السبت 2010-05-22 17:27:11 نفط وطاقة
أسطوانة الغاز السورية عمرها الافتراضي سنتان.. والتوقعات متخمة بالتفاؤل ؟
أسطوانة الغاز السورية عمرها الافتراضي سنتان.. والتوقعات متخمة بالتفاؤل ؟
      
   
كتب علي نزار الآغا:
لم يعد يخفى على أحد الدور الاستراتيجي عالي المستوى الذي ميز عمليات انتاج الغاز في سورية الذي قلب موازين الطاقة بتحويله العجز إلى حكاية قديمة من غير الوارد الحديث عنها الآن... وببساطة يمثل الغاز النقطة الايجابية في ميزان الطاقة نتيجة الزيادة في انتاجه الذي يدور في فلك الـ30% وفق التوقعات الخاصة للعام الحالي، ليصل معدل الانتاج اليومي بين 36-39 مليون متر مكعب مقارنة مع الـواقع الحالي حيث ينتج حوالي 26 مليون متر مكعب في اليوم… وأمام هذه الضجة الاعلامية المشبعة بالتفاؤل أما الواقع الفعلي فقد نقلته الشركة السورية للغاز عبر بياناتها التقديرية لإنتاج الغاز خلال الربع الأول من العام الحالي والذي بلغ 2,3 مليار متر مكعب تم تسليم 2,153 مليار متر مكعب لمعامل معالجة الغازحيث تم إنتاج حوالي ملياري متر مكعب من الغاز النظيف و67 ألف طن من الغاز المنزلي 746 ألف برميل من المكثفات وأيضاً أربعة آلاف طن من الكبيريت، مقابل استيراد 191 مليون متر مكعب من مصر.
 
طبعاً لا يمكن لهذه الأرقام أن تمر هكذا بشكلها المبهم، فلو أخذنا حجم الانتاج المقدرر بـ2,3 مليار متر مكعب في 90 يوم لوجدنا أن معدل الانتاج اليومي بالكاد يلامس الـ25,6مليون متر مكعب، وهو بعيد جداً عن التوقعات التي أطلقها أكاديميون خلال مؤتمر استراتيجية الطاقة الوطنية منذ أشهر فائتة، فها نحن نقترب من انتصاف العام ولم تتحرك أرقام انتاج الغاز باتجاه الأرقام المتوقعة التي بنيت على أساسها هذه الحالية التفاؤلية لواقعنا الطاقوي..؟
 
العجز
 
العجز المالي في ميزان الطاقة من المفترض أن يبدأ بالتناقص بشكل ملحوظ مع نهاية هذا العام بفضل الغاز، ليعيش حالة من البحبوحة خلال العامين 2011- 2012 أي أن اسطوانة الغاز السورية يقدرعمرها الافتراضي الايجابي بعامين فقط.. وفقاً للمعطيات المفترضة الحالية ؟
 
ولوآمنا بهذا الكلام على أنه واقع وأغفلنا البيانات السابقة، سنجد أن الحديث ينتقل إلى خانة أكثر حرج، حيث تشير التوقعات إلى عودة المشكلة (العجز في الميزان الطاقوي) في الأعوام  2013-2014 عندما يزداد الطلب على الطاقة بحيث تعجز الموارد المالية على توفيرها.. وذلك كما بينه لنا مختصين في الشأن الطاقوي في البلد.
 
هذا ويشار إلى أن الطلب على الطاقة يزداد بمعدلات سنوية كبيرة حوالي 5-6% وبشكل خاص على الكهربا 7%، فبلدنا لاتزال في بداية الطريق ولم تصل إلى مرحلة الاشباع الطاقوي بعد، بمعنى آخر أن الطلب على الطاقة يزداد بغض النظر عن النمو الاقتصادي والسكاني وذلك بنسبة 2.5% للسكان و 4.5% للاقتصادي، وهذا الطلب سيستمر بالزيادة على الأقل للـ2015 – 2020 حتى تصل البلد إلى مرحلة من الاستقرار في معدلات نمو الطلب على الطاقة.
 
التاريخ يعيد نفسه
 
درس الغاز الحالي يعيد إلى ذاكرتنا دروس البنزين السابقة، فكما هومعروف ازداد عدد المركبات في البلد ليبلغ حوالي الـ 1.7 مليون مركبة الأمر الذي أدى إلى ازدياد الطلب على البنزين ولد فجوة خطيرة عجزت أمامها المصادر المحلية حتى لجأت الدولة إلى الاستيراد بينما كان فائضاً قبل سنوات قليلة... وهذا ما ينطوي على الغاز عندما نتكلم بأنه إيجابي اليوم سيشهد نقصاً حاداً في السنوات المقبلة مع زيادة الطلب، وهكذا على حد تعبير أحد المختصين "عندما تحل مشكلة تأتيك مشكلة أخرى في قطاع آخر"عندما تغيب الاستراتيجية طويلة الأمد عن الموضوع لذا لابد من تكامل الاستراتيجيات ضمن استراتيجية واحدة متكاملة بخصوص الغاز والنفط والطاقة بصورة عامة... وهذا يتطلب نظرة كلية لقطاع الطاقة ضمن نظرة كلية للاقتصاد...و الاستراتيجيات الجزئية الضمنية المكملة يجب أن تكون متكاملة وطويلة الأمد... تضع في حسبانها أهمية الاستفادة من الدروس السابقة.
جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays / finance © 2024