الأحد 2010-03-07 08:31:52 صحافــة المــــــال
عالمية معايير المحاسبة
عالمية معايير المحاسبة
 
 
لا هوية أو جنسية للاستثمار في الأوراق المالية، هذا هو شعار وهدف جميع الأسواق العالمية، فبإمكان المستثمر في أصغر قرية في آسيا أو إفريقيا الشراء والبيع من خلال الإنترنت أو بطريق غير مباشر، وبسرعة فائقة في جل الأسواق العالمية.
 
وعلى الرغم من بساطة هذا الشعار، إلا أن تداعيه على المحاسبة جلل، حيث كانت الدول تركز على محلياتها وبيئتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية عند إعداد معايير المحاسبة، والآن أصبحت تواجه مستفيدين يمثلون سكان الكرة الأرضية، وإذا كان صعبا في مراحل سابقة تحديد حاجات ورغبات المستفيدين، لإنتاج المعلومات ذات الفائدة لهم، فإن الأمر أضحى مستحيلا لاختلاف حاجات المستفيدين حول العالم.
 
وأصبح التوجه إلى ما يعرف بأسلوب المبادئ عند إعداد المعايير المحاسبية بدلا من الدخول في التفاصيل أحد الحلول المتاحة. إلا أن الحل المثالي في نظر كثير من المهنيين والأكاديميين هو التوجه لتطبيق معايير المحاسبة الدولية، والعمل على تقارب وتوافق المعايير المحلية مع تلك المعايير، ومما ساعد هذا التوجه ذلك الزخم من الدعم المادي والمعنوي الذي تلقته المعايير الدولية من الاتحاد الأوروبي وأستراليا ونيوزلندا وكندا وبعض دول آسيا والشرق الأوسط، حيث يلزم تطبيق المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية في أغلب هذه الدول، وعلى الأخص الاتحاد الأوروبي وأستراليا ابتداء من مطلع عام 2005.
 
ولقد استمرت الجهات المصدرة للمعايير في أمريكا خلال العقود الماضية مصرة بشكل مبدئي على الاستمرار في إصدار معايير محلية وعدم الاعتراف بالمعايير الدولية، وذلك لكونها معايير مبادئي وليست معايير تفصيلية ولكن الفضائح المالية وتداخل أنشطة الشركات، وكذا عولمة نشاطاتها، والمطالبة بتطبيق المحاسبة على أساس المبادئ وليس التفاصيل، جعلت مجلس معايير المحاسبة المالية الأمريكي FASB يبدأ في التفكير بشكل جدي في الانضمام إلى المجتمع الدولي، وذلك من خلال التأثير المباشر في إصدار المعايير الدولية، لتتلاءم مع المحيط الأمريكي بدلا من تركها للآخرين ما دام أنه في نهاية المطاف سيتم تطبيق المعايير الدولية على كثير من الشركات الأمريكية العاملة في دول العالم.
 
لذا بدأ المجلس مشروعات مشتركة مع مجلس المعايير الدولية بغرض دراسة الاختلافات بين المعايير الدولية والأمريكية ومحاولة العمل على توافقها، كما وافق الاتحاد الدولي على أن يكون لمجلس معايير المحاسبة المالية (FASB) حق المشاركة الفاعلة في إصدار معايير المحاسبة الدولية.
 
ومن المتوقع قريبا أن يتم تقارب كبير بين معايير المحاسبة الأمريكية والدولية، فإذا تم ذلك فإنه يمثل توجها نحو عولمة معايير القياس والعرض والإفصاح حول العالم وتقرير دور لجنة معايير المحاسبة الدولية ماديا ومعنويا، وعلى الأخص بعد أن تحررت من قيود الاتحاد الدولي للمحاسبة وعززت دورها واستقلالها.
 
كل هذا لا يعني البتة عدم اهتمام الدول بمعايير المحاسبة المحلية، حيث ستستمر الدول في إصدار معايير المحاسبة الخاصة بها وبما يلائم بيئتها المحلية، شريطة أن تكون متوافقة مع متطلبات معايير المحاسبة الدولية، يجب أن نستعد من الآن ويكون لنا دور مهم في صياغة معايير المحاسبة والمراجعة قبل إصدارها خاصة أن المملكة عضو مجموعة العشرين التي قرر أعضاؤها تطبيق معايير دولية موحدة بحلول شهر 6/2011. كما يجب أن نعمل على اعتبار اللغة العربية من لغات إصدار المعايير الدولية.
 
*نقلا عن صحيفة الاقتصادية السعودية/ د.عبدالرحمن الحميد
 
 
جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays / finance © 2024