الخميس 2016-04-14 22:49:29 بورتريه
بورتريه.. أحمد داوود.. ل «الموغل في عمق حضارتنا»

كاتبٌ وباحث، لأنه أدرك ومُذ توقّد وعيه، بأن «الفكر والإعلام، لن يكونا أقل شأناً من أي سلاح في مواجهة المعركة التي تخوضها الأمة العربية»، وبأن «على الحقِّ أن يواجه الباطل والتزوير والعدوان وسوى ذلك من تشويهٍ للتاريخ، وخاصة تاريخ سورية الحضارية».

‏‏

لأنه أدرك ذلك، سعى لتصحيح هذا التاريخ، ولمواجهة السياسة الباطلة التي انتهجها الخصوم، وبإشهار فكرهِ، بحثاً وتوثيقاً عن كلِّ ما أراد منه الوصول إلى النور الذي كانت جدّته قد أوقدت للوصولِ إليه، الشعلة الحضارية.‏

إنه «أحمد داوود» ابن سورية وأبجديتها، والذي ولدَ في مدينة «جبلة» وفي قرية جبلية أغرقت أرضها كنوز الحضارة بمختلف اكتشافاتها.‏

عاش طفولته، ضمنَ أسرةٍ صغيرة يعمّها الحب والحنان والثقافة وحبّ الاطلاع الذي أورثهُ إياهُ والدٌ، كان أديباً وشيخاً تقيّاً. أيضاً، لغوياً له أول الفضل في اتّقاد عقله وذكائه وتفوقه، وعبر مراحل دراسته التي بدأها في مدرسة القرية المتاخمة، وبتشجيعِ والدته التي أقنعته بالذهاب إليها لعدم وجود مدرسة في قريته.‏

هكذا كانت بدايته. بداية دراسته التي انطلق لأجلها من مدينة جبلة إلى اللاذقية حيث أنهى الثانوية. بعدها، حصل على درجة الماجستير في الآداب واللغات، وسافر موفداً إلى «موسكو» بعد أن تقدّم إلى المعهد العالي للغة الإنكليزية.‏

في موسكو، بدأت مرحلة جديدة من حياته التي شغلها بالبحثِ في تاريخ حضارته وسوريته. مرحلة جديدة، نال خلالها شهادة الدكتوراه في تاريخ سورية القديم، وبعد أن توالت أبحاثه وأعماله في تصحيح، ماردَّ به على من شوّه التاريخ وحقيقته.‏

كل هذا، جعل منه باحثاً متفوقاً فيما نال عليه، جائزة «جبران خليل جبران» العالمية. الجائزة التي مُنحت له، تقديراً لجهوده ودقة أبحاثه التاريخية.‏

ننتقل إلى مؤلفاته التي تنوعت في إبداعاتها والتي بدأت بـ «الصهيل» و«رقصة شمس» وهما من أعماله القصصية، أيضاً، مسرحية «جلجامش أو نصف على نصف» و«حبيبتي ياحب التوت» وتُعتبر أول عمل من أعماله الروائية.‏

أيضاً، ومن ترجماته: «كان هذا في ضواحي روفنو» و«البلدان المتخلفة وسياسة الغرب الاقتصادية» و»المادية التاريخية» واحذروا الصهيونية»..‏

أما عن المؤلفات الأهم والأشهر، فسلسلة سورية وعودة الزمن العربي، «تاريخ سورية القديم-تحرير وتصحيح»، «العرب الساميون والعبرانيون وبنو إسرائيل واليهود»، «تاريخ سورية الحضاري القديم»، «الانتشار الحضاري السوري- التاريخ الحقيقي للاغريق».‏

عمل في التدريس والصحافة، وكان رئيس قسم التاريخ والإعلام في مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في جامعة دمشق. أيضاً، هو عضو في اتحاد الكتاب العرب، وعضو شرف في جمعية المؤرخين المغاربة، وكان مستشاراً ثقافياً في الخارجية السورية، بالإضافة إلى مناصب أخرى استحقها بسبب جرأته وقوته في إشهار سلاح الفكر والتاريخ الحق.‏

أعدَّ وقدّم البرنامج التلفزيوني الثقافي التاريخي «نحن وهذا العالم» وهو عن نشوء الإنسان والحضارة والعطاءات الإبداعية للحضارة العربية عموماً وخصوصاً السورية.. وضع قصة وسيناريو وحوار المسلسل الدرامي التاريخي الطويل «جوليا دومنا» وفيه يحكي عن التاريخ الحقيقي للحضارة السورية.‏

هذا هو «أحمد داوود» الباحث السوري المُتخم بحثاً عن كلّ مايُعلن ولكل العالم، بأن أرضه هي أرض الحضارات على مرِّ التاريخ والسنين.. هذا هو الباحث السوري الذي شهدَ على ماجعله يردُّ على من ادّعوا بأنهم مثقفون:‏

«إن ثمّة موجة كبيرة على امتداد الساحة، ممن يُسمَّون مثقفون، وما ينفكون يختبئون تحت قناع كلام الموضوعية والتزام عدم المبالغة، لكنه القناع الذي لا يُخفي خلفه، غير كذب العاجزين ولؤم المقصرين»..‏ 

جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays / arts © 2024