علي نزار الأغا
كما هو معروف على نطاق واسع في عالم الأسواق المالية، فإن قناتي العبور الوحيدتين إلى أي سوق مالية، مهما كان نوعها، سواء كانت سوقاً لتداول الأسهم و السندات وغيرها من الأوراق المالية، أم البضائع والعملات والخيارات والمستقبليات... هما التحليل الأساسي والتحليل الفني.
فالأساسي هو التحليل المرتبط بإفصاحات الشركات من بيانات مالية معروفة في العرف المحاسبي وهي قائمة الدخل والتدفقات النقدية والميزانية العمومية، وحساب النسب والمضاعفات وإجرائ المقارنات القطاعية واستخلاص النتائج التي تفضي إلى توصيات يحتاجها لمستثمرين في تداولاتهم وقراراتهم الاستثمارية.
بينما يركز التحليل الفني على المخططات البيانية (Charts) الخاصة والتي تمثل تحركات الأسعار في الأسواق المالية، حيث يهتم التحليل الفني بدراسة هذه التحركات وتطبيق المؤشرات الفنية الخاصة للتنبؤ بحركة السوق المستقبلية، والتي يبني المستثمرون على أساسها قراراتهم الاستثمارية في السوق، طبعاً هذا الاتجاه التحليلي يلقى رواجاً كبيرا في عالم البورصات، كونه يرتبط بحركة الأسعار بشكل أساسي، والأسعار كما هو معروف أيضاً تحركها قوى السوق الرئيسية (العرض*الطلب) والتي تؤثر بصورة آنية ومباشرة في الأسعار، وتنقله المخططات البيانية بنفس السرعة وتبينه المؤشرات الخاصة وتقدم النبوآت للتحركات المستقبلية فوراً، ما يجعل المستثمرون أكثر قرباً من هذا النوع التحليلي للأسواق المالية،كونه يوفر سرعة عالية في التقرير الاستثاري، وكونه لا يميز كثيراً بين مختلف أنواع الأسواق، ما يدركه بدقة فنيون الأسواق المالية.
أما التحليل الأساسي، فيلزمه وقت أكبر، في التقرير، ويعتمد على "قوى" أخرى في دراسة وتخمين مستوى الأسعار في الأسواق المالية بعيد عن العرض والطلب، وهي مؤشرات الربحية والعوائد على الاستثمار... وبنتيجة مختصرة يمكننا القول بأن التحليل الفني هو أساس المضاربة في الأسواق المالية والاستثمار قصير الأجل، بينما يعتبر التحليل الأساسي مصدر التقرير الاستثماري طويل الأجل،ويبق للمستثر الاختيار وفق تطلعاته وأهدافه من دخول السوق.
ولكن الفكرة الرئيسية هي أنه لا يمكننا الدخول إلى الأسواق إلا عبر قناتي التحليل الفني والأساسي، ودونهما، يكون الدخول تطفلي ومقامر يفتقد العقلانية، محركه الأساسي هو شهوة الربح وغريزة الانقياد القطيعاني (ثقافة القطيع) المتمترسة بذهنية "الحجي" في الاستثمار والادارة، التي تلغي أهمية التحليل ودراسة الفرص الاستثمارية والجدوى الاقتصادية لأي نشاط.
والأنكى من ذلك، أنه عندما نتحدث عن التحليل المالي على اختلاف مذاهبه، نصطدم بعقلية "الحجي" تلك لدى البعض من "المستثمرين" الذين يدعون الخبرة، والتي تتفوق على العلم برأيهم... هذا المنطق من شأنه تبرير حالات الاستغراب لدى الناس عند سماع بعض القصص والأخبار عن انتحار بعض أصحاب رؤوس الأموال بعد خسارتها بفترة وجيزة في الاستثمارات المالية..؟ !
ali-pipo@hotmail.com
