت زيادته بنسبة ليست قليلة عن مستوياتها الأدنى وقت التأسيس، فمن شأن سندات الخزينة أن تؤمن مصادر تمويل طويلة الأجل للحكومة يمكن الاستفادة منها في تمويل المشاريع الاستثمارية الكبرى دون الحاجة للجوء إلى المصارف سواءً الخاصة المحلية أو الخارجية، فيما لو تم إدارة هذه التمويلات بشكل مدروس وحذر في أقنية استثمارية وليس في تمويل العجز.
بينما يرى الدكتور مظهر يوسف أن زيادة الحد الأدنى لرأس مال المصارف أمر يساعد البنوك الخاصة لشراء سندات الخزينة، ولا يمكن الربط بين موضوع رفع الحد الأدنى وموضوع سندات الخزينة، مؤكداً أن القرار إيجابي وهذه الزيادة من شأنها توسيع دائرة مصادر التمويل في البنوك والتي يأتي رأس مال البنك في مقدمتها، كما تضم الأموال الاحتياطية والودائع ووسائل أخرى حسب البنك
 
القنديل
علي نزار الآغا
جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays / finance © 2024