الإثنين 2015-10-19 22:03:21 عروض
سورية.. رواية ضوء..رسالة وطنية ضد الإرهـاب والتخلف

سورية.. رواية ضوء» عنوان معرض المصور الضوئي علي نفنوف، في المركز الثقافي العربي بأبو رمانة - دمشق، ولقد تضمن مجموعة واسعة من اللقطات الفنية، المتنوعة في مواضيعها واحجامها وتوجهاتها وحساسياتها وتأثيراتها البصرية.‏‏وفي بعض أعماله تظهر الرموز الوطنية والبحر والقوارب والطيور البحرية والبرية والتراث، كرحلة حلم في فضاء لوحاته الضوئية، وفي القسم الآخر، يسلط عدسته على أماكن حميمية محلية، من خلال تجوال سياحي، يلتقط إشارات الأزمنة المنسية، على الجدران القديمة، ويختلط المشهد القديم، بأشكال الوجوه والطبيعة والمشاهد المختلفة، وصولاً الى لقطات قادمة من متابعته لملتقى النحت، الذي أختتم فعالياته مؤخراً، في بلدة النقيب في طرطوس، وننتقل إلى لوحات أخرى تعكس الحركات الخفية والعلنية، للضوء الذي يتوازى والطرب الإيقاعي البصري.‏‏‏

مسيرات وطنية‏

لوحات ضوئية فنية لمسيرات وطنية حاشدة، شهدتها طرطوس والمدن السورية، وجلسات تأمل ونزهات ولقطات حميمة لبقايا الاشياء، التي كانت مألوفة في البيوت الريفية القديمة، وفتوة وطفولة وأجواء شعبية وكرنفالية تثير الانتباه والحنان، وتعكس جمالية ممهورة بتوقيع مصورمحترف، يعرف كيف يختار الزوايا المناسبة للوصول إلى شاعرية الحلم. وعلى الصعيد الفني والتقني تبتعد اللوحة الضوئية هنا، في أحيان كثيرة، عن الدخول في الواقعية التقليدية، على الأقل في الجهد الذي يبذله للوصول إلى زاوية رؤية، مرتفعة او منخفضة، علاوة على التقاط صور فنية مكبرة لفراشة وزهرة وباستخدام الزوم. وفي بعض اللوحات الضوئية يصل الى تأثيرات بصرية تجريدية، نجدها في مقاطع بعض اللوحات، وبذلك نجد تداخلاً بين لغة الفن التشكيلي الحديث، ولغة التصوير الضوئي. ثم نجد التنويع في خطوات الانتقال من صورة ملتقطة تحت ضوء الشمس الساطعة أو ضوء النهار، وبين اخرى اخذت في لحظات الغروب، وقبل أن تغوص مدينة طرطوس وبحرها في ظلام الليل، اضافة الى الصور التي يبتعد فيها عن الإضاءة الطبيعية.‏

شاعرية المشهد البحري‏

نجول مع كاميرا علي نفنوف فنجده يبحث عن شاعرية في التعبير، وشاعرية في المكان، وشاعرية في سماء وبحر طرطوس، بالإضافة إلى شاعرية الطبيعة. وفي إطار هذه الشاعرية البصرية، يعمل على تقديم لغته الجمالية، وهذا ما يجعله ساعياً إلى التقاط إيقاعات الضوء في العتمة، التي تتحول إلى ايقاعات بصرية، وتبرز كعناصر تشكيلية، يستخدمها في التأليف العام للوحته الضوئية. وهذا يعني أنه يبتعد عن الأسلوب التصويري الذي يجمد الحركة، باحثاًعن حركة او «رواية ضوء» في المدى الساحلي، والمدى السوري، والمدى الوطني، وبالتالي يبتعد عن اللقطة العادية والسهلة، التي تستسلم لواقعية العين، والآلة الفوتوغرافية الرقمية. وهكذا يصل إلى التأليف الفني، الذي يتفاعل مع البنائية الفوتوغرافية الحديثة، ويستفيد من تقنياتها وبرمجاتها الحديثة والمعاصرة. ولم يكن هذا المعرض، وقبل أي شيء آخر، إلا رحلة معاكسة وردة فعل وطنية وحضارية، تبحث عن عمل فني وإنساني، ضد الحرب والتسلح ومشاريع التقسيم، في مرحلة الحروب الهمجية، وهو يشكل خطوة تساهم بتحقيق حوار ثقافي في هذه الظروف المأساوية والمرعبة. هكذا يبتعد علي نفنوف، في هذه الحالة عن المنطق التقليدي، في التقاط الصورة الضوئية، وإبراز لحظويتها التعبيرية وتحديد زاوية الرؤية، وإظهار حساسيته وانفعاليته اللحظوية في عناصرها الضوئية.وما نشاهده في معرضه، يعيدنا إلى أشياء وأماكن قديمة، وأماكن تمثل الحاضر، كل ذلك بلغة بصرية شديدة التنوع، بما في ذلك تواتر المشاهد الملتقطة من مدينته طرطوس المطلة على مدى وأفق البحر.‏ 

جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays / arts © 2024