الإثنين 2012-06-25 17:03:27 كــتب
شام) كتاب جديد للأديب إسماعيل مروة
يجدد الأديب إسماعيل مروة أسلوبيته في تصدير نصوصه التي تقترب من الشعر والنثر في آن معاً تاركاً المجال أمام القارئ في اختيار ما يناسبه من هذه النصوص حيث عمد في كتابه الجديد شام.. شامات الروح وسلاف العشق إلى تطريز محكم لما يقارب 42 مقطعية نصية قارب عبرها بين الوجداني والموضوعي معشقاً ولعه بمدينة دمشق وما لهذه المدينة من أثر في دخيلة الأديب وانعكاس ذلك على النص عموماً.

ويذهب صاحب وقواقع عشر إلى توليفة غنية من النصوص التي تقترب في خطابها من أسلوب الهمس في وجدان القارئء واصلاً بين اللغة الذاتية الشعرية وبين فنية التصوير الأدبي لما تعكسه المدينة وقيمها الدمشقية الأصيلة في تفكيره ووعيه بالعالم والأشياء والكلمات حيث يقول مروة.. شام يا شام.. يا شامة الدنيا.. يا كل الشامات في مساحةٍ تمتد بين سماء وأرض.. أردتها الشام.. محقة أنت يا حبيبة عمري.. شام ألوب عنها كطفل يبحث عن أمه.. ابحث عنها ولا أتوقف.. من غرفة إلى أخرى.. من جبل إلى بحر.. يا كل عشقي يا شام.. وأنت تترددين في القراءة.

وينسج مروة في كتابه الصادر حديثاً عن دار الشرق للطباعة والنشر بنية لغوية محكمة في توصيفها واقترابها من ذائقة فيها الكثير من الشجن والشغف بالأرض والوطن والإنسان مقارباً المدينة من امرأة محبوبة تارة ومن أم تربى في أنحائها وجنبات أحيائها الظليلة ليكون النص بمثابة مديح لأقدم عاصمة مأهولة في التاريخ ممزوجاً بهوس الشخصية الدمشقية التي استطاعت عبر قرون طويلة تثبيت طابعها العربي السوري رغم جور الغزاة وهمجيتهم.

يقول صاحب قهوة تكفي.. ما بين شفتيك والنحر مسافة من عطر.. ما بين وبين أستحم بمياه السبيل في أحياء دمشق.. استحم وأرنو إليكِ.. فأعرف لماذا أنتِ الابد.

ويوظف الأديب مروة نصوصه العشقية في محاولة لافتة لتكوينات جمالية خالصة ينقلها إلى كتابه مرسخاً المكان بوصفه أيقونة زمنية يتداعى أمام قيمة الحب والوله في صور مرآتية تندمج فيها المرأة بالمدينة على نحو يصعب فيه الفصل بينهما لتصير الجملة النثرية في مستوياتها الشعرية أقرب إلى التغني بالمحبوبة دمشق كمدينة تغرف من أسرار انوثتها كما في قول مروة.. راحل أنا يا حبيبة.. لم يعد في العمر بقية.. على حدودكِ تنتهي الأمنيات.. خذيني إليكِ ضميني.. اطمريني بين حجر وحجر على صدركِ المقدس.. لعلي اشرب قهوتي بلا سكر على أعتابكِ.. بين يديكِ وبعدها.. وأنا ارحل باحثاً عن عود ثقاب.. أنير فيه شمعات طفل المغارة.

كما يرتقي الأديب السوري من حالته الشخصية إلى عالمية المكان وأثره في الوعي الجماعي والذاكرة ناقلاً رهافة الشام تاريخياً ماضياً وحاضراً واصلاً بين الماضي الحضاري لمدينة دمشق وبين الماضي المديني متابعاً على صفحات الكتاب قصيدة مطولة في مديح دمشق كأهم مدينة في الشرق العربي معززاً حضورها التخيلي من خلال رموز تاريخية تجاوزت دمشق لتكون الشام هي سورية الوطن بكامل أبهتها يقول مروة.. الشام وقاسيون تعانقا معاً وتماهى الكون في قبلة طويلة طويلة لا تنتهي.. بعيداً عن قابيل وحقده على أخيه.. وجريمته الأولى في التاريخ.. وقريباً قريباً من المجدلية وجرحها الذي لم يندمل منذ بدء الخليقة.. وتحولا معاً إلى تمثال نوراني في كل شارع وبلدة ومدينة.. ولكن لا يراه أحد ولا تلمسه يدُ.

يذكر أن إسماعيل مروة كاتب وأديب وإعلامي من مواليد ريف دمشق عام 1963 يحمل إجازة في الآداب من جامعة دمشق 1987 ودبلوم لغوي من الجامعة ذاتها عام 1989 وماجستر باللغة العربية من الجامعة اللبنانية 1994 ودكتوراه في الأدب من جامعة جو ميلوف الحكومية من كازاخستان 2010 صدر له رواية نهر الوجع وكتاب ضفائر قاسيون وجمر أشعل الرماد تراجم وقراءات وقصص قهوة بلا سكر وله العديد من المشاركات العربية والدولية في المحاضرات والمؤتمرات الأدبية والعلمية في مجال الفكر الديني وأبحاث في التواصل عبر اللغة العربية وهو رئيس صفحة الشؤون الثقافية بجريدة الوطن السورية.

جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays / arts © 2024