الأحد 2015-05-31 00:59:46 رسامون
شادي نصير... الفن التشكيلي إضافة وقيمة لكل تفصيل في الحياة

سيريانديز- يسرا جنيدي
شادي نصير فنان شاب كانت له بصمة واضحة في مختلف مجالات الفن. هو الأديب والرسام والباحث والزميل الإعلامي. . رسم قصصه في لوحات فنية قيمة. .. في حوارنا معه اليوم لسيريانديز نلتقيه كفنان تشكيلي :
حدثنا عن بداياتك؟
لم تكن البداية عادية، وكما يقول الفنان العالمي بابلو بيكاسو "الرسم طريقة أخرى لكتابة المذكرات"، فكانت هي ، كان من الصعب أن أٌقدمها قولاً أو فعلاً، كان اللون موجوداً في مراحل حياتي منذ أن اكتشفت الضوء، وحتى قبل أن أقدم على الخطو خطواتي الأولى، تطور الضوء واللون وامتداد الأشياء مع مرور السنين، وكان لوجودي في عائلة من صلب حياتها اليومية الفن بكل أشكاله، والقراءة، نمت بذرة الحياة ووجدت نفسي أبحث قبل أن أكون قادراً على كشف ما أنا أسعى إليه في عالم اللوحة التشكيلية.
هل الفن موجه برأيك إلى فئة محددة من الجمهور؟
الجادنوفية والبليخانوفية وضعتا قيوداً على الأدب والفن الذين دارا في حلقةٍ مفرغة، ولكن الفن السوري استطاع الخروج من هذه الدائرة، لأنه يشكل الهوية البصرية والنفسية وحتى التاريخية للمجتمع... سوريا منذ البدء كانت واضحة من خلال رسائلها الفنية منذ تشكلت الحياة على أرضها ومنذ ذلك التاريخ كان الفن موجهاً نحو العام من الناس، ولا يستطيع أي كان أن يقفل أمام الناس الحركة الفنية، فهي إلها رؤية خاصة تنتقل مع كل ما هو موجود في الحياة. ولا أستطيع أن أقنع نفسي أن أي نوع من الفنون يستطيع أن ينحصر بفئة معينة فالفن رسالة مفتوحة لأي كان الحق في قراءتها وبالشكل الذي يراه، دون المساس بالضوابط الأساسية للفن.


ما هي الرؤية والأهداف التي طرحها فن شادي نصير؟
من الصعب أن يكون فن أي شخص قادر على طرح رؤى وأهداف بعيدة عن واقعه المعاش، وبما أنني من منطقة تتماوج فيها الطبيعة مع الإنسان بتركيبة وتوليفة خاصة، فكان هاجسي الأكبر الإنسان الذي لملامحه العبق في ماضي الحياة التي كانت رسائل سلام إلى العالم بدء من الأبجدية الأوغاريتية الأولى مروراً بالرقم الموسيقية والأرشيف الملكي، فالإنسان هو عمق رؤيتي وهو هدفي في أي لوحة أقدم على تشكيلها ولو كانت تجريدية المعالم.
ما هي المشاكل التي تعترض الفنانين التشكيلين في سورية؟
عدد كبير من التشكيليين يدعي التشكيل ويستأثر بنفسه ولنفسه، وهذه من أهم وأخطر ما يواجه الفنانين التشكيليين وتحديداً الشباب، من الواجب أن تكون الحركة التشكيلية السورية قد تخلصت من التبعية لأي كان سواء لمدارس فنية أو لأشخاص، فلا بد أن يكون الإنسان حراً في فكره ليقدم فناً حقيقياً. أضف على أن بعض الفنانين في سورية لا يزالون يؤمنون أن الانطلاق الأهم هو من خارج سورية لذلك ما يقدمونه على مستوى الحركة التشكيلية يبقى ضعيفاً ويسيء لها..... وبرأيي لابد من التواجد في ساحة الفن التشكيلي السوري في سورية لأنها الحقيقة الأكثر قرباً وملاصقة للفنانين السورين.
فن شادي نصير هل هو موجه للعقل أو للروح؟
لا استطيع أن أفصل بين العقل والروح في أعمالي فما كان أغلبه عقل كانت الروح فيه تبحث عن أجوبة وما كان أغلبه روح كان العقل متأملاً، فلا بد للعمل الفني من أن يلامس العقل والروح لتحقق معادلة الإمتاع في اللوحة التشكيلية، لذلك لا أعتبر العمل الذي أقدمه مكتملاً ما لم يحاكي عقل المتلقي ويحرك الروح.
بأي من المدارس الفنية تأثر شادي نصير؟
ككل من تتلمذ تشكيلياً كان الهاجس أن أتقن التصوير باحترافية، وهذا الموضوع أتيح لي من خلال تواجدي المستمر ولمدة سنوات طوال مع التشكيلية الكبيرة "ليلى نصير" فقد تعلمت الواقعية، ومنها انطلقت نحو البحث ومررت بمدارس متنوعة، وساعد على صقلي أكثر للحالة الفنية تواجدي مع الفنان الراحل "هيشون" في بحثه عن الضوء واللون والخط، فكنت كمن يتلقى إكسير الحياة. وبعد أن حققت بحثي ومتعتي في التنقل بين عوالم الألوان دخلت معتركي الخاص ليستوقفني جانب من الانطباعية وكثير من التجريدية وليتشكل في تفاصيل لوحتي عالم من المدرسة الانطباعية التجريدية التي أبحث في غياهبها عن الأسرار التي تحقق لي دوماً نوع من الدهشة في تنوعها وكثافتها.


ما الذي أضافه الفن التشكيلي للمجتمع بشكل عام؟
الفن التشكيلي بحد ذاته إضافة وقيمة لكل تفصيل في الحياة، فلا يخلوا ركنٌ من أركان الحياة التي يعيشها الإنسان، دون تدخل الفن. فهو يرسم أحلامنا ويلونها، وما الصورة المتبلورة على القماش أو الورق إلا امتداد للفن الموجود داخل كل إنسان، فلا فن ردىء أو سيء أو قبيح.... المعايير تختلف، ومن هنا فلا إضافة لأن الفن هو كل تفاصيل الحياة. وهذا ينعكس على المجتمع الذي يقدر الفن وقيمته من خلال مايقدمه، فتختلف رؤية الناس لطريقة البناء ولتوزيع التفاصيل الخاصة لحياتهم، لذلك فالإضافة الحقيقية هو كل تفصيل جميل تلاحظه العين ويرسم من خلاله ابتسامة على الوجه. كيف اكتسبت المهارة للتعامل مع خامات الرسم؟ الخامة هي من تعطي سرها للفنان الباحث، العاشق للون، ومن هذا التفصيل كانت علاقتي باللون علاقة حب وشغف، وهذا ما أعطاها ثقة أن تقدم لي نفسها بمودة، فكانت الألوان تهمس في أذني كل ما تريدني أن أقوم بعمله، مررت بأوقات كنت أقدم على تجارب اللون لأيام طويلة حتى استطعت أن أتكيف مع تقنية خاصة باللون المائي وهي طباعة اللون كالنيغاتيف في صناعة أفلام السينما..... عشقي لشفافية الألوان المائية أعطاني مكامن الأسرار التي لا تحجب عن الباحث الدائم وتحقق لذاتي ما تسعى إليه دوماً.
ما أثر الأزمة السورية على فنك؟
منْ مِنَّ السوريين لم تكن الأزمة ألماً في حياته، وكيف إذا كان فناناً وله من الحساسية الشيء الكثير. مثلي كباقي الفنانين كان الألم أكبر من أن يطاق، والحزن أعمق وأقسى، وهذا ما انعكس على لوحتي، فخرجت من معتركٍ دام أربع سنوات من عمر الأزمة، بعوالم لأشخاص غائبي الوجوه، يحملون الألم والأسى كما أحمله وأعاني منه، فالوطن للإنسان هو الروح، وكيف إذا كان هذا الوطن سوريا، التي هي الروح والقلب والعقل. أعمالي كانت تحت عنوان واحد هو "مسير" فشخوصي تتلاشى أرضهم الثابتة، ويعانون الفرقة، والخوف، ومع ذلك يبقى للبعض بارقة أمل، يصرون على أن المجهول صناعتنا... نحن من يصنع منه مجهولاً إيجابياً أو سلبياً، وهذا هو هدفي من مسيري نحو مجهول يعيش الفرح والحياة.
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays / arts © 2024