السبت 2010-06-19 21:50:56 رسامون
الفنان التشكيلي جمال العباس لسيريانديز :اللون الأحمرنابع من إرثي النفسي , كيف لا , وأنا ابن جبل تشع من وجه أهله وقلوبهم حرارة المودة والتضحية
أعمالي ولادات حقيقية لعالم يستوطن عمقي ويتصالح معه ليصبح بالتالي التوجه نحوها مشروعا ً فنيا ً تسوغه ضرورة الإبداع
إن مفرداتي اللونية التي أوظفها في لوحتي ويتقدمها اللون الأحمر تجعلني أطمئن دائما ً إلى أنني ابن هذه الشمس التي تركت بصماتها على متروكات أهلي الحسية , سواء كان في مفروشاتهم , كالبسط والوسائد المتواجدة في المضافات .
- وإذا كان البعض يقر بوجود فنانين خاصة من الشباب وصلوا بأعمالهم إلى مستويات فنية عالية باقتدار لوني وتكويني وتقني , لكن الدراسة المتأنية لهذه الأعمال نجدها تدور في دائرة الموجود محليا ً أو عربيا ً أو عالميا ً بمعنى أنها لا تشكل تفردا ً خاصا ً يدخل في حساب الاتجاه أو المدرسة
- تحت تأثر الانبهار بكل ما هو أجنبي ( عقدة الخواجة ) تعتمد شرائح اجتماعية لا بأس بها أن أبناء الوطن المتواجدين في الخارج . خاصة المقيمين منهم على أنهم صفوة المتجمع فينظر إليهم باحترام وتقدير وعندما يعود إلى الوطن يستقبل استقبال الفاتحين في حين أفنى جل عمره في وطنه ولم يعره أحد أبسط الاهتمام !
 
صور الفنان التشكيلي جمال العباس انطباعاته عن بيئته من خلال أشكال موزعة على صفحات الحجر البازلتي والطين الأحمر , وأوراق الشجر الخضراء , فاستطاع الكشف عن مضمونها بصيغ تتلمس الدخول إلى الواقع أو الخروج من الحلم . . والعباس فنان من مواليد السويداء بكالوريوس في الفنون الجميلة قسم التصوير كلية الفنون الجميلة جامعة دمشق 1969 , ومؤسس لمركز الفنون التشكيلية في السويداء . له كتابات ودراسات عن الفن التشكيلي في كثير من الصحف والمجلات , وشارك في العديد من المعارض ضمن محافظات القطر كافة , وخارجه في ( موسكو , برلين , المغرب , ليبيا , الجزائر , العراق , قطر , الأردن ) وعلى هامش معرضه الذي أقيم مؤخرا ً كان لنا معه هذا الحوار .  
* من الملاحظ استخدامك للون الأحمر في معظم لوحاتك ما سبب ذلك ...؟
** إن مفرداتي اللونية التي أوظفها في لوحتي ويتقدمها اللون الأحمر إشارة واضحة لعملية دمج لوني يحكي قصة حرارة الغليان والتي تعشعش في داخلي , وتجعلني أطمئن دائما ً إلى أنني ابن هذه الشمس التي تركت بصماتها على متروكات أهلي الحسية , سواء كان في مفروشاتهم , كالبسط والوسائد المتواجدة في المضافات , أو في أدواتهم ، وهذا كله أجج في نفسي عنفا ً جماليا ً ، وقد يكون هذا واحدا ً مما جعلني أختار , دون أن أقصد هذا اللون بتوجيه عفوي نابع من إرثي النفسي , كيف لا , وأنا ابن جبل تشع من وجه أهله وقلوبهم حرارة المودة والتضحية التي أخالها محاولة لتفكيك الألوان الكامنة في حجر البازلت الأسود , وإعطائه حياة جديدة تشعر معها وكأنه يحتوي على كل الألوان المحتملة , فكما يبوح اللون الأبيض بقوس قزح إذا أطفئ يبوح به اللون الأسود حين يشتعل
* كيف تقيم أعمالك ضمن هذا المعرض ....؟
** أعمالي عبارة عن قراءة في فنجان من البازلت , تتجدر في مكوناته معاجين لونية تفتح بالرؤية المتمنعة ما خلفها عن عالم الإنسان الذي يجاورها ويتعايش معها أثرا ً وتأثرا ً , وأعمالي ولادات حقيقية لعالم يستوطن عمقي ويتصالح معه ليصبح بالتالي التوجه نحوها مشروعا ً فنيا ً تسوغه ضرورة الإبداع , حيث الولادة الفنية لا قبل لها ولا بعد .
* وكيف تقرأ المشهد التشكيلي الحالي على الساحة الفنية التشكيلية ...؟
** صحيح أن الصورة تغيرت مع أحدث المنشآت الفنية والمراكز التعليمية والإعلامية وكلية الفنون , وصالات العرض وازدياد عدد الفنانين والعاملين في هذا المجال , إلا أن النتائج النهائية ظلت مكانها بشكل عام ولم يحدث الاختراق المطلوب ولا الانعطاف الجديد المنتظر . وذلك لأسباب عديدة , لعل منها الانبهار الدائم بكل ما هو أجنبي ــ خاصة الغربي ــ وهي عقدة ما انفكت تلاحقنا حتى اليوم زعزعت مفهوم الانتماء وأضعفته , ناهيك عن جهل معرفي بمقوماتنا الخاصة , والاستهانة بها مستغفلين إخفاقات إصابتنا هنا وهناك . وإذا كان البعض يقر بوجود فنانين خاصة من الشباب وصلوا بأعمالهم إلى مستويات فنية عالية باقتدار لوني وتكويني وتقني وطرحت أعمالهم جماليات تستوقف الرأي وتشغله تحسب لهم على أنها تفوق وهذا صحيح , لكن الدراسة المتأنية لهذه الأعمال نجدها تدور في دائرة الموجود محليا ً أو عربيا ً أو عالميا ً بمعنى أنها لا تشكل تفردا ً خاصا ً يدخل في حساب الاتجاه أو المدرسة , وقد أشار إلى ذلك البعض ممن يكتبون في التشكيل أو النقد الفني بينما خالف آخرون ذلك وتمادوا في التعظيم والتبجيل دون أدنى اعتبار لمفهوم المدرسة أو الاتجاه . ولعل القارئ المتتبع لمسارات كتاباتنا التشكيلية والراصد قد لاحظ في الفترات الأخيرة وخاصة ما كتب مثلا ً عن المعرض السنوي إن بعض هؤلاء قلبوا ظهر الهجن لكتاباتهم السابقة وعادوا يقرون بحقيقة أن نتاجنا الفني لازال في طور التجربة الذاتية الفارقة حتى العظم بالمؤثرات السابقة والوافدة ... إن ذلك يعني ببساطة إن الاشكالية ليست وقفا ً على النتاج الفني بل تتعداها إلى النقد الفني باستثناء القليل القليل ممن حافظ على الروحية النقدية الحقة .
ولعل التداخل بين الخاص والعام وغياب نظام الأرشفة للفنانين ونشاطاتهم , والتهاون في التقويم يعكس حالة الشعور العام بالإحباط والمرارة بين أكثرية الفنانين خاصة القدماء والمخضرمين منهم ممن عاشوا مرحلة الرواد واقتربوا منها وشاركوا في المعارض الكبرى .

ئ ما مفهومك للعالمية , وكيف ترى واقع فناننا التشكيلي خارج القطر ...؟

** تحت تأثر الانبهار بكل ما هو أجنبي ( عقدة الخواجة ) وضمن الانتماء أو التشكك فيه تعتمد شرائح اجتماعية لا بأس بها أن أبناء الوطن المتواجدين في الخارج . خاصة المقيمين منهم على أنهم صفوة المتجمع فينظر إليهم باحترام وتقدير ... ويحلو لكتبة مجال النقد الفني أو بعض المثقفين أن ينعتوا كل فنان له مثل هذه الصفة بالفنان العالمي أو على الأقل متميز على ما عداه بالداخل دون وعي وإدراك بمفهوم العالمية أو التميز . إن توفر مثل هذه الصفات منوط بأعمال فنية غير مسبوقة أو اتجاهات مدرسية تشكل إضافة إبداعية خارقة تستوعب المحلية وترقى بها فتحمل اسم صاحبها, ومن غرائب الأمور حتى لو سلمنا بوجود مثل هذا الفنان العالمي أو المتميز أنه عندما يعود إلى الوطن يستقبل استقبال الفاتحين في حين أفنى جل عمره في وطنه ولم يعره أحد أبسط الاهتمام ! لكن هذا لا يعني أن تنسى فنانين لنا مقيمين في الخارج حققوا نجاحات لها قيمتها .
جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays / arts © 2024