الإثنين 2016-05-30 21:08:15 أدبيات
مجموعة “أمسك الأرض وأجري” للشاعر منير خلف…قصائد تخاطب المجتمع والإنسان

أمسك الأرض وأجري” مجموعة شعرية لمؤلفها منير خلف تباينت في قصائدها الحالات النفسية والاجتماعية والتشكيلية التي أخذت شكلا يعتمد على موسيقا التفعيلة الواحدة المتناسقة مع العاطفة الإنسانية النابعة من أعماق الشاعر.

في المجموعة تصوير للحالة الاجتماعية والبيئة التي تنعكس تداعياتها الايجابية والسلبية على ناسها معتبرا أن أكثر المجتمعات وصلت إلى الإفلاس نتيجة ما تعانيه من قهر وجهل وألم فقال في قصيدته “غلوكوز المكان”: “يحلو المكان بأهله .. وبناسه .. يا من يراني .. عالقا بلباسه خذني إلي إليك .. إني مفرد .. من أسرة التغريد .. لست بآسه لكن حزني .. ظل ينبت في دمي .. بحرا يمد خطاه .. ليل يباسه أسيان أمشي.. نحو درب مفلس .. من أخمص التاريخ حتى رأسه”.

في قصيدة “سنظل في الحسكة” يعبر عن إحساس جريح ولواعج ممزوجة بالألم تجاه مدينته وكيف تحول الفرح والأمل إلى وجع جارح بعد تهديد الإرهاب وبعد ما حل من خراب سببته المؤامرة على سورية فقال: “ما زلت في الحسكة .. أنعي الشوارع والوجوه .. وقطرة البركة أبكي الجهات .. وأندب الأيام .. والرعب الذي في عمقها .. قتل المساءات الجميلة وارتدى لحظاتنا يأس الطريق .. ليدلق التركة”.

وتتداعى الذكريات عبر قصيدته “رصيد قلب” ويسترجع أيام الطفولة ولحظات اللهفة الحاسمة التي تدفع بالشاعر ليهرب إلى طفولته بعد أن أصبح ضحية ما يراه من ألم وضياع بأسلوب توفرت فيه أسس النص الشعري ومحسناته والرؤى التي يخلص إليها الشاعر بعد كل ما يتكون في مخيلته من تناقضات فقال: “سأودع قلبي .. رصيدا لديك .. وقد عاد .. طفلا صغيرا إليك وبات يلون دفتر عمري .. كلاما جديدا على ساعديك”.

وفي قصيدة “خديجة” نجد تشكيلا إبداعيا واستعارات أخاذة تبعث الألق الذي يرافق القارئ منذ كلمات القصيدة الأولى إلى كامل موضوعها المتوازن والمتحول باستمرار عاطفي من بداية الموضوع إلى نهايته وفق استخدام حذر للأدوات والحروف التي أصبحت رابطا مؤسسا في كيان النص فقال: “خديجة .. مري ببال النسيم .. لكي يتعلم كيف يكون عليلا وكوني فراشة ضوء .. لكي تتعلم كل الحدائق .. كيف يصير الرحيق.. رسولا نبيلا”.

ثم يظهر الكبرياء في نصه الشعري “وحشة المعنى” ولا تتمكن الألفاظ إلا أن تكون طوع موهبته القادرة على ترتيب العبارات دون أن تخدش العاطفة لتعطي مجالا للدلالات كي تشير إلى مبتغاها فيقول: “وجع .. كقامة جرحي العاتي .. يشردني .. ويبعدني عن اللذات.. عن تاريخ أشواقي .. وعن قلبي .. يضيء مفاتن الذكرى .. يسطر صرختي .. في كهف ليلتي العقيمة .. لا يؤرخ في دمي .. إلا هديل الآه .. في ترحال أعصابي”.

تعتمد نصوص الكتاب الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب والذي يقع في 151 صفحة من القطع المتوسط على البنية الإنسانية في قوام القصيدة حيث تشكل الدلالات جانبا مهما في خدمة العاطفة كأولوية أولى في النصوص والتي تكون الرابط العاطفي والإنساني بين النص والمتلقي.

كما كان للذكريات والوفاء بالعهود وللأصحاب حضور كبير في الوسائل التعبيرية الموجودة بالنصوص إضافة إلى المنحى الإنساني الذي ظل في كل القصائد فكرة أساسية تدور حولها التعابير وتغنيها.

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays / arts © 2024