الجمعة 2016-08-05 03:23:50 اخترنـــا لكـــم
في ختام ملتقى دمشق الثقافي الأول.. قصائد لتوفيق أحمد وحضورٌ لليندا بيطار

أحمد عساف
مع اليوم الأخير من فعاليات ملتقى دمشق الثقافي الأول، الذي رعته وزارة الثقافة السورية، 
والذي أقيم في خان أسعد باشا العظم، في دمشق القديمة، كان مسك الختام رائعاً جداً، مع الشاعر توفيق أحمد، والفنانة ليندا بيطار وفرقتها الموسيقية، بحضور جماهيري لافت للانتباه، وهو مؤشر متميز على الأمل والتفاؤل، وعلى عودة الروح والحياة لدمشق العظيمة.
جمهور صفق لقصائد الشاعر توفيق أحمد، وبادل ليندا بيطار المحبة بالمحبة حين شدا معها، وكأنه كورس في فرقتها.
قدم لليوم الأخير الدكتور عبد الوهاب أبو صالح، رئيس مجلس إدارة الملتقى، بعد الترحيب بالحضور اقتبس مقطعاً من قصيدة للشاعر توفيق أحمد: «لا تكسر الناي كن صوتاً ورجع صدى/ لجدول كان يوماً يعشق البلدا/ لا تكسر الناي لا تترك أصابعنا تضيع فوق تفاصيل الجراح سدى/ لا تكسر الناي قل ما شئت لامرأة كانت تمر ولكن لا ترى أحدا».
في البداية كان الشاعر توفيق أحمد قد قرأ علينا العديد من قصائده الشعرية التي تنوعت في مضامينها وفي بنيتها ورؤيتها للحياة، وتراوحت بين قصيدة العمود (قصيدة الشطرين)، ومن ثم قصيدة التفعيلة، وأخيراً بعض القصائد النثرية، قرأ الشاعر قصائده بكثير من الشغف، وتألق في ذاك الإلقاء الآسر الذي تأكدنا معه أن حاسة السمع من الحواس النبيلة، وأن حال الشعر مازالت بخير.
قصائده النثرية كثيراً ما انحازت إلى عنصر الدهشة، أو لنقل «القفلة» غير المتوقعة، وهذا ما حقق لقصيدته النثرية تلك الخصوصية وتلك السمة الشعرية الخاصة، منها مثلاً «فينيق الخصوبة»: «الآن افتتح القصيدة باسم من زفت إلى الدنيا/ شموع الأبجدية / وأطير مزهوا بأشرعتي/ أنا السوري فينيق الخصوبة / مقعدي الأزلي في عمريت/ مزدحم بأجنحة النوارس/ كل ما يصطاده التاريخ للمطر الخلود/ أراه يقفز في شباك اللاذقية».
حين يكون للشعر كل هذا الحضور الجميل، سنكتشف أنه ثمة مازال مَنْ يصرّ على متابعة الشعر، لا لشيء، فقط للوصول إلى أن مازال الشعر ديواناً للعرب، وأنه في وسع القصيدة أن تنوب عن مبضع الجراح، وأن الشعر بلسم لعلاج الروح المكلومة «وتهل يا مطراً شريفاً فوق صحرائي/ فيزهو نخل غربتي الذي هم غربوه/ إنه النخل الذي ينساب في الأرض الطهورة/ منذ بدء الخلق.. هو ذا المكان وذا الزمان وذي الحكاية/ لكن زندك يا أمير العشق ألوى ساعد الظلمات وانتزع الغلالة عن مآقينا».
تفاعل الجمهور كثيراً مع قصائد الشاعر وطالبه بالمزيد، إلا أنه أقفل أمسيته بقصيدة غزل جميلة، بعنوان: «أحبك»، قال فيها: «لأنك مشغولة من خيوط العناد أحبك/ لأنك أسطورة من رماد أحبك/لأنك تفاحة اللامبالاة أحبك/لأنك جنية صعبة الانقياد أحبك/لأنك لا تعشقيني كثيراً أحبك/لأنك لا تكرهيني قليلاً أحبك».
أما ليندا بيطار، الفنانة السورية المتألقة ذات الصوت المميز، وذات الحضور الجميل واللافت، فأطلت علينا كنسمة لطيفة في صيفنا القائظ، وكان لحضورها ذاك الألق الذي لا ينسى، وتلك الابتسامة الخجولة والوقورة، التي غطت على السواد الذي كانت ترتديه، هي وأعضاء فرقتها، السواد الذي كان المعبِّر عن سواد أيامنا. ابتسمت لنا وابتسمنا لها، غنّت لنا وغنينا معها، لم تكن بحاجة لكورس حين تحولنا من دون أن ندري لكورس لها، حين بدأنا نردد معها ما تغنيه لنا من أغاني فيروز ومحمد عبد الوهاب وسعاد محمد، وبعض الأغاني من التراث السوري العريق.

جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays / arts © 2024