السبت 2010-07-31 12:46:25 بدون مجاملة..
التعليم العالي والبحث العلمي... كذبة تزيف حقيقة انحطاط أمة إقرائ إلى أمم "هز يا وز"
التعليم العالي والبحث العلمي... كذبة تزيف حقيقة انحطاط أمة إقرائ إلى أمم "هز يا وز"
 
كتب (علي نزار الآغا)
 
أية كلمات تصلح لتحمل أمانة الاحساس والشعور بالعدم... أو اللا-شعور بقيمة الحياة والوجود الانساني، أي حروف يمكنها أن تحمل كل هذا الكم من الإحباط واللاقيمة لشيئ...
 
ما رأيك صديقي القارئ بوجود 175 جامعة عربية في الوطن العربي، لايمكنك أن تجد أي منها مهما بلغت "عراقتها" ضمن قائمة أفضل 5000 جامعة عبر العالم ؟!
ما رأيكم بوجود 1000 معهد عربي مرتبط بقضايا البحث العالمي... وأكثر من 10 ملايين جامعي تخرجهم الجامعات العربية... وأكثر من 300 مليون مواطن عربي، ليس لهم أي أثر حضاري يذكر طالما هم في بلادهم... مع العلم أن هذه الأعداد تتفوق حتى على الولايات المتحدة الأمريكية ؟!
مارأيكم بمعلومة مهما أنكرها البعض يبقى الواقع أصدق، وهي أن معدل قرائة المواطن العربي لايتجاوز الربع صفحة سنوياً، مقابل 11 كتاب للمواطن الأمريكي و7 كتب للأوربي... إننا أقل الأمم إنتاجاً فكرياً وطباعة وتأليف وإعداد وترجمة..؟ّ!
مارأيكم بأن معدل توزيع الصحف العربية لايتجاوز 1.2 صحيفة لكل ألف مواطن في بعض الدول العربية.. وأن أهم الكتب لايطبع منها أكثر من 2000 نسخة فقط في الطبعة الواحدة، أمام عدة ملايين نسخة لرواية فرنسية مثلاً ولكاتب لايحظ بشهرة كبيرة..؟!
 
دعاية اسمها البحث العلمي ومجتمع المعرفة في العالم العربي، تشبه بواقعيتها بلاد العجائب ومغامرات أليس... أين البحث العلمي وأين العلمائ... أين الكتب والمؤلفات، أين مجلات الرياضيات والفيزيائ والكيميائ والبيولوجيا والجيولوجيا والطب والصيدلة... أين مجلات الاقتصاد والمال والأعمال والادارة، أين مجلات الفلسفة وعلم النفس وعلم الاجتماع والآثار والفنون الجميلة... أين مراكز الأبحاث ومستوعبات التفكير وأين نتاجها... ؟!
بعد أن كتبت أحاججك يا مفكرنا "أدونيس" لعدم الاتفاق معك على مصطلح انقراض الثقافة العربية، ومازلت متشبثاً بمعارضتك اللفظية، اسمح لي أن أستعير سؤالك المشهور.. "لو اجتمع الأميركي والأوروبي والعربي على سبيل المثال على طاولة واحدة ترى ماذا يمكن ان يقدمه العربي؟... لا شيء " نيسان/ 2009.
 
لن نختلف معكم على مدى شهرة المغنيات و"فنانات" الاستعراض كحالة عامة تنسحب على جميع الشعوب والأمم، عربية وأوربية وأمريكية و... فمثلاً من منا لم يسمع بـ مارلين مونرو أو مادونا وبريتنسي سبيرز... من الكبير إلى الصغير وحتى المقمط بالسرير، كذلك حال هيفا وهبة والموجة الهيفاوية التي غزت "ثقافتنا" وتفاصيل حياتنا بدأً بجدران الكراجات وحتى الجدران الأثرية في أرقى وأقدس أماكن التاريخ العربي... ولكن مقابل مونرو، من منا لم يسمع بـ بيل غيتس والثورة الرقمية والتكنولوجية، عداك عن رموز الأدب والسينما والاقتصاد والاجتماع والفلسفة... أسمائ تخالها تعيش بيننا، فماذا في جعبتنا مقابل ذلك... نحن اكتفينا بهيفا و "كفا الله المؤمنون شر القتال"...؟!
 
"رشدي رشاد" المواطن العربي الأصل، في فرنسا أصبح بروفسور، وهو يشغل منصب مدير الأبحاث في المركز القومي الفرسي للبحث العلمي، كان مؤخراً في لقائ خاص بث من باريس لبرنامج (بلا حدود) في قناة الجزيرة التلفزيونية، طرح عبارة لاتصلح إلا لشعار من العيار الثقيل وإن حمل أسلوب النصح بقوله "يجب علينا توطين العلوم وليس استيرادها"... بعض العرب اليوم يبحثون في قضية توطين أكثر أهمية من ذلك والجميع يعرفها اليوم...؟!
ومن جهة أخرى ربط حجم الترجمة في بلد بحجم نهضة هذا البلد، مستشهداً بتركيا واسبانيا... فماذا لو أسقطنا ذلك على دول العالم العربي..؟!
وفي نفس السياق خلص رشاد إلى نتيجة أن النهضة لايمكن أن تكون في ميدان واحد من الميادين, فالنهضة لاتكون نهضة حقيقية إلا إذا كانت شاملة لكل الميادين.. ليصل إلى فكرة أن النهضة العلمية ومجتمع المعرفة في العالم العربي لايمكن أن يسود إلا باللغة العربية، فماذا فعلنا حيال ذلك كله..؟
 
هنا أذكر قول أحد الاعلاميين الكبار في حديث معه، وهو أننا عندما كنا صغار في بلداتنا الصغيرة لم يكن لدينا وسيلة للعب سوى العصا، فكانت تكون في بعض الأحيان سيوفاً نشهرها في ساحات البلدة ونختلق الحروب الطفولية، ثم بعد برهة تتحول تلك العصي إلى سيارات شرطة وأسعاف وسيارات لصوص من صنع الخيال تطارد بعضها بعضاً في الأزقة والحارات... وهكذا كانت تلك العصي تتحول لأي شيئ نرغب به، ولكن عندما يحل المسائ ونذهب لبيوتنا، تعود تلك العصي لحقيقتها الواقعية، وهي أنا مجرد قطع خشبية ليس إلا، وتلك الأخيلة التي تشكلها لم تكن أكثر من خيال، أو أشيائ تشبه السيارات والسيوف... وهذا الأمر ينسحب على تلك المؤسسات التعليمية والبحثية في بلادنا العربية، والتي تشبه الجامعات ومراكز البحث العلمي... لو نظرنا إلى حجم النتاج الفكري والعلمي الذي تقدمه لإغنائ الثقافة والفكر والنهضة العربية.
 
وكما يقولون ناقل الكفر ليس بكافر، وهذا أحاول إيصاله في هذه السطور، فالأمر أكثر من واقعي رغم لامنطقيته الشديدة، ولكي لاننقص من قدر المحاولات هنا وهناك لحفظ مائ وجه حضارتنا العربية، إلا أن الأمر لاينقصه التقصير، أو بالأحرى المحاولات والجهود الفردية التي تبقى عاجزة عن تغيير الحال لوحدها... لذا يجب علينا فتح باب الحوار والنقاش والحراك في هذا الشأن، كي نتوصل سوية لمعرفة نقاط الضعف، فنرممها، ونقاط القوة فنستثمرها أفضل استثمار... وليكن الموضوع المطالبة بنهضة عربية شاملة، ولوتأخرنا، فأن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبداً، وكلنا مسؤول أمام الأجيال القادمة عن مصير حضارتنا العربية، ولتكن دعوة صريحة لحمايتها من "الانقراض" مع التحفظ الشديد على هذه اللفظة، ونقل إيقاظها من سباتها الطويل.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays / finance © 2024