سيريانديز – فادي بك الشريف
من منا لا يسمع بالمثل الشعبي "ضروب الطينة بهالعجينة" أو "يا طخو يا كسّر مخو"..؟! وغالباً ما تطلق هذه الأمثال عندما يقوم أحدنا بمحاولة بسيطة تتعلق بحياته الشخصية، ولكن أن يصل الأمر لمرحلة التحكم بمصير شركاتنا ومؤسساتنا الاقتصادية فهذا لا نقبل به أبداً... حلقة جديدة من مسلسل تجارب مصرف سورية المركزي المتخبطة والعشوائية وغير المدروسة بطلها الدكتور أديب ميالة تنهي ببساطة بصدور القرار رقم 584 تاريخ 18/4/2010 القاضي بتأجيل القرار ذي الرقم 1653 تاريخ 21/12/2009 الخاص بشركات الطيران السورية إلى 1/5/2010 وهذا يعتبر دليلاً دافعاً على التردد والعجز الواضحين في إصدار القرارات التي تمس عمق اقتصادنا الوطني وعدم التخطيط المحكم لها.
وعند الخوض بمسلسل المركزي نجد أن أهم نقطة في هذا القرار ما جاء في المادة الثالثة حول قيام شركات الطيران بموافاة المصرف المركزي بكشوفات تفصيلية عن مبيعاتها ومصاريفها ليصدر موافقته على التحويل خلال فترة لا تتجاوز أسبوع من تاريخ استلام هذا الكشف، وكأن المركزي بفعلته هذه يريد أن يضع شركات الطيران السورية على لائحة الدول التي توجد فيها عوائق تحويل المبيعات..؟!!
وبذلك تتجه الشركات بعكس اتجاه التيار الذي ينادي به الحاكم ميالة بالمفاخرة الدائمة بتحرير السوق والقطع مع الحفاظ على المتابعة والمراقبة.
نريد أن نوضح للسيد الحاكم بعض النقاط التي قد تكون بعيدة عن متناول تفكيره نظراً لانشغاله بالسفر على متن هذه الشركات "العصفور عم يتألى والصياد عم يتسلى".
1- إن معظم مبيعات شركات الطيران تصرف في سورية على شكل رسوم مطارات منها هبوط وإقلاع ومرور ووقود وخدمات مطارات ووجبات وفنادق ومصروف موظفي الشركة من معاشات ومدارس وإجازات وغيرها.. أي أن المبالغ المتبقية والمحولة إلى خارج القطر لا تذكر مقارنة مع حجم المستوردات إلى القطر بجميع أنواعها، ولا ندري ماهو الحال عندما تكون حجم المستوردات إلى القطر بجميع أنواعها ولا ندري ما هو الحال عندما تكون مصاريف مكاتب شركات الطيران أكبر من وارداتها، وماهي آلية التعامل في هذا الموضوع وكيفية التدقيق عليه في حال عدم تمكين مكتب الطيران من لدفع..؟!
2- إن تطبيق هذا القرار سوف يرهق ويشغل البنك المركزي بتدقيق أضابير هذه الشركات "المقيم وغير المقيم" مما يؤدي إلى استنزاف كادر كبير من الممكن للحاكم أن يستفيد منه في تطوير مصرفه، مع اقتراحنا أن تقوم المصارف بهذه العملية ويبقى على المركزي دور الإشراف والرقابة.
3- الأهم من كل ما تقدم سوف يتم تهريب المبيعات عن طريق الدول المجاورة للبنان والأردن وتركيا، وسوف تحول المبالغ عن طريق مكاتب الصيرفة غير المضبوطة إلى هذه البلدان ما يؤدي لخسائر بملايين الليرات السورية شهرياً والتي تتمثل في 3.5% ضريبة رفاهية و 1500 ضريبة مطار وغيرها.
4- إن تطبيق هذا القرار سيؤدي لعزوف العديد من شركات الطيران عن الاستثمار داخل سورية مثل شركات الخطوط الألمانية "لوفتها نزا" التي أغلقت مكاتبها في سورية من أجل قيود ومشاكل التحويل.
برأينا.. إن تبسيط الإجراءات كما هي حالياً يؤدي لزيادة مبيعات رحلات هذه الشركات داخل وخارج سورية وتحقيق منافع كبيرة لخزينة الدولة.. ونعتقد أن سيادة الحاكم مقتنع تماماً بضرورة وصوابية تراجعه عن هذا القرار وغيره..
نرى بضرورة إيقاف هذا القرار بالسرعة القصوى وفتح السوق للاستفادة من النواحي الإيجابية بدلاً من إغلاقه وخسارة هذه الأموال من خزينة الدولة.
