الإثنين 2016-04-19 00:08:31 كــتب
كتاب جديد عن الشاعر الراحل سعيد عقل يضم مقتطفات من نثره وشعره

تضمن كتاب “سعيد عقل شاعر الفرح ورسول الحب” إعداد هاني الخير مجموعة من الحوارات الصحفية التي أجريت مع الشاعر اللبناني الراحل
ومقتطفات من نثره فضلا عن قصائده التي غلب عليها حب دمشق بشكلها الموسيقي وتركيبها العاطفي إضافة إلى قصائد بالفصحى والعامية ذهبت إلى معان إنسانية واجتماعية بأسلوب حديث كان للتفعيلة حضورها الأكثر في نمط التكوين الشعري.

ولعل أجمل ما تجلى في قصائد الشاعر عقل تعلقه بدمشق بما تمتلكه من غنى حضاري وبهاء تاريخي ونظرا لما تشكله في حياة الشاعر من أهمية قصوى ظهرت في المعاني التكوينية التي امتزجت بعاطفة مؤججة متصاعدة في أغلب ما جاء من شعره في الفيحاء حيث قال في قصيدة بعنوان “سائليني”.. “سائليني حين عطرت السلام .. كيف غار الورد واعتل الخزام وأنا لو رحت استرضي الشذى .. لانثنى لبنان عطرا يا شآم
ضفتاك ارتاحتا في خاطري .. واحتمى طيرك في الظن وحام”.

وفي قصيدة “شآم يا ذا السيف” يختلف أسلوب التدفق الشعري في القصيدة عن غيرها عند الشاعر عقل فتمكن من جعل حرف الروي الباء رقيقا ومطواعا في خاتمة القصيدة التي اتخذ لها بحر الرمل فضاء ليشكل عبره منظومته الشعرية المكونة للقصيدة والتي ترادفت وتوالت فيها الصور بعد أن كانت القصيدة معارضة لبائية عمر أبو ريشة الشهيرة فقال.. “شام يا ذا السيف لن يغب .. يا كلام المجد في الكتب قبلك التاريخ في ظلمة .. بعدك استولى على الشهب لي ربيع فيك خبأته .. ملء دنيا قلبي التعب”.

كما ارتقت الصورة التشكيلية في قصيدة “سوف نبقى” التي جدد فيها بالأسلوب التعبيري في تكوين اللوحة الشعرية لتجيء عفوية وقريبة من ذائقة المتلقي حيث يشعر القارئ أنه قادر على تركيب مثل هذه الصورة إلا أنها تمتنع في تركيب معقد بالقصيدة كقوله.. “وقرى من زمرد عالقات .. في جوار الغمام زرق الضياء يتخطين على مسرح الشمس .. بلادي على حدود السماء”.

أما ما جاء منظوما بالتفعيلة فكان أغلبه باللهجة المحكية الغنائية التي غنت أغلبها الفنانة فيروز دون أن ترقى إلى مستوى الشعر الفصيح الذي كان يرفل بالصور والعفوية والإنسياب والعذوبة كما استخدم في شعره الفصيح بحوراً شعرية على غير عادة الشعراء كبحر الرمل والبحر الخفيف إضافة إلى قصائد أخرى غنتها ماجدة الرومي.

ويرى الباحث الخير أن سعيد عقل هو ثورة واعية في الشعر العربي المعاصر غنى للفرح وللمسرات وللحياة البهيجة يتذوقه بمتعة من أصاب ثقافة رفيعة خلال حياته حيث أحب من الربيع عطره ومن الوجود الخالق في المطلق ومن المرأة ذاتها القوية إضافة إلى أن سعيد عقل خدم اللغة العربية خدمة جليلة انتشلها من بحر الركود والجماد التي غرقت فيه طوال قرون عديدة لأنه استطاع أن يعيد للكلمة الشعرية نارها الأولى.

على حين بين الباحث الروائي رسلان علاء الدين أن عقل ظاهرة متميزة بحد ذاتها فهو شاعر يقدم شعره بعناية النحات وبهوس البحث عن الكمال فامتاز طبعه بالتناقضات الحادة فهو الذي أنشد للعروبة ثم دعا إلى تبني اللهجة المحكية اللبنانية بدل اللغة العربية والتي وصفها بالميتة وللمفارقة هي التي كتب بها أجمل أشعاره التي كتبت لشعره البقاء.

ولكن الشاعر عقل وقع في قصائده بأخطاء لغوية لم يشر إليها معد الكتاب كقوله في قصيدة سائليني يا شآم “أهلك التاريخ من فضلتهم” وهذا خطأ واضح لأن فضلة تجمع على فضلات كما تلاه ضعف في معنى البيت الذي تلاه عندما قال.. “أمويون فإن ضقت بهم” كما تكرر هذا الخطأ عند المعد الذي نصب الفاعل بالياء بدلاً من الألف كقوله في مقدمات القصائد التي غنتها فيروز “لحن القصيدة الأخوين بدلا من الأخوان” كما اعتبر أن عقل طور اللغة العربية وهذا خلاف للواقع لأن الأخير كان من أشد الرافضين للغة الضاد وطالب استبدالها بالعامية.

يشار إلى أن الكتاب صادر عن دار رسلان ضمن سلسلة أعلام الشعر العربي الحديث ويقع في 132 صفحة من القطع الكبير.

جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays / arts © 2024