الإثنين 2010-04-05 11:46:58 صحافــة المــــــال
الأزمة وسرعة المعالجة
الأزمة وسرعة المعالجة
 
 
في الأشهر القليلة الماضية لم يتمكن الاقتصاد العالمي من تجاوز معظم تداعيات الأزمة المالية العالمية فحسب، وإنما استطاع أيضاً معالجة العديد من هذه التداعيات وبصورة سريعة نسبياً، مما أعاد الثقة للنظام المالي وأكسبه قوة جديدة تمثلت في الإجراءات الاحترازية التي تم تطبيقها من خلال سن قوانين وتشريعات جديدة لتعزيز نظام الحوكمة في المؤسسات المالية والاقتصادية في مختلف بلدان العالم.
 
وفي أكبر تجمع اقتصادي عالمي تسامى الاتحاد الأوروبي فوق خلافاته بشأن ديون اليونان ليعلن عن خطة إنقاذ شاملة لاقتصاد هذا البلد الذي يشكل نقطة ضعف لمنطقة "اليورو"، وذلك على رغم معارضة ألمانيا التي تملك أكبر اقتصاد في الاتحاد، والتي لم تجد مفرّاً من تمرير خطة إنقاذ اليونان، وذلك حفاظاً على قوة ومكانة العملة الأوروبية التي اهتزت بفعل هذه الأزمة.
 
وفي منطقة الخليج كان لخطة إعادة جدولة ديون "دبي العالمية" وشركة "نخيل" انعكاسات إيجابية كبيرة في تحريك عجلة الأسواق المالية في المنطقة برمتها، وخصوصاً بعد التأييد القوي للخطة من صندوق النقد الدولي والترحيب الكبير من قطاع الأعمال، علماً بأنه تمت الإشارة منذ البداية إلى أن الاقتصاد الإماراتي يملك الإمكانات اللازمة لحل تداعيات الأزمة، بما فيها تلك المتعلقة بالقروض والالتزامات المالية.
 
ويقابل ذلك الانتعاش الملحوظ في اقتصادات البلدان الناشئة، الذي أدى إلى ارتفاع الطلب على النفط وإلى التوقعات المتفائلة التي أعلن عنها "باسكال لامي" المدير العام لمنظمة التجارة العالمية وأشار فيها إلى إمكانية ارتفاع حجم التبادل التجاري العالمي بنسبة 9.5 في المئة في العام الحالي 2010، وهي نسبة كبيرة تشير بوضوح إلى سرعة تعافي الاقتصاد العالمي.
 
إذن رحلة التعافي بدأت، إلا أن ذلك لا يعني عدم وجود مطبات هوائية فوق هذه المنطقة أو تلك من مناطق العالم التي تأثرت بشدة من جراء الأزمة، إلا أن بلدان العالم أصبحت أكثر قدرة على مواجهة هذه المطبات، مقارنة بالعامين الماضيين، وذلك بعد أن تقلص إلى الحد الأدنى مسلسل الإفلاسات وفقدان الوظائف وتم استيعاب الصدمات القوية التي ضربت الأسواق العالمية.
 
وإذا كانت مشكلتا آيسلندا واليونان الخطيرتان قد أمكنت محاصرتهما، بفضل التعاون والتنسيق الأوروبي والدولي، وإذا كان مسلسل انخفاض الوظائف قد بدأ في العد التنازلي في الولايات المتحدة وأوروبا، وبما أن الطلب على النفط قد بدأ في الانتعاش، وهو مؤشر مهم لحالة الاقتصاد العالمي، فإن أية مشاكل أو مطبات أخرى قد تحدث في أي جزء من مكونات الاقتصاد الدولي ستتم محاصرتها ووضع الحلول لها، على اعتبار أنها لن تصل إلى درجة الخطورة التي كان عليها حال الاقتصادين الآيسلندي واليوناني.
 
لقد أصبح الاقتصاد في عصر العولمة متداخلا ومتكاملا بصورة كبيرة، فنشاط المؤسسات المالية الأميركية والأوروبية والخليجية والصينية وغيرها يشمل أسواق العالم كافة، مما يعني أنها لا يمكن أن تكون بمعزل عن التطورات الإيجابية أو السلبية للمؤسسات القائمة في مناطق الجذب الاستثماري في العالم. ولذلك لا يمكن تجاهل تعرض أحد الاقتصادات العالمية لصعوبات مالية أو هيكلية، فهناك على سبيل المثال مئات المؤسسات المالية والبنوك التي قدمت قروضاً بمليارات الدولارات لليونان، وبالأخص المؤسسات المالية في بلدان الاتحاد الأوروبي.
 
أما الأهم من كل ذلك، فهو أن هذه التطورات توفر فرصاً استثمارية نادرة في مختلف أسواق العالم، فهناك مؤسسات ناجحة تباع حاليّاً بأسعار مناسبة جداً، كما أن أسواق المال، وبالأخص الخليجية منها تتمتع بمستقبل واعد في ظل التوقعات الخاصة بمؤشرات النمو في دول مجلس التعاون الخليجي في السنوات القادمة.
 
*نقلاً عن صحيفة "الاتحاد" الإماراتية/ د. محمد العسومي
 
جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays / finance © 2024