كتب علي نزارالآغا:
لا يمكن لأحد أن ينكر الحماسة والاندفاع المنطلق من صميم سوق الوساطة المالية السورية بمطالبة الشركات المساهمة المدرجة في السوق وغير المدرجة في المرتبة الثانية بنشر إفصاحاتها وتقديم بياناتها المالية الدورية السنوية ونصف السنوية والربعية... وهذا الأمر لم يكن حكرا على شركات الوساطة المالية، حيث كانت المطالبة بالتزام الشركات المساهمة بنشر بياناتها المالية حالة عامة في جميع الأوساط ذات الصلة والشأن، وبدوره الاعلام مشى على ذات الطريق نظراً لأهمية الافصاحات ودورها الصحي المرتبط بالاقتصاد ككل... لكن الفكرة التي تثير شكوكنا واستغرابنا اليوم تتركز في تخلف شركات الوساطة ذاتها عن نشر إفصاحاتها المالية بشكل دوري... على مبدأ الإسكافي حافي والحايك عريان...؟!
نقول لكم بلا حرج... إين إفصاحاتكم المالية، وحتى لو كان بعضكم غير ملزم، ولكنكم يجب أن تكونوا المثال الأول الذي يحتذى به في السوق المالية، وإن أدعى أحدكم القول بان إفصاحاتكم لاتقدم ولاتؤخر.. ولا تفيد في تحديد القرارات الاستثمارية في سوق الأوراق المالية مثل الشركات المساهمة.... فأفصاحاتكم وتقديم بياناتكم المالية بشكل دوري إنما تلعب دوراً حيوياً وأساسياً في تقييم الوضع المالي للسوق المالية المحدثة في البلد، بالاضافة لكونها تقدم رؤية في غاية الأهمية عن الجدوى الاستثمارية في مجال الوساطة المالية، وذلك من خلال دراسة القوائم المالية من قائمة الدخل إلى الميزانية العمومية وحتى قائمة التدفقات النقدية التي تفيدنا بحجم الأنشطة ومستوى مردوديتها وحجم وشكل تطور الأعمال والتدفقات النقدية من وإلى تلك الشركات... وكل ذلك لا يقل أهمية عنها بالنسبة للشركات المدرجة في البورصة.
فها نحن اليوم نطوي نصف الربع الثالث من العام الجاري ولا يوجد لدينا سوى شركتي وساطة قدمت افصاحاتها النصف سنوية عن العام الحالي بالاضافة إلى الافصاحات النهائية السنوية للعام الماضي، في حين أن الشركات المتبقية باستثناء الشركات المحدثة والجديدة، لم تفصح حتى اليوم سوى عن بياناتها النهائية للدورة المالية 2009 فقط... ؟!
صحيح أن نتائج معظم تلك الشركات، لاتسر أحد، وقد تقدم صورة سلبية عن مدى تدهور الجدوى الاستثمارية لهذا القطاع خلال عام أو عامين من انطلاقته، ولكن هذا التبرير لا يبيح لتلك الشركات الاعتكاف والامتناع أو التأخر الشديد عن نشر بياناتها المالية.
وعلى سبيل الاطلاع قمنا بدراسة البيانات المالية السنوية للعام 2009 لشركات الوساطة المالية التسعة في السوق السورية حيث تبين لنا أن إجمالي إيراداتها مجتمعة خلال العام بلغ 98,562,545 ليرة سورية فقط، وهذا الرقم يشكل نسبة وقدرها 2,96% من إجمالي قيمة التداولات التي تمت من خلال تلك الشركات في الفترة السابقة والتي تجاوزت الـ3.3 مليار ليرة سورية.
هذه الإيرادات اصطدمت بحجم النفقات الكبيرة لتلك الشركات المحدثة في السوق، فكانت النتيجية إجمالي خسارة بقيمة 67,399,041 ليرة سورية للشركات التسعة مجتمعة، حيث اقتصر الربح على شركتين فقط، هما شركة بيمو السعودي الفرنسي المالية بـ 8,156,380 ليرة سورية ثم شركة سورية والمهجر المالية بـ 7,871,853 ليرة سورية، بينما كانت الخسارة حليفة شركات الوساطة السبعة المتبقية، التي تتصدرها شركة بايونيرز بخسارة 30,705,175 ليرة سورية تليها شركة إيفا بخسارة بلغت 20,082,112 ليرة سورية، ثم تأتي شركة سنابل الخير بـ 12,184,652 ليرة سورية تليها الشركة الأولى بخسارة 7,193,823 ليرة ثم الشركة العالمية الأولى بـ 5,471,046 ليرة تليها شركة شام كابيتل بـ 4,840,108 ليرة وأخيراً تأتي الشركة الاسلامية بخسارة بلغت 2,950,358 ليرة سورية.
وعلى مايبدو أن العام الحالي لم يحمل معه إختلافاً كبيراً عن الحال السابق..؟!
