مع وصول مسار العلاقات السورية التركية الاستراتيجية الطابع، إلى محطة السوق المصرفية عبر ملتقى تجارب المصارف التجارية السورية التركية، تلوح في الأفق إشارات عن وجود سيناريو أخذت معالمه طريقها باتجاه الوضوح أكثر ليبقى تقدير حجم الثمار المنتظرة من دور هذا التمازج والتكامل بين المصارف السورية والتركية في دعم الاستثمار في سورية وتأمين التمويل اللازم للاستثمارات السورية التي ينقصها التمويل، وخاصة مشاريع البنى التحتية والمشاريع الصناعية الكبرى... لنصل إلى فكرة واحدة، يلخصها السؤال عمّا يمكن لهذه التجربة المصرفية أن تقدمه للاقتصاد السوري..؟ وأسئلة أخرى تطرح نفسها بقوة على ساحة النقاش، وتركز على الجانب العملي من هذه التجربة المصرفية الجديدة، من باب وجود مصارف سورية تعمل في السوق التركية، ومصارف تركية في السوق السورية. وهل يمكن للإئتلافات المصرفية والأحلاف بين المصارف السورية والتركية أن تنجح وتحقق ماتهدف إليه دون وجود مصارف مشتركة سورية تركية..؟. كان «للبعث» وقفة عند هذه التساؤلات على هامش ملتقى الأمس مع ذوي الشأن والمختصين بحثاً عن الإجابات.
تفاؤل مختص
وكانت البداية مع الدكتور «إكرم كيسكن» الأمين العام لجمعية المصارف في تركيا، والذي بدا متفائلاً جداً بهذه المبادرة التي أطلقها ملتقى تجارب المصارف التجارية السورية التركية، مؤكداً أننا في هذا الإقليم يجب علينا « كدول جوار» أن نفكر جدياً بدعم مثل هذه التجارب التي تفتح الباب لإنشاء شبكة أعمال مهمة تؤسس لمستقبل أفضل، وخصّ كيسكن في حديثه التجارب المشتركة بين سورية وتركيا في مجال الأعمال والاستثمار، مشيداً بأهميتها وبالعلاقات المميزة التي تربط البلدين بقوله «إننا في تركيا لدى تعاملنا مع السوريين، نعلم بالضبط مع من نتعامل..»
فرص جديدة وإضافات واعدة
وحول ماتقدمه هذه التجربة من منافع للاقتصادين السوري والتركي، أكد كيسكن أن هذا النوع من التعاون بين المصارف السورية والمصارف التركية من شأنه خلق فرص حقيقية أمام المستثمرين والعاملين في القطاع المصرفي على وجه الخصوص، وذلك من خلال دعم وتأمين الاحتياجات المالية اللازمة للاستثمار وإقامة المشاريع ودعم مناخ الأعمال بشكل أمثل، مشيراً إلى أن هذا الأمر يجب ألا يستند على الصورة الحالية للعلاقات التجارية والاقتصادية والتي قد تبدو بسيطة للبعض، ولكن يجب النظر إلى مستقبل هذه العلاقات وهذه التجارب والذي يبدو في غاية الأهمية وفي جميع القطاعات، التجارية الاستثمارية السياحية... وغيرها الكثير، وبالنسبة لنا في جمعية المصارف في تركيا « والحديث لكيسكن» نحاول باستمرار خلق فرص للتمويل في سورية وليس في مجال التجارة فقط، نحاول في مجالات وإمكانيات الاستثمار في القطاع العام والخاص. مؤكداً على ضرورة العمل بشكل موسع أكثر بين الجانبين السوري والتركي في هذه المجالات، ومشيراً إلى أن الأتراك لهم تجربة مهمة في القطاع المصرفي، وكذلك بالنسبة للسوريين. الأمر الذي يجب الاستفادة منه بإنشاء علاقات متينة بين الطرفين، تقود إلى دعم وتمويل المشاريع الضخمة وخاصة مشاريع البنى التحتية كونها تساعد على الاتزان الاقتصادي وهذا مايحتاجه القطاع المصرفي كي يعمل بصورة مجدية ومثالية.
تبادل المنفعة
وأضاف كيسكن إن البنوك التركية مهتمة بشكل كبير بالعمل في السوق السورية، والعديد منها يملك رغبة عارمة لافتتاح فروع جديدة في سورية.
وفي الاتجاه نفسه أشار إلى وجود اهتمام كبير لدى البنوك السورية للعمل في السوق التركية أيضاً، دون أن يحدد لنا البنوك التي تعمل وتؤسس لهذه الخطوة، مشيراً إلى أهمية وجود بنوك مشتركة سورية - تركية تعمل في السوقين السورية والتركية، تساعد في نقل الخبرات وأساليب وتقنيات العمل المصرفي بشكل خاص. وتساعد على تأمين التمويل اللازم للمشاريع الاستثمارية بصورة عامة، مؤكداً على أن السوق السورية ملائمة جداً لهكذا طرح وهكذا تجارب مشتركة ومتبادلة، وخاصة في المجال المصرفي، حيث القاعدة تكون الاستثمار من أجل المستقبل وليس وقتياً وآنياً.
تبادل التجارب والفروع
أما فادي أنطون عبيد مساعد المدير العام في بنك عودة لشؤون بيع الخدمات المصرفية، فقد أكد على أهمية هذه المبادرة بين المصارف السورية والتركية ومالها من نفع على السوق المصرفية السورية التي تمكنها من الاستفادة من التجربة التركية الرائدة، والتي استفادت من أسلوب العمل المصرفي الأوروبي قبل عشر سنوات وكانت سوقها قريبة من وضع السوق السورية حالياً، وكانت النتيجة مبهرة، هذه العلاقة تساعد على رفع مستوى الأداء لدى العاملين في القطاع المصرفي في سورية وتأهيلهم وتطوير قدراتهم ومهاراتهم.
ولكن على صعيد التمويل الذي قد تؤمنه هذه العلاقة، أكد عبيد أن المصارف الموجودة في سورية العامة منها والخاصة بإمكانها تمويل أي مشروع تقترح مهما بلغ حجمه، فالودائع موجودة بكميات كبيرة وماتحتاجه هو طرح لسندات الخزينة كي توجّه هذه الأموال نحو الاستثمار، مشدداً على فكرة الاستفادة من تجارب المصارف التركية وتطبيقها في مصارفنا السورية. وشدد عبيد على ضرورة إنشاء فروع لمصارف سورية في تركيا وتركية في سورية يمكن من خلال المنافسة وآلية العمل أن تقدم خدمة للمصارف السورية وفرصة للاستفادة منها وتحسين بيئة العمل المصرفي في البلد، أما بخصوص إقامة مصارف مشتركة سورية وتركية فأكد عبيد أنها ستكون أبطأ في نقل الخبرات والتجارب، مشدداً على أهمية إنشاء فروع لمصارف موجودة لدعم السوق المصرفية بصورة أكثر فعالية وجدوى.
البعث / علي نزار الآغا.
