الأربعاء 2010-03-03 11:07:06 صحافــة المــــــال
هل ما زالت اكتتاباتنا كبيع الحصاة؟!
هل ما زالت اكتتاباتنا كبيع الحصاة؟!
 
 
من أنواع البيع المحرمة في الشريعة بيع الحصاة ومثال آليتها أن يرمي المشتري بحجر أو نحوه دون أن يرى أين يقع على بضائع عدة متفاوتة الأسعار في مخزن ما وما وقعت عليه تلك الحجارة هو بسعر معين متفق عليه قبل الرمي، إذ من الممكن أن تقع تلك الحجارة على بضاعة بقيمة مئات أو آلاف أو تقع على سلعة لا يساوي ثمنها إلا أبخس الأثمان. ولعل أسواق الأسهم بشكل عام وآلية عملها ليست بهذه البساطة لخصائص عدة في مضمونها وبالذات ارتفاع مستوى المهنية والاحترافية وتعقيد أساليبها في عملها إلا أن تجربتنا المحلية ومرة أخرى لأسباب عدة لم تواكب تلك الطبيعة ودرجة المهنية المعقدة والحساسة بالدرجة الكافية، خصوصاً منذ أن بدأ السوق يكون سوقاً بالتعريف العملي أي منذ إنشاء هيئة ونظام له. ولا أقلل هنا البتة من الجهد المشكور الذي بذل ويبذل على أكثر من صعيد سواء من هيئة السوق أو من نظمه والجهات المعنية فيه، غير أننا ما زلنا نعاصر بين الحين والآخر منهجية في العمل لبعض مكوناته تطبق مفاهيم لا تتفق وطبيعة أسواق المال والتي منها المراجعة والتصحيح الآني لبعض الآليات والنظم بشكل يتناغم مع الوقت واستشعار أن أسواق المال تختص بسرعة تغيرها لذلك يجب التغيير تبعاً لذلك، فمن تلك الأمثلة قضية الاكتتابات وعلاوة الإصدار خصوصا، فالتاريخ في سوقنا المحلي يشهد على عدد من «السقَطَات» حتى وصل الحال في يوم من الأيام إلى أن تكون موضع تندر. ولن أعيد أو أذكر بتاريخيات فقد ولى زمن التغطيات بآلاف المرات ومعه علاوة الإصدار الفاحشة وغيرها من بيع ما لا «يسوى» بقيم خيالية، وذلك بفضل جهود الهيئة التي أشيد بلا شك بكل ما صنعت غير أننا يجب أن نواصل الطلب في نشد الكمال.
 
إن الحديث عن الاكتتابات كمثال خصوصاً أننا نعيش تجربة فريدة في آخر طرح والذي لن أدخل في تفاصيل أسباب سحبه وملابساتها ولكن أذكر كل الأطراف المعنية في سوقنا بأن هذا الموضوع - أي الاكتتابات - نوقش على أكثر من صعيد ابتداء من مجلس الشورى وانتهاء بأعمدة الصحف ومدارات الحوار منذ فترة طويلة إلا أن التغييرات في آليته وتحسين كفاءة أدائها ما زالت دون المستوى المطلوب، ما أدى وسيؤدي إذا ما استمر الحال كذلك إلى تدن في عدالة الطرح والتقييم لكلا الطرفين. ومن أمثلة التغيير المطلوبة لماذا لا يشترط على المشتري في بناء الأوامر عدم البيع إلا بعد فترة استثمارية معقولة وغير ذلك من الطروحات التي تكفل تنظيما مهنيا يكفل العدالة.
 
لذا وأيَّا كان الحال في التجربة الأخيرة في الاكتتابات وأسبابها فأين الاستجابة الفورية والعملية لآليته مع ما يتفق وطبيعة السوق المالية لعدد من الأفكار في هذا الخصوص وغيره. إن الأنظمة خصوصا في الأسواق المالية يجب أن تكون أكثر ديناميكية وتعاطيا مع المتغيرات بشكل أسرع لكي نرتقي بمهنية سوقنا ونخلع منهجية وأساليب آلية البيع والشراء فيه من آلية تقترب من البساطة كبيع الحصاة.
 
• نقلاً عن جريدة "الاقتصادية/ د.سليمان بن عبد الله السكران
 
جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays / finance © 2024