ورد في النشرة الاقنصادية لوكالة الأنباء السورية اليوم الأربعاء 28 تموز 2010 مقالاً تناول وجهات نظر الخبراء السوريين في مصارف الاستثمار بناءً على قرار السيد الرئيس الذي صدر مؤخراً ليسمح لهذا النوع من المصارف بالدخول والعمل في السوق السورية.. وقد ورد في المقال الآتي:
" تكتمل البيئة الاستثمارية الجاذبة في سورية مع صدور المرسوم التشريعي رقم 56 للعام 2010 والذي ينظم إحداث مصارف الاستثمار والتي يعول عليها في تمويل المشاريع التي تنتظر التنفيذ كمشاريع البنى التحتية والكهرباء والطرق وغيرها.
وقال المدير العام لهيئة الاستثمار الدكتور أحمد عبد العزيز في تصريح لنشرة سانا الاقتصادية إن إحداث مصارف متخصصة بالاستثمار عامل مهم جداً في جذب الاستثمارات التي تحتاج إلى تمويل وإمكانيات كبيرة لمنح القروض وخاصة لمشاريع البنى التحتية والمشاريع الاستثمارية الضخمة فالاستثمار والتمويل وجهان لعملة واحدة.
وأشار عبد العزيز إلى أن هذا المرسوم يأتي في إطار الخطوات التي اتخذتها الحكومة لتمويل المشاريع الاستثمارية والتي كان من ضمنها رفع رأس مال المصارف الخاصة التقليدية والاسلامية لتتناسب والمتطلبات التنموية.
بدوره أكد المدير التنفيذي لسوق دمشق للأوراق المالية الدكتور محمد جليلاتي أن المرسوم سمح لهذه المصارف بإصدار شهادات الإيداع المتوسطة والطويلة الأجل والالتزامات المترتبة عليها بما يعادل عشرة أضعاف رأسمالها الأساسي مؤكداً أن هذه المصارف توفر التمويل اللازم للمستثمرين أكثر من أي مصرف تجاري والذي عادة تنحصر تمويلاته في التمويل القصير الأجل.
وعن تأثير هذه المصارف على حركة التداول في السوق في حال إدراجها رأى جليلاتي أن المرسوم أعطى حداً أدنى بالنسبة لحصص المؤسسين بنسبة 25بالمئة من رأسمال المال عند تقديم الطلب وبما لا يتجاوز نسبة 75 بالمئة منه والباقي يطرح على الاكتتاب العام وهذا سيؤدي إلى زيادة نسبة عدد المساهمين والذي من شأنه أن ينعكس على حركة وقيم وأحجام التداول.
ورأى رئيس مجلس إدارة المصرف الزراعي التعاوني عبد الرزاق قاسم أن المصارف الاستثمارية هي كغيرها من المصارف الأخرى باستثناء أن المودع يشترط الاستثمار بالمبالغ التي وضعها ويتحمل المخاطر ما يتيح لها درجة مخاطر أكبر من المصارف التقليدية وبالتالي تمويل مشاريع كبيرة دون وجود عوائق كفاية رأس المال حيث تتيح هذه المصارف قيام استثمارات مباشرة والدخول بمشاريع مشتركة طالما ان المودع موافق على استثمار أمواله.
ولفت قاسم إلى أنه لا توجد خبرات في سورية في مثل هذه المصارف وهذا يستدعي وجود خبرات تفكر بكيفية دراسة الاستثمارات وجدواها الاقتصادية ورؤيتها المستقبلية واتخاذ القرارات المتعلقة باستثمار هذه الأموال نيابة عن المدخرين مشيراً إلى أن المصارف الخاصة التقليدية والاسلامية تمتلك فوائض نقدية إلا أن المشكلة هي في عدم وجود فرص استثمارية وليس في نقص السيولة أو مصادر التمويل.
بدوره قال الباحث الاقتصادي الدكتور خالد الزامل إن دخول مصارف الاستثمار الى السوق المصرفية يشكل عاملاً مهماً لدخول الاقتصاد الوطني مرحلة التوسع والانفتاح بحيث يعزز وجودها الدورة الاقتصادية إضافة إلى تنشيط حركة الاستثمارات القائمة والمحدثة من حيث حجم الأعمال والتسليفات التي ستقوم بها وكذلك بالنسبة لحصتها في السوق المصرفية قياسا مع القطاع المصرفي بشكل عام ويبدو من خلال قراءة الإحصاءات المتوافرة عن حجم الاستثمارات في سورية إن هذه المصارف مناسبة لتفعيل آلية التسهيلات للمؤسسات والمنشآت الاقتصادية فالعمل في هذه المصارف اقرب الى العملية الاستثمارية منه الى العمليات التجارية.
وأضاف الزامل ان قيمة الودائع في المصارف المحلية وصلت إلى 1244 مليار ليرة سورية ويفترض أن يكون هذا الرقم إيجابياً فيما لو انعكس زيادة في التسليفات على القطاعات المختلفة لكن الأمر لا يبدو كذلك استنادا الى نتائج وتطور حجم التسليفات في الاقتصاد الوطني.
وأشار الزامل إلى أن الواقع يؤكد الحاجة إلى ضرورة تعزيز نشاطات هذه المصارف مع العمل على تفعيل الأسواق المالية وإجراء الإصلاحات التي تسهم في تكريس الثقة وتوسيع الخدمات وتنويعها حيث تقوم المصارف الاستثمارية بشراء ضمانات صادرة حديثاً كالأسهم والسندات من مؤسسات الأعمال والمؤسسات الحكومية وتبيعها للمستثمرين.
وتوقع الباحث عبد القادر حصرية أن تمول هذه المصارف المشاريع في قطاعات الإقتصاد الحقيقي من صناعة وزراعة وسياحة وغيرها من المشاريع التي تحتاج لأشكال من التمويل أبعد من القروض المصرفية والدخول في تمويل تملك أسهم في المشاريع.
بالإضافة لذلك فإن رأس مال المصارف الإستثمارية البالغ عشرين مليار ليرة سورية يمهد لتقديم مبالغ تمويل لا تستطيع المصارف التجارية تقديمها بسبب حجم رأسمالها والقيود الناظمة لعملها مؤكداً أن هذه المصارف لاتستطيع استقبال الودائع لكنها تستطيع إصدار شهادات إيداع وان هذه المصارف ستكون بطبيعة الحال محلية لكن بالتأكيد فإن أي مصرف استثماري يجب أن يكون فيه شريك استراتيجي وهو سيكون أجنبيا بسبب الحاجة لشركاء استراتيجيين عرباً وأجانب مشيراً إلى أن مخاطر الصيرفة الاستثمارية أكثر من الصيرفة التجارية فهي تستطيع تملك اسهم في الشركات والمشاريع وبالتالي فإن مخاطر الملكية هي أكثر من مخاطر الإقراض.
يذكر أن هذه النوعية من المصارف مارست أعمالها منذ أواخر عشرينيات القرن الماضي والتي تميزت بتمويلاتها الضخمة ولكن مع اندلاع حريق الأزمة المالية العالمية في عام 2008 وإقراراً بمخاطر أنماط التمويل والاستثمار التي كانت متبعة في "وول ستريت" وافق البنك المركزي الأميركي على تحول بعض البنوك الشهيرة مثل مورغان ستانلي وغولدمان ساكس إلى شركتين مصرفيتين قابضتين معلنا نهاية نموذج البنوك الاستثمارية التي اتهمت بأنها وراء اندلاع شرارة الأزمة التي ما زالت تلتهم العديد من البنوك نتيجة عدم الالتزام بالمعايير الفنية والمهنية التي يجب أن تضبط عمل هذا النوع من المصارف" .
