الأربعاء 2015-11-04 22:12:34 اخبار الفن والفنانين
رسول حمزاتوف.. في ذكرى رحيله (1930-2003)

لتمر هذه الايام ذكرى رحيل الشاعر الداغستاني رسول حمزاتوف الذي طبقت شهرته الآفاق، وملأت الساحات الادبية والثقافية، ولربما كانت في قسم كبير منها تعود الى كتابه الاشهر: داغستان بلدي والملحمة الشعرية التي صارت ايقونة من ايقونات الادب الخالد

، وهي درس من دروس الابداع في تمجيد الوطن والارتقاء بحبه الى مرتبة الصوفية، وعشقه بلا حدود، فانت لن تكون معروفا في أي مكان من العالم، ما لم تكن ابن وطنك وبيتك وقريتك وبيئتك،‏

فمن المحلية الى العالمية، ولااحد يصل العالمية، الا اذا كانت جذوره ضاربة في اعماق ارضه، وغصونه تمتد الى ارجاء فسيحة في الكون، رسول حمزاتوف يعرفه القراء السوريون، وقد ترجمت روائعه الى العربية، ولاسيما داغستان بلدي، في ذكرى رحيله نقف عند كتاب: قصائد مختارة من رسول حمزاتوف، وقد صدر عن الهيئة العامة السورية للكتاب، وهو من ترجمة دكتور مسوح مسوح، يقدم الكتاب اضاءات هامة على حياة رسول حمزاتوف ويختار منتخبات من اشعاره، ومما جاء في تقديمه حول حياة رسول حمزاتوف قوله:‏

ولد رسول حمزاتوف في تسادا عام 1923م، وهي قرية من قرى داغستان الرابضة في أحضان جبال القوقاز، كان والده حمزة تساداسا شاعراً، نظم الشعر بلغته القومية، اللغة الآفارية، ونظم الشعر باللغة العربية أيضاً، وأكثر شعره الغزلي نُظِم باللغة العربية، ورث رسول حمزاتوف موهبة الشعر عن أبيه، وورث معها موهبةً استوعبت كلَّ حكمة الجبال العملاقة وأساطيرها وبساطتها، عمل معلماً في شبابه، ثم تخرج متقنا للأدب في موسكو عام ١٩٥٠ فتعرف في «معهد غوركي» على الشعر العالمي ومدارسه وقوالبه ما أكسبه خبرة خاصة أغنت تجربته من دون أن تُفقِد تلك التجربة بكارتها وارتباطها ببلده داغستان وتاريخ صراعه ضد القياصرة ثلاثين عاماً متواصلةً كانت فيها الرصاصة أعز على المقاومة القوقازية من جرعة الماء ورغيف الخبز.‏‏

كتب رسول حمزاتوف خلال حياته أكثر من مئة كتاب بلغته القومية (الآفارية) في الشعر والنثر الفني والمقالة... وبرز شاعراً داغستانياً قومياً منذ صدور ديوانه الأول عام ١٩٤٣، ثم صدر ديوانه «شعلة الحب ولهيب الكراهية» وكان عنوانُه عام ١٩٤٥، ثم تتالت مجموعاته «أصداء الحرب».‏‏

الثاني العام الذي ولدت،١٩٤٨ «أيتها الأرض يا أرضي»: الشعرية‏‏

- «حوار مع أبي»،١٩٥٢«كلمة عن الأَخِ الأكبر»،١٩٥٠ منه‏‏

- «بنت الجبال»،١٩٥٥ - «وطن ابن الجبال»،١٩٥٣، ١٩٦٢ «النجوم العالية»،١٩٥٩ «قلبي في الجبال»،١٩٥٨‏‏

«السمراء»،١٩٦٤ «١٩٦٣، تقولُ نجمة لنجمة «كتابات»‏‏

،١٩٧٣ سبحة السنين «،١٩٦٩ «عند الموقد»،١٩٦٦‏‏

،١٩٨٣ «كتاب السونيتات» ١٩٧٨، ثم «صونوا امهاتكم»‏‏

١٩٧٨، لتتوالى بعدها إصدارات المختارات والأعمال «ملاحم» والكاملة (حتى حينِ صدورها).‏‏

نظم حمزاتوف قصة شعرية ترجمت في ثمانينيات القرن الماضي إلى العربية، عنوانها وصدرت من وزارة الثقافة في دمشق «داغستان بلدي».‏‏

عاش حمزاتوف يحمل أغنيته أينما ذهب، ويوصي كلَّ إنسانِ أن يحمل أغنيته معه أينما ذهب، إذ إن حملها لا يشكل عبئاً ثقيلاً، فأغنية الإنسان هي الوطن الذي يغسل ندى صباحه البارد أقدام المتعبين، وتغسل مياه سواقيه جباه أبنائه، الأغنية عنده هي الإنسان ذاته، الإنسان الذي يعيش على هذا الكوكب، إلاّ أن حمزاتوف لم يعشق أرضاً كما عشق ارض بلاده الصغيرة الجبلية التي فتحها العرب في القرن السابع الميلادي وظلت الثقافة العربية تسودها نحو ألف عام، حينها كان شعراء داغستان يكتبون بالعربية، قبلَ أن تظهر لديهم الكتابة الآفارية... وكانت قصائد شعراء داغستان تتناقلها الألسنة شفاهياً، أما الكلمة الشعرية فكانت كلمة من كرس نفسه لمقاومة الطغيان.‏‏

خَرج رسول حمزاتوف إلى العالم ومعه قيثارة الشاعر المحملة بالألحان الآفارية وتقاليدها، وكانت ينابيعه الشعرية مستقاة وسليمان ستالسكي.. وكان «حمزة تساداسا» و «أبو طالب» من من الطبيعي أن يكون حمزاتوف، كأسلافه من شعراء داغستان الذين نفخوا فيه روحهم، يعظَّم الإنسان ويحترمه - فالإنسان هو ذاك الجبلي الذي يبني بيته عند أعشاش النسور، ويزرع القمح ويجني العنب تحت شمس الأعالي.‏‏

لم تكن أهمية رسول حمزاتوف في التعبير عن حكمة شعبه، لأن أهمية الشاعر - كما يعتقد حمزاتوف - تكمن في أنه يصوغ الحكمة التي عجنها شعبه.‏‏

الشاعر عند حمزاتوف هو رسول الشعب وحامل كلمته ارتقى حمزاتوف «داغستان بلدي» المقدسة، كما قال في كتابه إلى مستوى كبار الشعراء ليقف في صفِ واحدِ مع أهم مبدعي الكلمة في العالم، ومع ذلك ظلَّ محافظاً على نكهته القومية المطعمة بروح إنسانية وفنية عالية، وكان ذلك السمة الأهم من سمات شعريته.‏‏

إنها موهبةٌ صهرت علماً واسعاً وعملاً دؤوباً، وموهبة إبداعية كبيرة تركت بصماتها على التجربة الجمالية والشعرية في العالم، فهو يغوص إلى أعماق الإنسان الداغستاني ليتغّنى به على قيثارته الشعرية بنغماتٍ مطعمة بالفلسفةِ والإحساسِ بالكون، لتصبح قصائد تعبر الكون مكتسبة كونيتها.‏‏

احتفل العالم بميلاد حمزاتوف الستين فاز في روما بجائرة ناقوس «على إبداعاته الشعرية وخاصة شعر القرن العشرين».‏‏

إلى المترجمين‏‏

شكرا ايها الطيارون الاعزاء‏‏

لأنني بفضلكم‏‏

رأيت العالم‏‏

رأيت بحاره وأرضه وأنا في السماء‏‏

  ‏‏

إلى باريس وروما وطوكيو‏‏

على أجنحتكم أخذتموني‏‏

مع أن بيتي - صخرةٌ بعيدةٌ‏‏

وانا داغستاني الاصل‏‏

  ‏‏

فلولاكم‏‏

كنت أعيش الآن في الوادي‏‏

أحلم بطريق إلى السماء‏‏

علني أنظر لمرةٍ واحدةٍ من فوق الغيوم‏‏

ومن قصائده ايضا نختار:‏‏

حفيدتي الصغيرة شاهري‏‏

لماذا تبكين يا زغلولتي؟‏‏

ما الذي حصل؟ هل حلمتِ بِمكروه؟‏‏

إن لديكِ أِماً وأباً‏‏

وعلى سريرك يِنحني الأهل.‏‏

  ‏‏

عشت عمري يتيماً‏‏

والحزن لا يكبت ولا يخبا‏‏

كان من المفروض أن أبكي أنا‏‏

أما أنت فلم هذا البكاء الحارق ؟‏‏

  ‏‏

لم يلسعكِ أِحد بحسده‏‏

ولم يمزقك كِذب أو خيانة‏‏

وأحلى من أغاني والدتكِ المفعمة بالحب‏‏

لم يسمع غناء في العالم.‏‏ 

جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays / arts © 2024