.... و يظلُّ حفارُ القبور
يختطُّ في الصمت العميق ، على الثرى، مثوى الفقير..
والأغنياء ، !! يفرشون القبر ، في بذخ ، حرير..؟!
لا، لست أدري ، غير أني ما دعيت ،
لأخطَّ قبراً للغني ، ترى أيخشاه الفناء...؟!
أم أنه نتن، فلم ترضَ بلقياه السماء..؟!
و يعود حفار القبور
من حلمه ، فالشمس قاربت المغيب
و الميت ، ملقى فوق أشلاء الحصير ،
والنادبون
أمٌّ تضوع في يديها ، فلقة ، طفل صغير..
و الدائنون ، تقززوا من منظر الكوخ الحقير،
يتسابقون
كلٌّ يريد السبق في عدِّ الدراهم و النقود ..
و الطفل ، أنساه الطعام ، بريقُ طوق الحديد ..
أغفى على أيدٍ رعته فكان يحسبه ، وليد ..!!
و يظلُّ حفار القبور
يتأمل الليل البهيم ...
ماذا ...؟؟ أفي الظلماء ، هل بعث الفقير ...؟!
و تمر أطيافٌ بعينيه ... تعقدت الأمور ..
سأظلُّ ، لا ، سأعود ، إني لست أنتظر الخبير ..!
و يعود حفار القبور ، يجرجر الطرف الكسير،
يرى في الكوخ الحقير، صدى سؤالٍ ؛ ما تريد ..؟!
فأغرب ، لقد صرت الضريح ، ألا فحد عني بعيد ..
و يطلُّ ، يصفعه السكون ، فلا يرى فوق الحصير ..
إلا خيال الدود يزحفُ فوق أشلاء الفقير... !!
1956