الخميس 2016-01-07 11:19:28 أدبيات
أميرة الياسمين..قصيدة للشاعر عصام خليل وزير الثقافة

قصيدة للشاعر الاستاذ عصام خليل وزير الثقافة "أميرة الياسمين"

سأكونُ ممتنّاً
لأيّ رصاصةٍ تغْتالني ليلاً،
لأنّي لا أحبُّ الموت في وضَحِ الحياةِ،
فربّما ينتابني الإشفاقُ،
حين أرى عيون القاتلينْ.
وأحسُّ أنّي قد خُدعْتُ،
بأنّ لي نسباً من الغيم الشفيفِ،
وأقرباءَ من المروج،
ولم يكنْ إلاّ ادّعاءً من ظنينْ !!
نسيتْ طفولتُنا البراءةَ،
علّمتْنا ـ بالرّصاص الحيّ ـ
“وعي الناضجينْ”!
سالتْ على الجدران أسماءُ الشباب…
ولم يعد في البيت…
غيرُ الرّاحلينْ!
صارتْ أغانينا بيوتاً للغبار،
تكسّرتْ فيها النوافذُ،
والخيولُ تجوسُ “بالدّفع الرباعيّ” الهواءَ،
تُخلّع الكلماتِ والأفكارَ…
تجمعنا بريداً لاجئاً،
تخبو دفاتره البهيّةُ في خيام الآخرينْ!!
بُحَّ النشيدُ، وفي المدى أصداءُ من
جرسٍ حزينْ.
هذي البلاد تهدَّمتْ فينا،
شظايا في الضَّمير…
أعيشُ… تؤلمني الحياةُ،
ولا أحبُّ الموتَ،
لكنّي ضجرْتُ من المراوحة العجولة…
في الجنونِ،
ولا أرى أفقاً يهيّئُ نجمةً،
لِأحُطَّ فوق وميضها،
وأقولَ:
تبْتُ عن الحنينْ!
ما قال لي أحدٌ: سلاماً،
حين أَوْدَعْتُ المغيبَ نجومه الأولى،
وقلتُ لما تيسَّر من بكاء القلب:
لا تكفرْ بآلاء البنفسجِ،
فالقيامةُ لا يقيمُ بروجَها
إلاّ ركامُ الطّيبينْ!
هل كان لي وطنٌ يعذّبهُ الحنينُ إليَّ،
أم نسيَ الصنوبرُ أنّني…
ـ من نُعْميات يديه ـ أرشحُ خضرةً،
حتى أُضمَّدَ روحه العطشى،
وأصبرَ لا يفارقني اليقينْ؟؟
صدّقْتُ أنّ الله أكبرُ،
واكتشفْتُ على شفا السكّين،
أنّ الله “ أكبرُ” من دموع الأمّهاتِ،
ومن رجاء اليائسينْ!!
لا لم أكنْ ولداً لهذي الأرضِ،
كنْتُ إناءها الدمويَّ،
كنْتُ محجَّ من يجدُ الطريق إلى السماءِ
مسمَّراً بقذيفةٍ،
وكأنّني من غير عائلةِ الترابِ،
وُلدْتُ مشبوهاً،
وجئْتُ نقيضَ ما في الخلقِ
مِن ماءٍ مهينْ!!
مَن فوَّضَ الأمواتَ نبشَ الرّوحِ،
كي يتأكّدوا مما يُخالجُها من الفوضى،
ومن عدم التزام قواعد الإملاءِ،
في تقديس سرِّ السَّالفينْ!!؟
لي زرقتي، وبياضُ روحي،
والهواءُ قصائدي،
أذروا نسائمه موائدَ للعبير،
لكلِّ عاشقةٍ نُدوبٌ في الكلام،
ولا أفسِّر ما ارْتَأيْتُ بأنّه
العشقُ المبينْ!!
آمنتُ بالأنثى…
بسرّ خصوبةِ الرّحم العتيقِ،
بما تضجُّ به الحياةُ من الغواية،
لم أجدْ في الموتِ إلا مهنةً خرقاءَ،
تُتْقنها النفوسُ العالقاتُ
على غبار الغابرين!!
لا لم نكنْ…
في صحبةِ الزَّمنِ الذي…
يمتدُّ من وجع المخاض،
لآخر امْرأةٍ تُواعدُ عاشقاً
ـ في حلمها العسليِّ ـ
ثُلّةَ عابرينْ!
كنّا شهودَ الدَّهرِ…
عمَّدْنا طفولته بماء الأبجديّةِ…
بالسّنابل… وابْتَكرْنا الضوءَ،
قُلنا للصَّباح: تعالَ…
فانْهمرَ البنفسجُ نعمةً للحالمينْ.
قَبْلَ الزمان هنا دمشقُ،
وبعده تبقى دمشقُ،
ووجهُها النبويُّ بابُ الله،
تدخلُه السَّماءُ لتشربَ الفجرَ الّلُجَينْ.
والتّينِ…والزّيتونِ…
لو لم يقرأِ التاريخُ أرضَ الشامِ…
لم تتعلّمِ الأشجارُ
زيتوناً وتينْ.
شاخَ المدى…
وشبابُ وجهكِ يافعُ الأيّامِ،
وضّاحُ السنينْ.
والدّهرُ يشهدُ:
لادمشق سوى دمشق
أميرة للياسمين

جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays / arts © 2024