الجمعة 2017-02-03 22:02:12 أدبيات
شاعر وشويعر وفيسبوكي

دريد أكرم زينو - سيريانديز

ربما لوكان الشاعرالأعمى بشار بن برد يعيش في زماننا هذا وامتلك حساباً على "الفيس بوك" لوجد يومياً مئات الرسائل التي تطرقُ بابَ بريدهِ من شُعراء العصر الأزرق لتأخذ رأيه بالمعلقات التي يرغبون بنشرها على حائطهم "الفيسبوكي" , وما لا شكَّ فيه أنه لم يكن ليتهرب وسيجيبُ دائما وعلى مبدأ " النسخ واللصق " على الجميع بما يلي : الشعراء ثلاثة: ( شاعر , وشويعر , و"فيسبوكي" . أما أنا فشويعر , وتقاسم الباقي مع امرئ القيس ).

المثقف السوري والمتابعُ اليومي للوسط الثقافي في سورية والذي ينعكسُ بشكل واضح على الصفحات الزرقاء لابدَّ وأنهُ سيجدُ نفسهُ في لحظةٍ ما بين ثلاثِ خياراتٍ حتمية

الأول أن يقرر الابتعاد قدر المستطاع عن هذا الوسط ومحاولة إنكار إنتمائه له في يومٍ من الأيام .

الخيار الثاني أن يندمج ويتأقلم ويصبحُ كغيره من مثقفي الزمن الأزرق الذين لا يعوّلُ عليهم .

أما في الخيار الثالث وقِلّةٌ هم من اختاروه هو إعلانُ الحرب على هذا الإنحدار في المستوى الفكري للكثير من حاملي القلم والذين من المفروض أن يكونوا أصحاب رسالة وأن تكون أقلامهم موجهة كفوهات البنادق لإطلاق الكلمة التي تدافع عن إرثنا السوري لا أن تكون مجرد أداة لتحقيق مآرب شخصية تضرُّ بالصورة العامة لهذا الوسط.

الوسط الذي أصبح كخصرِ راقصةٍ تتمايلُ نحو الجهة التي تدفعُ أكثر أو نحو الطاولة التي تحتوي على إغراءاتٍ أكبر .

قد يهاجمني الكثير بحجة أنني قد أكون عممتُ وحكمتُ على الجميع بما قلت, ولذلك سأرد قبل أن أهاجم وأقول وبالعامية " اللي ع راسه ريشة, بيحسس عليها ", فأنا لم أعمم والقِلة التي اختارت الحرب على الإنصياع أو الهروب هم من نعولُ عليهم جميعاً لإعادة بوصلة الثقافة نحو جنوبها الحقيقي ..

هذه القِلة أياً كان تعدادها فإنها تضم أسماء نرتعدُ احتراماً وإجلالاً عند ذِكرها, أسماء قدمت وتقدم على طبقٍ مِن فضة الكثير من عُصارة تجاربها ودراستها وأبحاثها والتي قضت فيها عُمراً كاملاً لننهل نحنُ منها وبالمجان .. لا لنسيء إليها بانسياقنا نحو هذا المنحدر الأخلاقي الثقافي الذي نراهُ جميعا ونغض عنهُ أبصارنا ..

ومما لا شكَّ فيه بأن هناك عددٌ لا يستهانُ بهِ من الجيل الصاعد مازال يتمسك بسوريته وثقافتها ويضعُ نفسهُ لأجلها كلغمٍ في طريق كل من يحاول تخطي حدود أخلاقياتها التي تربينا عليها ..

لذلك فإن جلَّ ما علينا فعله هو أن لا تأخذنا الإغراءات وأن لا تخيفنا " الشللية " وأن نمضي نحو تصويب المسار لأن الطريق الذي يُرسمُ اليوم في سورية وعلى جميع النواحي وعلى رأسها الثقافة هو الطريق الذي سيسيرُ عليه أبناؤنا في الغد القريب وعلينا أن نزرع بذرة صالحة .. لتحصد الأجيال القادمة ثمرة صحيّة مفيدة تكونُ زادهم لبذارٍ سيزرعونهُ غداً .

جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays / arts © 2024