الجمعة 2016-01-15 23:14:02 أدبيات
الشاعر محمد عُضيمة..يهمنــي أن يســمع بـي جـاري.. ولا أريـد أن أكـون مالـــئ الدنيـــا

« الميامر والتساعات التابعة، ما حدث في السينما، النهار يضحك على الناس، الشعراء يلتقطون الحصى، يوميات طالب متقاعد، تثاؤب حديث جداً، لا لا لن أعود إلى البيت، يد مليئة بالأصابع، شكراً للموت،

و.. أصلُ بعد قليل»، تلك بعض من المجموعات الشعرية، التي أصدرها حتى اليوم الشاعر السوري محمد عُضيمة، المُقيم في اليابان.‏

هي مجموعات متكاملة تهدف إلى تكريس مشروعه المبتسم، كما يُقدم عُضيمة مشروع قوله الشعري، وذلك في تلك القصيدة التي تهرب من فحولة اللغة، ووحش شمولية الايديولوجيا أياً كان هدف تلك الايديولوجيا وصولاً إلى قصيدة تُلمس وتُحس بيقين الأصابع، والفرق بين مجموعة وأخرى يرتكز على درجة تظهير ملامح هذا المشروع والابتعاد، ما أمكن، عن أجواء الشعر المطروح في السوق.‏

ومحمد عُضيمة يُردد دائماً: «لا يهمني أن يعرفني الخيل ويعرفني الليل، بل يهمني أن يسمع بي جاري، ولا أريد أن أكون مالئ الدنيا، وشاغل الناس أريد أن أملأ ثيابي، وأشغل بال حبيبتي». وعندما نسأله: ألهذه الدرجة قزمت الشاعر ومهمته؟‏

كان يُجيب دائماً: بالعكس تماماً، هذا ليس تقزيماً للشاعر، بل هو إعادته إلى جادة الصواب، إلى ذاته أولاً وإلى محيطه ثانياً، هو إعادته إلى إنسانيته وإلى مسؤولياته. أي دنيا يريد أن يملأ أفضل من دنيا ثيابه، وأي بال يريد أن يشغل أفضل من بال حبيبته. ذلك إن أعظم شاعر هو من يقنع حبيبته أولاً به كإنسان وكشاعر. !‏

تلك المجموعات الشعرية، إضافةً لعشرات الكتب النقدية، والترجمات، حتى كاد أن يُشكل هذا الشاعر مؤسسة بشغله الذي لا يكلُّ أبداً، حتى بات يُمكننا القول بمذهبٍ شعري «عضيمي»، مذهب يتمرد على كآبة الكلمة كما يصفونه.. ومن ثمّ فإن محمد عُضيمة بتلك الجرأة التي يحسده عليها الكثيرون، وبتلك الإشكالية التي يحسده عليها الكثيرون أيضاً، فهو إذاً يملأ الكثيرين، ويعرفه الكثيرون أيضاً أكثر من حبيبته و..صديقاتها، وأقنع العديدين لدرجة صار المتأثرون بمشروعه، وقوله الشعري أكثر من أن يحصون.!‏

وهذه بعض من شهقات الشعر من مختلف مجموعاته:‏

1‏

أعجبتني الحكاية‏

ولم أعد أحتمل الكناية والاستعارة‏

ومتاريس الصور‏

ومقاييس الإنارة‏

في صفحة أو صفحتين‏

من الكلام‏

الأرزة صادقة، والحور، والدلب‏

وطريق الاسمنت أيضاً..‏

2‏

لا شيء لكم عندي‏

أبداً‏

لا شيء‏

إذا ما قرأت قصائدكم‏

بالمقلوب‏

كما يرتدي الأطفال‏

ثيابهم‏

أو‏

صنادلهم بالمقلوب..‏

3‏

هو اللايكفُّ‏

عن كتابة القصائد الحزينة،‏

مثل عانس مات جارها؛‏

التقيته صدفة؛‏

وكان في عينيه‏

يأسٌ جديد.‏

4‏

لا أحب تاءك المفتوحة أيها الموت..‏

تاؤك المفتوحة مثل قبر‏

كلما نزل فيه واحد‏

يقهقه صارخاً: هل من مزيد‏

أيها الموت، الذكر‏

أيتها الحياة الأنثى‏

ألأنك أنثى يحبك الجميع‏

ألأنه ذكر لا يحبه أحد..!!‏

5‏

عيناي صغيرتان،‏

وتعشقان التلصلص‏

على نحور النساء،‏

فبيننا منذُ الطفولة،‏

عينيّ الصغيرتين وأنا،‏

تواطؤٌ وحبٌّ قديم.‏ 

جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays / arts © 2024