لايزال الغموض يكتنف تصريحات المسؤولين حول عملية حساب نسبة التضخم السنوية في سورية مع تركيزهم الشديد على التأكيد بانخفاض معدلات نسب التضخم عن معدلات نسب النمو!
وما يزيد من البلبلة والغموض هو قيام المصرف المركزي بحساب معدل التضخم شهريا أو ربعيا مقارنة بالشهر السابق أو الربع المقابل للعام الماضي..أو بين عامين متتاليين!
وقد يكون القياس الجزئي مفيدا لأصحاب الشأن للوقوف على مسار التضخم زيادة أو انخفاضا لكنه لايصلح أبدا لقياس معدلات التضخم الفعلية بما فيها معدلات التضخم السنوية!
وعندما يعلن المصرف المركزي مثلا أن معدل التضخم بلغ 2.8 % عام 2009 فهذا ليس دليل صحة أو يعدّ مؤشرا إيجابيا لأن القياس هنا تم مقارنة مع عام 2008 الذي بلغت نسبة التضخم فيه 15.15 % !
من الخطأ الكبير المقارنة بين عام شهد نسبة تضخم كبيرة مع عام شهد نسبة تضخم أقل أو العكس أي بين عام كانت نسبة التضخم فيه قليلة مع عام شهد نسبة تضخم مرتفعة كعامي 2009/2008 !
نعرف أن الحكومة تضع سنة أساس لقياس نسب النمو أو حساب قيم الإنتاج الزراعي والصناعي..الخ
ولايختلف الأمر بالنسة لقياس التضخم فهناك أيضا سنة أساس هي حسب المجموعة الإحصائية سنة 2005 وبالتالي يجب دائما قياس التضخم مقارنة بسنة الأساس لنكتشف المعدلات الحقيقية للتضخم هل هي مرتفعة أم منخفضة أم معتدلة؟
ويعتمد المكتب المركزي للإحصاء في قياس معدلات التضخم أسعار السلع والخدمات ومجموعاتها الفرعية والرئيسية وهو بالتالي المقياس الفعلي لمؤشرات ارتفاع أو انخفاض معدلات التضخم.
واستنادا إلى سنة الأساس 2005 المستندة إلى اسعار السلع والخدمات ومجموعاتها الفرعية والرئيسية فإن نسبة التضخم التراكمية بلغت 10.03 % عام 2006 و14.98 % عام 2007 و 32.4 % عام 2008 و36.11 % عام 2009 !
ونستنتج مما سبق أن نسبة التضخم التراكمية خلال الأربع سنوات الماضية بلغت 36.11 % أي أن متوسط المعدل السنوي للتضخم يبلغ أكثر من 9 % بقليل استنادا إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات ومجموعاتها الفرعية والرئيسية!
ويعطي هذا الرقم مؤشرات عديدة أهمها ضرورة أن القدرة الشرائية للأسرة السورية إنخفضت خلال أربع سنوات أكثر من 36 % وبالتالي لم يعد بإمكانهم شراء كميات السلع نفسها التي كانوا يشترونها في عام 2005 .. هذا باستثناء زيادة بدلات الإيجارات والنقل والمياه والكهرباء ..الخ!
ومن المؤشرات الأخرى أن نسب الفوائد المصرفية لاتزال أقل بكثير من نسب التضخم أي أن القدرة الشرائية لودائع صغار المدخرين الذين يعتمدون على فائدتها لزيادة دخلهم ..تتآكل سنويا بنسبة لاتقل عن 2% في المصارف الحكومية و5% في المصارف الخاصة !
سيريانديز
