الخميس 2010-07-15 14:16:07 مصارف
في ظل ما تعانيه من تحديات تحول دون الالتزام .. ماجدوى مديرية الالتزام في مصارفنا؟ ميالة: وضعنا خطة نموذجية لكافة المصارف السورية لتطبيق محاور بازل 2 .. وديبو: يلزمنا وقت وجهد كبيرين لتطبيقها..!
في ظل ما تعانيه من تحديات تحول دون الالتزام .. ماجدوى مديرية الالتزام في مصارفنا؟ ميالة: وضعنا خطة نموذجية لكافة المصارف السورية لتطبيق محاور بازل 2 .. وديبو: يلزمنا وقت وجهد كبيرين لتطبيقها..!
بورصات وأسواق  - فادي بك الشريف       
 تنبهت الدول المتقدمة في الآونة الأخيرة إلى خطورة الأزمات المالية وما تحدثه من تدمير اقتصادي، وشعرت بأهمية تفعيل الرقابة المصرفية بهدف تجنب مثل هذه الأزمات والتخفيف من وطأتها، ليس فقط في الدول التي حدثت وتحدث فيها هذه الأزمات، وإنما على المستوى المصرفي الدولي, هذا ما دفع الدول الصناعية الكبرى عن طريق بنك التسويات الدولية BIS إلى السعي لوضع قواعد آمنة وآليات مشتركة بين المصارف المركزية تضمن سلامة الأعمال المصرفية في دول العالم، وتقوم بالتنسيق بين السلطات الرقابية لتقليل المخاطر التي تتعرض لها المصارف، لأن الخلل في المصارف يؤدي إلى خلل في أداء الاقتصاد الكلي، وأن الأزمات المصرفية تنتقل من دولة لأخرى ويكون لها تأثير على أداء الاقتصاد العالمي ككل، ويعتقد الخبراء بأن أحد أهم أسباب الأزمة المالية الأخيرة أو أزمة الرهن العقاري التي عصفت بالولايات المتحدة الأمريكية والتي انعكست آثارها المالية السلبية على كافة دول العالم ليست إلا عدم قيام إدارات المصارف بالتطبيق الكامل والصحيح لمبادئ الرقابة المصرفية الفعالة ومعايير بازل 2 .
لقد أدركت لجنة بازل للرقابة والإشراف المصرفي أهمية الاهتمام بالملاءة المصرفية الخاصة بكفاية رأس المال والرقابة الداخلية، وبدأ الاهتمام بضرورة تطبيق مفاهيم الحوكمة الحديثة والتدقيق الداخلي لدى المصارف، وبات الالتزام بالأنظمة والتعليمات والمعايير الدولية أحد أهم أسس وعوامل نجاح المؤسسات المالية والمصارف على حد سواء، لكونه يحافظ على سمعتها ومصداقيتها وعلى مصالح المساهمين والمودعين، ويوفر لها الحماية من العقوبات النظامية، لذلك وحرصاً من لجنة بازل للرقابة المصرفية الفعالة قامت اللجنة في شهر نيسان 2005م باعتماد وإصدار الـورقة الخـاصة بوظيفة الالتزام في المصارف حيث طالبت اللجنة بإحداث وحدات خاصة للإلتزام في المصارف ، حيث يقع على عاتق  مجلس الإدارة والإدارة العليا مسؤولية كبيرة وهامة في متابعة توجهات المصرف المركزي كما يتحمل كافة الموظفين العاملين بالمصرف مهامها ومسسؤولياتها و كل حسب صلاحياته والمهام المناطة به؟
 
دور الالتزام في المواءمة بين مكافحة غسل الأموال والمتطلبات الرقابية الأخرى
في فندق ديديمان دمشق انطلقت  على مدار يومين  فعاليات المنتدى السادس لمديري لاالتزام ، والذي تناول المستجدات في الأطر التشريعية والرقابية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والمشكلات العملية في التنسيق المؤسسي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والحلول المقترحة له، والاستراتيحجية المتبعة في تأسيس وظيفة الالتزام في نظاقها الواسع وفقاً لتوصيات لجنة بازل والممارسات الأفضل، ووظيفة الالتزام وعلاقتها بإدارة المخاطر والتدقيق الداخلي ، ودور الحوكمة السليمة في تعظيم كفاءة وفاعلية وظيفة الالتزام في المصارف ، إضافة إلى  حالات عملية عن آثار الفشل في الالتزام بالأطر التشريعية والرقابة وتطبيق الحوكمة المؤسسية – دروس مستفادة من الأزمة العالمية .
وقد حضر هذا المنتدى كلاً من  د. أديب ميالة حاكم مصرف سورية المركزي ود. فؤاد شاكر الأمين العام لاتحاد المصارف العربية، ود. محمد بعاصيري نائب حاكم مصرف لبنان والرئيس السابق لمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ود. ملهم ديبو المدير العام للمصرف العقاري عضو مجلس إدارة اتحاد المصارف العربية، إضافةً للخبراء وذوي الاختصاص في شؤون الرقابة المصرفية ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
جهوداً كبيرة للالتزام باتفاق بازل2
أشار د. أديب ميالة حاكم مصرف سورية المركزي إلى مابذله المركزي من جهود لتطبيق المعايير الصادرة عن لجنة بازل للرقابة المصرفية فيما يخص إدارة مختلف أنواع المخاطر بهدف بناء نظام مصرفي آمن وسليم وذي كفاءة عالية، إذ تم وضع خطة نموذجية محددة لكافة المصارف السورية للبدء بتطبيق المحاور الثلاثة لاتفاق بازل2 كما تم تحديد نهاية عام 2011 كتاريخ لالتزام المصارف بالتطبيق، كما تم التركيز بشكلٍ أساسي على المحور الثاني المتعلق بإدارة المخاطر والإدارة الرشيدة حيث أصدر مصرف سورية المركزي دليلي الحوكمة لكل من المصارف التقليدية والإسلامية يستند كل منهما إلى المعايير الدولية في هذا المجال.
وأضاف ميالة: إن مصرف سورية المركزي يحرص على التأكّد من استمرار المصارف العاملة السورية بتوفيق أوضاعها للالتزام بالمتطلبات الرقابية سواء من خلال تفعيل دور مجالس الإدارة في عملية إدارة المخاطر وذلك من خلال إحداث مديريات خاصة لإدارة المخاطر وتفعيل دور التدقيق الداخلي لمتابعة المخاطر التشغيلية والثغرات في نظام الضبط الداخلي وكذلك تفعيل دور اللجان المنبثقة عن مجلس الإدارة والتي لها الدور الأكبر في زيادة وعي المجلس للمخاطر التي قد يتعرض لها المصرف ومن ضمنها إمكانية  حدوث عمليات غسل للأموال وتمويل الإرهاب والتي يزيد من فرص حدوثها التقدم في وسائل النقل وتقنيات المعلومات والاتصالات وعولمة الخدمات المالية التي أدت لنمو الجريمة المالية والتي أصبحت أكثر سهولة من خلال استغلال هذا التقدم وهذه الانجازات للتستر على الجرائم والتعتيم على المصادر الحقيقية للأموال ما استدعى مزيداً من الاهتمام على المستوى العالمي بمكافحة عمليات غسل الأموال وتطوير آليات العمل للحد من هذه الجريمة.
إحداث مديرية اللتزام
وتماشيا مع التوجه العالمي لحوكمة الشركات والمؤسسات المالية وتوجيهات مصرف سورية المركزي جاء قرار مجلس النقد والتسليف رقم 534 بتاريخ 16/7/2009 الخاص بإحداث مديرية مستقلة تحت اسم "مديرية الالتزام" تتبع مباشرة لمجلس إدارة المصرف بما يضمن استقلاليتها وحسن قيامها بعملها وتكون مسؤولة القاضي بضرورة إحداث مديرية مستقلة لدى المصارف العاملة في الجمهورية العربية السورية تحت اسم مديرية الالتزام تكون مسؤولة عن مراقبة مدى التزام المصارف بالقوانين والأنظمة وخاصة المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بهدف بناء نظام فعال لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بالتوازي مع توجهات الحكومة الرامية لخلق بيئة تنافسية اقتصادية.
ويرى د. ميالة  أن ممارسة وظيفة الالتزام من خلال مديرية واحدة تضم وظائف الامتثال الخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بالإضافة لوظائف الامتثال للقوانين والأنظمة النافذة الأخرى من شأنه إيجاد المواءمة المتوخاة بين إجراءات مكافحة غسل الأموال والمتطلبات الرقابية الأخرى.
صعوبات وتحديات تواجه مصارفنا
وفي هذا السياق كان لـ بورصات وأسواق وقفة مع د. ملهم ديبو مدير عام المصرف العقاري حيث لفت لصعوبات تتحدى مصارف القطاع العام في تأمين الكادر المناسب لهذه المديريات (الالتزام – المخاطر- التدقيق الداخلي)، فالإحداث ليس بالأمر الصعب معتبراً أنّ الصعوبة تكمن في تفعيل هذه المديريات، وانخراطها في العمل المصرفي الحكومي بما يخدم متطلبات مصرف سورية المركزي، وما يخدم المعايير الدولية( بازل 1- بازل 2) والحوكمة والإدارة الرشيدة في هذه المصارف .
وأضاف ديبو:  لدينا في العقاري صعوبات نحاول تخطيها ترتبط  بتأمين الكادر وتدريبه وتأهيله ، فليس من السهولة أن تستقطب المصارف الحكومية القدرات من الخارج، أو تجري تعين موظفين جدد لديهم قدرات على اعتبار أنّ المصارف الحكومية مقيدة بسقف رواتب وأجور ، وبالتالي أنت تعتمد على الكادر الداخلي الموجود بإعادة تاهيله، معتبراً أن لدى المصرف بنية تقنية حديثة  وبرمجيات مصرفية ودورات مستمرة ومع هذا يعاني العقاري من صعوبات، إذ بحاجة لوقت لايقل عن العام او العامين لكي تكون هذه المديريات على المستوى المطلوب عالمياً.
ولدى السؤال عن  مدى قدرة المركزي على تطبيق تعليماته الرقابية الخاصة بضبط المخاطر والسيولة المصرفية قال مدير العقاري: المركزي دائماً يرفع السقف ويضع متطلبات جداً لاتراعٍ أن المصارف  يلزمها الوقت والجهد  الكبير لتطبيقها، والغاية من ذلك وجود معايير دولية يجب أن تطبق على المصارف العاملة في سورية ، وعكس ذلك ستقع في مخاطر السمعة ومخاطر المعايير التي تضعها المؤسسات المالية الدولية ، لتصنيف هذه المصارف مما ينعكس سلباً على اداء المصارف ونشاطها في الداخل والخارج.
د. ديبو قدم مقترحاً للمركزي يتجلى بضرورة توفير برامج محددة يقوم بوضعها  المركزي بهدف  تطوير أداء المصارف كافة عامة وخاصة، حيث يتم تطبيق هذه البرامج بالتنسيق مع المصارف العاملة وتحدد حسب حاجاتها الخاصة.
وعن المنتدى السادس لمديري الالتزام ذكر د. ديبو أنّ  المؤتمر فرصة لتجارب الأعمال التي تقوم بها مديريات الالتزام في جميع المصارف ما يؤدي لتبادل الخبرات وزيادة المعلومات التي نحن بأشد الحاجة إليها ،لافتاً إلى أنّ المنتدى جاء بوقته، ويجب متابعة جميع المؤتمرات الدولية لكي يصل صوتنا ونظهر مكانة العمل المصرفي في سورية، والذي يسير باتجاه الهدف الصحيح، وأن يكون لنا معايير تنطبق علينا  كباقي المصارف الأخرى الدولية.  
إنجازات على الصعيد الداخلي
وركز باسل صالح أمين سر هيئة مكافحة غسل الأموال خلال الجلسة الأولى بعنوان " المستجدات في الأطر التشريعية والرقابية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في دول مينافاتف"  على أهم ما اتخذ  على الصعيد الداخلي فقد تم إصدار المرسوم التشريعي رقم/59/ لعام 2003 الخاص بمكافحة غسل الأموال وتعليماته التنفيذية بالقرار رقم/692/ تاريخ 19/2/2004، وتم تعديل ذلك بالمرسوم التشريعي رقم/ 33 / لعام 2005 لينسجم مع التوصيات الأربعين لمجموعة العمل الماليFATF والتوصيات التسع الخاصة بتمويل الإرهاب، إضافة لتعديل قانون السرية المصرفية بما يحول دون جعلها عائقاً في وجه جهود مكافحة غسل الأموال وتمويل الارهاب .
وأضاف الصالح : تم إنشاء "هيئة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب" في سورية لتكون وحدة تحريات مالية مستقلة في ظلّ المرسوم التشريعي رقم 33 لعام 2005 كخطوة أساسية لبناء نظام فعال لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وقد عملت هذه الهيئة منذ تشكيلها على بذل أقصى الجهود لحماية النظام المالي والمصرفي من عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، حيث أصدرت عدة تعاميم تضمنت نماذج التحقق من هوية العملاء ونماذج تقارير العمليات المشبوهة،وقد اصدرت الهيئة القرار رقم 6 الخاص بمراقبة العمليات في المصارف والقرار رقم 8 الخاص بمراقبة انتقال الاموال عبر الحدود والقرار رقم 9 الخاص بنظام مراقبة العمليات لدى شركات الصرافة وتحويل الاموال.
أمين سر الهيئة اعتبر في معرض رده على سؤال أحد المشاريكين المصرفيين حول : عدم تواجد مديرية الالتزام في كافة المصارف بالقول: المصارف الأكثر التزاماً هي التي لديها مديرية التزام.
وعلى صعيد ما سبق .. لا نود أن ننكر أهمية انشاء مديرية للالتزام في المصارف والفوائد الكبيرة التي تقدمها هذه الوظيفة المهمة، ففي اوروبا (الدويتش بنك مثلاً) يعتبر مدير الالتزام في المصرف الرجل الثاني من بعد المدير العام وهو قادر على ايقاف أي نشاط مصرفي أو عدم تنفيذه في حال ارتأى أنه مخالف للقانون، ويبقى السؤال وبعد اصدار القرار رقم ..534. من مجلس النقد والتسليف الذي يطالب فيه بتأسيس مديرية الالتزام..
هل الوقت مناسباً لهذا القرار، وهل تتوافر في السوق المصرفية البيئة، التشريعات، الأدوات والخبرات اللازمة لادارة التزام في المصارف، لذا ومن وجهة نظر مختصي بعض المصارف السورية باختلافها نستعرض عدداً من الصعوبات والتحديات التي تواجه مصارفنا العاملة في هذا الخصوص:
o       ضعف الارشاد الرقابي: فمنذ صدور القرار لم يتبعه أية توضيحات أو إرشادات تنفيذية حول كيفية تطبيقه على أرض الواقع، فهو ينص على ضرورة تشكيل مديرية الالتزام التي تسعى للتحقق من التزام المصرف بكافة القوانين المرعية ورفع تقاريره الى لجنة عليا تتبع مجلس الادارة (حيث مازال الخلاف حول تحديدها قائماً حتى تاريخه في داخل المركزي)، ،كما أنه لم يحدد "كافة القوانين" الواجب الالتزام بها، ومن يجتمع بمدراء الالتزام لدى المصارف يستمع لمئات التساؤلات الصادرة منهم بدون اي إرشاد من المركزي، والنتيجة: حتى تاريخه.. لا يوجد دليل اجراءات إرشادي موحد  في المصارف "خاص بالالتزام"،  و بالتالي لا يوجد أي دليل خاص بالرقابة على أعمال الالتزام في المصارف.
o       جهات إشرافية غير واضحة: حيث أنّ أمين سر هيئة مكافحة غسل الاموال يتدخل بشكل مستمر في مدى التزام المصارف في تطبيق القرار المذكور، بالرغم من أن واجباته الأساسة متعلقة بمتابعة مكافحة غسل الاموال وليس الالتزام بكافة القوانين المرعية فقط وبدون تكليف (علني على الأقل)، حتى أنه يدير مقابلات اختيار مدراء الالتزام المرشحين من قبل المصارف بدون ان تتضمن تلك المقابلات اختبارات حقيقية لمعرفة مدى احاطة هؤلاء "بالقوانين المرعية").
o       وبمناسبة المقابلات الخاصة باختيار مدراء الالتزام: فقد لوحظ صغر أعمار موظفي الالتزام وضعف خبراتهم المصرفية، إذ أن المصارف الخاصة تقوم باختيارهم ممن هم ذو خبرة مصرفية حديثة لاتتجاوز الخمس سنوات من بعد التخرج (ربما ليتمكنوا من التحكم بهم كيفما شاؤوا)  وبعضهم من أصحاب الخبرات الأردنية، اللبنانية، الخليجية، الأوروبية أو الأمريكية ممن ليسو على دراية بقوانين البلد، وقد اختارتهم بعض المصارف ظناً منها بانها تستقدم الخبرات المثلى للقيام بالعمل المطلوب، والأصح هو وجود مدير التزام ممن لديه خبرة واسعة في العمل المصرفي في سورية، الأمر الذي لم يتحقق حتى تاريخه.
ونستطرد فنقول: لغاية تاريخه لم تلتزم أغلب المصارف في تشكيل إدارة للالتزام بل مازالت في أغلبها عبارة عن وحدة إدارية تتألف من موظف أو اثنين على الأكثر بدون وجود مسمى وظيفي لأحدهم كمدير للالتزام ( على الرغم من موافقة المركزي على الشخص المرشح)، ويبقى الاستفسار من موظفي المصارف بكيفية قيامهم ببمارسة مهامهم الوظيفية دون تسمية فعلية لهم، وتبقى الإجابة من قبل أمين سر الهيئة ( لا تهم التسمية بل ممارسة مهام المديرية) أي حتى إشعار آخر.
o       الطبيعة العائلية للمؤسسات المصرفية: نشير هنا لأكبر عائق في تنفيذ قرار مجلس النقد والتسليف والتي تظهر بالطبيعة العائلية للمؤسسات المصرفية في سورية، والأسلوب الإداري العتيق الذي يسود مؤسساتنا المصرفية، فمدير الالتزام في أي مؤسسة مصرفية عربية لا يقارن بذلك المدير في سيتي بنك بأميركا أو باركليز بنك في بريطانيا، فكيف بسورية، فإنّ أغلب كيانات الالتزام الموجودة داخل المصارف ماهي إلا هياكل ودمى تحرك من قبل الإدارات التنفيذية للمصرف، فمن ذاك المدير (الموظف) القادر على الوقوف بوجه مدير مصرف خاص ليخبره بأن هذا النوع من القروض مخالف للقانون (مثلاً) بدون أن يعرض نفسه لخطر النقل من وظيفته أو الطرد خارج المصرف، وبالتالي ليس المعيار هنا في كون المصرف أكثر التزاماً من غيره بأن يكون له مديرية التزام ... اذ قد تكون هيكلآ لا وزن له.. وغطاء يخفي الحقيقة الكبيرة (( بأن لا التزام في المصرف)).
o       صعوبة التطبيق على أرض الواقع: نظراً لتشابك وتعقد العلاقات الحكومية، فمن المعروف بأن وزارة المالية هي الجهة الحكومية المسؤولة عن المصارف في حين أن التشريعات المصرفية تصدر من قبل مجلس النقد و التسليف وهيئة مكافحة غسل الاموال، وتتواجد وزارة الاقتتصاد من طرف آخر فيما يتعلق بالتجارة الخارجية.
o       يضاف إلى ما سبق.. فإنّ عملية جمع القوانين ودراستها واختيار من هو مؤثر في العمل المصرفي ليس بالأمر السهل خاصة في ظل غياب التعاون الحكومي مع المصارف وصعوبة التي يواجهها المركزي في  توفير هذه القوانين الى المصارف الخاصة.
جهود لاتنسى ..ولكن ؟
وبدورنا .. لا ننسى الجهود المبذولة من قبل مصرف سورية المركزي وحاكمه الدكتور مياله في مواكبة التطورات العالمية والاهتمام بالرقابة والتدقيق وتقييم المخاطر لدى المصارف من خلال الالتزام الأمثل بالقوانين والتعليمات، وإن كل متابع أو مهتم لآلية عمل المصارف السورية يمكن أن يلحظ بوضوح مدى ذلك الاهتمام، ويبقى قرار تشكيل مديريات الالتزام قرار جيد بإطاره الخارجي...
ولكن نؤكد بأنه  ليس المهم العمل على إحداث مديريات أو وحدات خاصة للإلتزام والمخاطر والتدقيق الداخلي بل الأهم من ذلك هو السعي لتفعيل هذه المديريات والتنسيق بينها بشكل فعال وتوفير آلية وبيئة مناسبة لنجاحها وهنا نطرح بعض التساؤلات على هامش الملتقى ونضعها في أيدي إدارة مصرف سورية المركزي وكوادره لدى هيئة مكافحة غسل الأموال ومفوضية الحكومة لتأخذها بعين الاهتمام مستقبلاً:
-         هل الإجراءات والتعليمات المفروضة على المصارف من قبل هيئة مكافحة غسل الأموال فعالة بحيث تمكنها من منع أو ايقاف التحويلات المالية غير المشروعة ؟.
-         هل لدى الهيئة الوسائل المتقدمة والكوادر الفعالة التي تمكنها من أداء دورها الرقابي المطلوب منها بموجب التشريعات والمراسيم لمنع دخول الأموال غير النظيفة إلى مصارفنا ؟.
-         وبالتالي هل تحول مديرية الالتزام دون تهريب هذه الأموال غير المشروعة ؟.
-         هل باتت كافة المصارف العاملة في سورية (عامة وخاصة) تقوم بتطبيق وتفعيل مديريات الالتزام والمخاطر لديها، وهل تمتلك لتحقيق ذلك الكوادر الفنية المناسبة ؟.
إنها أسئلة تمثل بعض الهواجس التي من شأنها المساهمة في الوصول إلى حياة مصرفية أفضل، وهي برسم إجابة المعنيين.
جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays / finance © 2024