الأحد 2015-06-21 01:57:00 مســرح
مسرحية ..وجع..حيــــن يتمـــرد العـــــرض علــــــــى المخـــــرج

ليست الممثلة القديرة ثراء دبسي، او اوفيليا، الوحيدة التي تمردت على المخرج لؤي شانا، في عرض (وجع) الذي قدم على مسرح القباني..‏‏

كل مفردات العرض تمردت عليه.. ! حتى مشاهد فيلم عطيل لأوليفر باركر، تلك التي أصر على عرضها بداية المسرحية، هي الاخرى لم تخدم عرضه، وكأنه زجنا في مقارنة غير مقصودة.. أظهرت الفرق الكبير بين فيلم اتقن مختلف مفرداته، وبين عرض مفكك.. احتار بأي منطق سيطل على جمهوره..‏‏

عطيل حكاية شكسبير حول الشك والغيرة ثم القتل لم تتمكن من حمل العرض، والزج به أمام جمهور تكبد عناء الحضور، عله يجد ما يمتعه أو يقنعه..‏‏

حكاية الغيرة والخيانة الزوجية من قبل عطيل، لم تكن بأي شكل مدخلا مناسبا، لأزمتنا السورية، او لانتقاد خيارات التغريب المسرحي.. !‏‏

يحاول العرض منذ البداية الانفلات نحو اجواء غرائبية -تجريبية.. من خلال ربط حكاية المسرحية الاساسية المستمدة من (عطيل) بما يحدث حاليا، حين تعلو صرخات ثراء دبسي قبل لحظة قتل زوجة عطيل ديدمونة، ليتبدل مسار الاحداث كليا، لنتبين أن عطيل يؤدي دوره (محمد شباط) ليس سوى مرجعية او حامل غير مناسب لما سيؤول اليه العرض.. !‏‏

اوفيليا المنقلبة على دورها، والرافضة لتعليمات المخرج.. تارة تقنع ديزدمونة (هبة محمد) بضرورة ان تقول ما تشعر به، ثم تنتقل لتتحدث مع المخرج وتحدثه لماذا يستغل طموح شاب لينفذ مآربه الذاتية، دون أن نعرف ماهية المآرب الا ان كان طموح مخرج العرض بتقديم عرضه امر في منتهى القبح..‏‏

تفاصيل بسيطة رسمت ملامح شخصيتها ولكنها اضاعتنا وهي في طريقها لتفهمنا أسباب انقلابها على المخرج ودورها.. تريد وجعا محليا، وتنادي بوقف كل هذا العنف والقتل الذي تعيشه سورية، حيث الوجع السوري لايعادله أي وجع، وكل ما كتبه شكسبير لايعادل نقطة مما نعانيه.. !‏‏

هنا يتحول اداؤها من التقمص الى الانفلات كليا بعد ان تخلع ملابس شخصية اوفيليا، الى المباشرة، لنعيش معها وقتا طويلا تتطاير الكلمات لتعلق في الهواء، لاتتمكن من الوصول الينا، رغم أهمية الخطبة وأفكارها، ولكن شيء ما جعلها تبقى معلقة في الهواء، لم تستطع الاقتراب منا، ولم تتمكن من الاندماج في العرض، لنعيش مع روح مسرحية منسجمة..‏‏

المشكلة أن كل محاولاتها والعناء الذي تبذله في أداء دورها المتقلب يبدو خارج سياق العرض ولاتتمكن بمفردها من الارتقاء بالعرض نحو سوية مقبولة!‏‏

حين نخرج معهم لتختتم المسرحية في ممرات مسرح القباني لنستمع أيضا خطبة تتناول حال الفضائيات نرى أنفسنا ننقلب معهم رأسا على عقب، من فكرة الى أخرى، ومن بعد الى آخر دون خيط او ملامح تربط فيما بينها وتوضح الهدف..‏‏

مجرد خلطة أراد صناعها وضع كل المنكهات المسرحية معا، من خيال الظل، وسينما، ورقص، واضاءة، وتمرد.. ورقص.. ولكن بقي الامر مجرد ملامح تهرب من مسار مسرحي الى آخر دون تآلف او انسجام.. مجرد اقتطاعات حاول صناع العمل الصاقها معا، الا انها وصلت الينا لوحة نافرة.. !‏‏

لاشك أن صناع العمل أنفسهم أدركوا ان خللا ما أصاب جهدهم الكبير وأضاعه على خشبة مسرح القباني التي بقيت تنتظر جمهورا بلا جدوى.. !‏‏ 

جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays / arts © 2024