الأحد 2012-04-22 14:28:02 بعيداً عن الثقافة
الفسيفساء السورية...

أثرت الفسيفساء السورية عبر التاريخ الإنساني الفن العالمي قاطبة منذ العصر الهلنيستي أواخر القرن الرابع قبل الميلاد مرورا بما تلاه من مراحل زمنية متعاقبة فقد استطاع الإنسان السوري أن يحتل مركز الصدارة في هذا الفن الذي مهدت له صناعة استخدمت منذ غابر الأزمان لأغراض جمالية بحتة أغناها الفنان السوري قديما بابتكارات لا تحصى تنوعت موضوعاتها و سماتها من عصر الى آخر متحولة الى فن قائم بذاته نهلت منه كل الحضارات الإنسانية من مشرق الأرض إلى مغربها.

وتشير التنقيبات الأثرية في مختلف المواقع الأثرية ولاسيما أنطاكيا وأفاميا وتدمر وشهبا ومريامين وبصرى ودير العدس إلى ابتكارات فن الفسيفساء الذي تطور على الأرض السورية خلال قرون من الزمن ليؤرخ العهد الإسلامي لنقلة نوعية في هذا الفن تجلت في سلسلة طويلة من الأعمال الفسيفسائية الرائعة والتي استوحى كثير منها أفكاره من الثقافات العالمية المتنوعة.

ويشير الدكتور الباحث خليل المقداد في كتابه (الفسيفساء السورية والمعتقدات الدينية القديمة) إلى أن الاكتشافات الأثرية الحديثة قد شملت معظم المواقع الأثرية على امتداد سورية والتي تعرف بمواقع العصور الكلاسيكية وخاصة في الكنائس والأديرة والكاتدرائيات ما جعل من سورية حديثا أحد أهم الأقاليم وأكثرها غنى وثراء وازدهارا وأيضا إيثارا لدراسة الفسيفساء القديم.

ويضيف الباحث أن الابتكارات الفسيفسائية منذ أصولها وحتى القرن الثالث بعد الميلاد ارتكزت على الميثيولوجيا الإغريقية والرومانية والشرقية من حيث الأفكار والألوان والنماذج والأساليب حيث أثبت الفنان السوري براعة استثنائية في تطوير هذا الفن ودفعه إلى الأمام باستعمال التدرج في اللون والضوء ورسم الصور والمشاهد التمثيلية والمسرحية في هذه الأعمال.

وكان للفنان السوري كذلك الريادة في تطبيق أسلوب التبدل في الحركة والذي حرر العمل الفسيفسائي من التعابير الجامدة عبر تراكيب ذات حدة حركية فعالة ونشاط ديناميكي عال كما قام بإغناء التعبير التزييني من خلال الذوق المتجدد والذي استخدم فيه الديكور المخضر وكثف من العناصر الهندسية الأصلية إلى جانب ما تلاه من إدخالات جديدة وفق ما تقتضيه كل مرحلة من أذواق فنية واجتماعية وعقائدية ما مهد لانطلاقة لامعة ومبدعة امتدت شيئا فشيئا لتشمل كامل أراضي الإمبراطورية والمدن السورية القديمة.

كذلك تؤكد الوثائق والدراسات التاريخية أن القرن الثاني الميلادي شكل محطة فارقة في تاريخ الفسيفساء السورية حيث شهدت سورية مرحلة ازدهار عمراني وفني كبير انعكس على هذا الفن وأدى إلى انتشاره واتساع رقعته في كافة المدن السورية كجزء من تطور حضاري يسجل التاريخ أن كل من كان موءثرا أو منفذا أو مبرمجا فيه كان سوريا أو ينتمي إلى جذور سورية بمن في ذلك الحكام والأباطرة والمهندسون والفنانون.

وتوضح المكتشفات الأثرية أن الفسيفساء السورية وبعد مرورها بسفر طويل من الانتقال والتحول اعتلت هرم هذا الفن لتصبح مصدر الهام وايحاء لكل فناني العالم ومبدعيه في هذا المجال مرتكزة على إرث محلي عريق تمت فيه ترجمة وتصوير المفاهيم والرؤى المختلفة في كل قطاعات الحياة وضمن صبغة حيوية اعتبر التجديد واحدا من أبرز سماتها كما تظهره مجموعة من الأعمال واللوحات الفسيفسائية الخالدة.

ولدى استعراض أهم وأجمل هذه الأيقونات تبرز إلى الواجهة السجادات الرائعة في خربة المفجر ولوحة الجنة في المسجد الأموي وفسيفساء مسجد قبة الصخرة وقصور الحلابات وعمرا والمشتى والحير الغربي والشرقي بالاضافة إلى كل من لوحات (النساء الأمازونيات المقاتلات و الصيادات)و محاكمة حوريات البحر النيريد و سقراط و الحكماء الستة الآخرين والاحتفال بعودة أوليس والخادمات و ربة الأرض جي و آلهة الفصول الأربعة المكتشفة في أفاميا
جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays / arts © 2024