الخميس 2015-08-13 16:00:53 كــتب
عصر الجنون

هو لاشك عصر الجنون، عصر الانغماس بكل شيء الا العقل والعمل من اجل سيادة العقل، ولكن كيف يبدو هذا الجنون الذي يكاد يدمر البشرية حقا؟ ولماذا كان الجنون فيما مضى يقبس من نار الحكمة ويلقي على العقلاء قبسه، فإذا بهم يقولون نحن المجانين وعلينا بذرة الحكمة مصفاة مقطرة.

‏اسئلة كثيرة يطرحها كتاب: خطاب الجنون في الثقافة العربية لمؤلفه: محمد السمان، وقد صدر عن منشورات الريس 1993م الكتاب قراءة مغايرة للجنون الذي تشع منه بذور الحكمة، وهو غير الجنون الذي سببه العشق العذري، انه الجنون المغلف بالعقل ومن اجل العقل وان تصل الفكرة الى من يهمه الامر ممن يقال عنهم: بهاليل او مجانين، تتصل كلمة حق دون ان يحاسبهم احد عليها، لا، بل يقال انهم: بهاليل وقد كشف الستر عنهم.‏‏

في هذا الاطار وتعرية الواقع والقمع الذي كان ودور الجنون في ان يعري من يستحق يدور هذا الكتاب الهام والشائق الذي يقع في214 صفحة من القطع الكبير يقول في ص 57: وهكذا كان صوت الجنون يتبدى في حالات عديدة رديفا ومرادفا لصوت العقل، وحاملا للحقيقة التي لابد من الجهر بها ضمن اعتبارات واقع الصراع وطبيعة اطرافه، ومما ساعد على هذا التساند بين صوت الجنون وصوت العقل في الخطاب الكلاسي للثقافة العربية - الاسلامية، موقع صوت الجنون و صوت من العقل في المجتمع ايضا، بحيث ان صوت الجنون كان مقبولا ومتداولا ففي الواقع، على انه شكل ناصع جاهر بالحقيقة.‏‏

وعلى هذا فإن مضمون صوت الجنون انما يعكس بمستويات متعددة مضمون الخطاب الذي يتبناه المثقف ومضمون وعيه التاريخي - الاجتماعي المتشكل تبعا لموقع المثقف من شبكة العلاقات الاجتماعية، ودوره في حركة الصراع في المجتمع ضمن ملامح وخصوصيات موقع المثقف في هذا المجتمع.‏‏

الكتاب جدير بإعادة القراءة والاحتفاء به والعودة الى صوت الجنون العاقل لا الى هستيريا تعيشها البشرية تحت ستار العقل.‏‏ 

جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays / arts © 2024