الإثنين 2009-12-28 10:17:06 تقارير ونشرات
أفضل"مطرح" لاستثمار أموالك..
أفضل"مطرح" لاستثمار أموالك..
 
 
 
دمشق – سيريانديز:
 
الهم الأكبر لأي واحد منا يلف ويدور ويصب في خانة كيفية تحقيق الأرباح بأمان (أقل تكلفة ومخاطرة).. أي الطريق الأمثل لتوظيف أموالنا مهما كانت حجومها في مطارح الاستثمار الأكثر جدوى من جميع الجوانب، ولما لهذا الموضوع من أهمية تقدم لكم سيريانديز هذه المقالة التي كتبها الدكتور (محمد آل عباس) تحت عنوان " أين أستثمر أموالي: الأسهم أم الصناديق الاستثمارية أم العقار؟ " التي نشرت في صحيفة "الاقتصادية" السعودية، وقد كتب الدكتور عباس.. سألني أكثر من شخص أين أستثمر أموالي؟ والبعض يسأل بشكل مباشر عن سوق الأسهم والصناديق الاستثمارية. وهناك من يسأل باستغراب لماذا يتجه الناس إلى استثمار أموالهم مع أشخاص مجهولين في مساهمات مشبوهة؟ وبتصرف مني يمكن التعبير عن كل هذه الأسئلة بسؤال واحد: ما القنوات الاستثمارية الجيدة في هذه الأيام؟ الحقيقة أن الإجابة أصبحت معضلة، فبالنظر لأهم القنوات الاستثمارية لدينا – على المديين القصير والمتوسط - يبدو الأمر مؤسفا ولا يشجع على التفاؤل كثيرا.
 
فسوق الأسهم لا تكاد تعود إلى سطح الماء لتتنفس حتى تأتي الأخبار الاقتصادية لتغرقها مرة أخرى, والسوق بشكل عام لم تعد آمنة استثماريا. فبرغم ارتفاع السوق من قاع 4800 نقطة في نهاية عام 2008 لتصل إلى مستوى 6200 نقطة مع اقتراب نهاية عام 2009 أي بنسبة ارتفاع 30 في المائة تقريبا إلا أن هذا المستوى من العوائد لم يزل غير آمن مع عدم قدرة السوق على صنع قناة صاعدة واضحة واستمرار تأثرها غير المبرر بعديد من الأخبار الاقتصادية والسياسية. كما أن نسبة تداول المؤسسات الاستثمارية مقارنة بالإفراد تعد نسبة ضئيلة جدا مما يجعل السوق عرضة للمضاربات غير المدروسة، لذا فإن الاستثمار في السوق لم يزل – على المدى القصير والمتوسط – غير آمن. ورغم الجهد الذي بذلته هيئة السوق المالية لزيادة عمق السوق إلا أن هذا التوجه فقد جزءا من جاذبيته الاستثمارية خاصة مع تعرض أسهم الشركات التي طرحت للتداول أخيرا إلى خسائر كبيرة بلغت في بعض الأسهم إلى أكثر من 50 في المائة من قيمة سعر الطرح لذلك لم يكن مستغربا أن يهبط عدد شركات الاكتتابات الأولية IPOs بنسبة 89 في المائة وهي أهم جزء استثماري في السوق فلا أحد يرغب في أن يضع أمواله في سهم ليخسر نصفها في الشهر التالي لطرحه. كما أنه لم يحدث تطور مؤثر في مستويات الأرباح الموزعة من الشركات ولا مستويات الشفافية ومن يرغب في تتبع إعلانات الشركات فإنه في حاجة إلى مترجم اقتصادي ولعله يفهم، وقد يحتاج إلى كاهن لأنه لا يفهم الكهان سوى الكهان. وإذا تركنا سوق الأسهم لنطرح خيار الصناديق الاستثمارية المتخصصة، فإن هذه الأخيرة لا تقل خطورة عن سوق الأسهم إن لم تتجاوزها. فالاستثمار في السوق بشكل فردي مباشر له فوائد أكبر من وضع الأموال في صندوق استثماري حيث يمكن للشخص ممارسة حقه في البيع والشراء بشكل فوري قد يجنبه في بعض الأحيان – بل أغلبها هذه الأيام – خسائر تراجع السوق. هذه الميزة غير متوافرة في الصناديق الاستثمارية التي تحتفظ لنفسها بحق تسعير الوحدات فلا يستطيع المشترك معرفة سعر الوحدة عند البيع حتى وأن امتلك القدرة على اتخاذ قرار الخروج. فكم تكبد الأفراد خسائر هائلة بسبب تأخر الصندوق في تنفيذ عملية التصفية لتتم عند سعر وحدة متدن لو علم به المشترك لغير قراره ولا توجد حماية من أي نوع تضمن للمشترك قراره السليم.
 
لكن حتى من ناحية المخاطر فالصناديق الاستثمارية أكثر تعرضا للخسائر وأكثر خطورة على الفكر الاستثماري لدينا إذا استمرت أحوالها على هذا المنوال. ففي عام 2003 لم تتعد أصول هذه الصناديق من الأسهم المحلية خمسة مليارات ريال لتقفز بشكل مفاجئ إلى 14.5 مليار ريال عام 2004 ثم ترتفع بشكل دراماتيكي غير مسبوق إلى مستوى 90 مليارا بنهاية عام 2005م. ومع القول بأن السبب قد يعود جزئيا إلى ارتفاع أسعار الأسهم إلا أن نسبة الارتفاع تؤكد أن توظيف الأموال في الأسهم المحلية لم يكن مدروسا بشكل سليم. فبينما كانت أصول هذه الصناديق من الأسهم الأجنبية 7.6 مليارا في نهاية عام 2003م فقد وصلت إلى 14 مليارا في نهاية عام 2005م فلا نسبة ولا تناسب بين التوجهات الاستثمارية، كما أن الأمر يشير إلى التوزيع غير المدروس للمحافظ الاستثمارية داخل الاقتصاد السعودي حتى على مستوى مؤسسي بهذا الحجم.
 
ومع هذا التخبط – إن جاز التعبير - لم يكن مفاجئا أن تنهار قيمة محافظ الصناديق الاستثمارية من الأسهم المحلية إلى 31 مليارا في نهاية عام 2006 أي بعد 12 شهرا فقط من مستوى 90 مليارا. وبالطبع فإن الخاسر الأكبر في كل تلك المجازفات كان المستثمر الصغير الباحث عن قناة استثمارية آمنة لمستقبله ومستقبل أسرته. لقد مارست هذه الصناديق حملات إعلانية ضخمة مع ادعاءات بتحقيق عوائد غير عادية تمكنت من خلالها من جمع هذه المبالغ الضخمة لتبددها في سوق غير متوازنة وبطريقة كان يجب أن تخضع للمساءلة فقط من أجل حماية الفكر الاستثماري لدينا. لكن ما حدث كان مؤسفا فقد بقيت هذه الصناديق تمارس تضليلها بينما يذبح الفكر الاستثماري على أعتابها. فلقد كان متوقعا أن تمارس الصناديق الاستثمارية دور صانع السوق، حيث إنها تدير ما قيمته 90 مليارا من الأسهم المحلية إلا أنها لم تكن بأفضل حالا من مستثمر صغير لم يعرف حتى معنى كلمة السهم سوى أنه يمكن بيعه إذا ارتفعت قيمته وعليه فقط مراقبة الشاشة.
 
المؤسف اليوم أن الحال لم تتغير في هذه الصناديق، فيما عاودت قيمة الأسهم المحلية الصعود في هذه الصناديق إلى 45 مليارا في نهاية عام 2007 إلا أنها خضعت أكثر من اللازم لقوى للسوق مرة أخرى وتراجعت بحدة لتصبح قيمة الأسهم المحلية 17 مليارا فقط في نهاية عام 2008م ورغم محاولة العودة مع السوق عام 2009 إلا أنه يمكن القول إجمالا بأن الاستثمار في هذه الصناديق لم يزل غير آمن وخاصة أنها تفتقد إلى الشفافية اللازمة وإلى سرعة تنفيذ الأوامر وكذلك قدرتها محدودة جدا على صناعة السوق الأمر الذي لا يقدم حماية كافية لاستثمارات المشاركين فيها. كما أن لائحة حوكمة الصناديق الاستثمارية لم تنفذ حتى الآن ولم تزل مجرد ورق في أدراج هيئة السوق المالية – وأتمنى فقط أن الهيئة لم تزل تتذكرها. ورغم صيغة التعميم في هذا الطرح إلا أن جميع الصناديق لم تقدم ما يمكن به دحض هذه الصورة القاتمة عنها.
 
ولم يزل الحديث في هذا المقال عن القنوات الاستثمارية المتاحة لرجل الشارع البسيط، ومن تلك القنوات المساهمات العقارية ذات الشجون. بشكل عام فإن العقار يعد قناة استثمارية مناسبة لكن على المدى الطويل فقط. المساهمات العقارية الضخمة توفر له القدرة لتحقيق العوائد على المدى القصير والمتوسط وهناك تحرك جيد من الدولة لتنظيم هذه المساهمات والقرارات الأخير الصادرة بهذا الشأن قد تعيد لهذه القناة الاستثمارية جاذبيتها، ومع ذلك فإن الأمر يحتاج إلى التريث. فما زالت الكثير من هذه المساهمات بعيدة عن التصفية، كما أن لائحة الصناديق العقارية التي أقرتها هيئة السوق المالية بعيد عن واقع التنفيذ وهناك تجاوزات ضخمة. المشكلة دائما تظهر في عدم وجود ضمانات من أي جهة، كما أن الشفافية معدومة في هذه النوع من الاستثمارات ومسؤوليات مراجع الحسابات غير واضحة وقدرته على التعويض لا يمكن التعويل عليها. كما لا توجد مساهمة فاعلة من شركات التأمين في مثل هذه النوع من الاستثمارات. وبرغم الجاذبية العالية في السوق العقارية السعودية إلا أن المشكلات النظامية في هذه المساهمات تجعلني متحفظا إلى حد بعيد حول تصنيفها كقناة استثمارية آمنة.
 
أعتقد أن القارئ الكريم يتساءل فماذا بقي إذا؟ إنني أضع صوتي مع صوتك عزيزي القارئ وأرفع هذا السؤال إلى المجلس الاقتصادي الأعلى ومجلس الشورى وهيئة السوق المالية وزارة المالية ووزارة التجارة والصناعة ووزارة الاقتصاد والتخطيط ومؤسسة النقد وأقول أيضا أن الفكر الاستثماري لدينا في خطر حقيقي لما لم يتم اتخاذ إجراءات واضحة في هذا الشأن.
 
جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays / finance © 2024