كتب علي نزار الآغا:
الأمر ليس سراً، فما من متابع أو معني بالشأن المصرفي لا يدرك تفاصيل الصراع بين أهم مؤسستين ماليتين في السوق السورية، البنك المركزي، والمصرف التجاري السوري.. مع دخول البنوك الخاصة مؤخراً حلبة "التنافس" تلك في جولات إثبات لمن الحق والأولوية بالتحكم في شيفرة القروض وغيرها من دقائق السياسة النقدية في البلد.
ولعل أهم انتصار يسجله المركزي على التجاري هو سحب ملف تسعير الليرة السورية، وإخراجه بصورة جديدة بعد توحيد الإحدى عشر سعراً لليرة بسعر موحد مرتبط بحقوق السحب الخاصة بعد تخليصها من تبعات الارتباط بالدولار الأمريكي، الأمر الذي أعاد الاعتبار للمصرف المركزي.
أما بالنسبة لقضية تمويل الحكومة ومشاريعها ... فهي القضية التي يهرب منها المركزي، فعلى سبيل الذكر بلغت ديون الدولة للمركزي في نهاية العام 2009 ما قيمته 318 مليار ليرة سورية، حيث لا ضير أمامه أن يحتفظ التجاري بدوه التمويليي للمؤسسات العامة، في حين تدخل المصارف الخاصة على الخط من هذه النقطة، بما يحق لها المطالبة بمشاركة التجاري بتقديم القروض للمؤسسات الحكومية (الرابحة) على أساس المساواة..؟!
بعيدا عن الدخول في متاهات لمن الأحقية والأولوية، طالما الموضوع هو تمويل مشاريع الحكومة ومؤسساتها، نعيد سويةً اكتشاف عمليات السوق المفتوحة من سندات وأذونات الخزينة وشهادات الايداع.. حيث تقوم الحكومة (بلا منية المركزي ولا التجاري ولا أي مصرف خاص..) بتأمين التمويل اللازم لمشاريعها ومؤسساتها من خلال سعي وزير ماليتنا الدكتور محمد الحسين لطرح طرق التمويل العام تلك.. وهكذا تضرب وزارة المالية سرب عصافير بحجر واحد، حيث تؤمن التمويل اللازم لمشاريعها، وتؤسس لمزادات تشترك في المصارف العاملة في السوق السورية لشراء سنات وأذونات الخزينة عبر تنظيم ومتابعة البنك المركزي ثم تقوم تطرح في سوق دمشق للأوراق المالية للتداول عليها بين المستثمرين، وهكذا ترضي المصارف الخاصة المطالبة بتحريك ودائعها، والمركزي بريادته دور فعال اسوة بباقي المصارف المركزية في العام، ويبقى للتجاري دوره المعتاد كمصرف سوري عام عليه دعم خدماته وتطوير منهجه بالتعامل في السوق على أساس المنافسة الحقيقية.
