الأربعاء 2012-04-18 18:53:49 مراكز ثقافية
(مرآتي السماء) والقاص علي الشاويش ضيفا ملتقى بانياس الأدبي
محمد عزوز: قاص وأديب سوري
بانياس .. مدينة تشدني كثيراً ، لي فيها ذكريات وذكريات ، وفيها من الجمال جمع كبير . يكفيك أنك تستطيع أن تملأ ناظريك بأمواج بحرها وزرقته وامتداده .
يتوج ذلك هذا الجمع الجميل الذي صار يشدني هو الآخر في السبت الأول والثالث من كل شهر ، ليزيد بهاءك بانياس بهاء ، وليرفع من هامتك أكثر .
جمع قوامه أدباء ومهتمين ، تجمعوا في إحدى قاعات المركز الثقافي فيها ، ليعلنوا نشاطهم الأدبي المميز منذ بضع سنين .
ولأني أعشق بانياس ببحرها وأحيائها وقراها الجميلة ، وأعشق في ذات الوقت أي نشاط له علاقة بالأدب ، وجدت نفسي ذات صباح منقاداً إلى هذا الملتقى الذي صار قبلة لي في شتاءات البحر الدافئة ونسائم صيفه المنعشة ، وصار كل من في الجمع صديقاً حميماً ، يفتقدونني إن أنا غبت لطارئ ما ، ويهتفون إلي بكل محبة ، وتجتمع على رفوف مكتبتي مجموعاتهم الشعرية والقصصية . صرت واحداً منهم قبل عامين ونيف ، أختصر المسافة إليهم عندما يحين موعد زفة السبت .
وزفة هذا السبت 17/ 3/ 2012 كانت للقاص الصديق علي الشاويش ، أحد أقطاب الملتقى بمناسبة صدور مجموعته القصصية الثالثة ( مرآتي السماء ) . وكان علي أن أحث الخطى لأنعم بدفء يبدد لسع برد القدموس هذا الصباح الجليدي ، وتنعمت بدفء قوامه شمس آذار في ساحلنا الجميل ، وحرارة اللقاء الجميل بأصدقاء عمدوا ترحيبهم بدفء وافر كدفء أعمارهم .
ويرحب الشاعر علي سعادة / رئيس الملتقى / بالحضور ، ثم يكلف الشاعرة سمر عبد الرحمن برئاسة الجلسة التي عمرت الدفء هي الأخرى بابتسامتها الخلابة وبهاء حروفها ، ولم يكن هناك من داع للتعريف بضيف له جهده الكبير على نشاطات الملتقى الذي أطلقه أصدقاء المركز الثقافي العربي في بانياس .
وكانت أولى المداخلات المكتوبة للشاعر (علي سعادة ) الذي أشار إلى بعض مرام قصص الكاتب معلناً أن لغة الشاعر عنده تراجعت لصالح لغة القاص ، وأنه كان قد أعلن إعجابه بلغته الشاعرية رغم الضبابية ، واعتبره تائهاً بين أنواع القصة السائدة ، رغم تمكنه من شق طريقه الخاص لغة ومضموناً ، وأضاف أن ثقافة الكاتب كانت جلية في قصصه ولكنه وقع في مطب الإطالة في بعض نماذجه القصصية ، منوهاً بأهمية اختياره لعناوين قصصه ، رافضاً أي استخدام للكلمات البذيئة أو الأجنبية في النص الأدبي .
واعتبرت ( سمر يوسف ) أن الكاتب نجح في التحدث بلغة عدة أشخاص ، وقد جمع الطرافة والحدث والهدف مع بعضها ، لغته تصلح للتعليم ، مولع بالتفاصيل ، وقد قدم لوحة رسم حقيقية في قصة ( مرآتي السماء ) .
واعتبره ( نبيل صبح ) قد قدم استسلاماً يوازي الاحتجاج ، وأن في قصصه ما ينوف على الحكمة ذاتها .
وأشارت ( فاطمة دلول ) إلى استخدامه أسلوب الهزل في تعرية الواقع ، وأن نصه ( مرآتي السماء ) نص خاص به ، معتبرة قصة ( جرب ) من أجمل قصص المجموعة .
(غاندا محمود ) هي الأخرى أشارت إلى أن قصص المجموعة عكست صور الواقع ، بساطة ومباشرة وسهولة في اللغة والمفردات وصل إلى حد حكايا الجدة وقصص كان يا ما كان .
وعنون ( د. شادي عمار ) مداخلته بـ ( الكتابة الثأرية ) معتبراً أن إهداء المجموعة يشي بالهدف ، وأن الق ق ج هي الأجمل عنده ، سخرية سوداء تكاملت فنياً في قصة ( هندسة عسكرية )، واعتبره في العموم يقص حوادث إنسانية لا أنماط .
واعتبر ( فيصل إبراهيم ) مقولة الراحل ممدوح عدوان ( الأدب لا يستطيع إلا أن يكون قليل أدب ) تنطبق على مجموعة القاص علي الشاويش ، معرجاً على بعض تفاصيل القصص ، معلناً إعجابه بالثرثرة البصرية في قصة ( متعة عمري ) ، والخلد وإسقاطه المعاصر في قصة ( هندسة عسكرية ) .
وأعلن ( أحمد الشبلي ) أن قصة ( عيد الأمهات ) خالية من أي قيمة جمالية ، وأن الق ق ج أقرب إلى الخواطر منها إلى القص لافتقارها إلى الإدهاش ، معتبراً أن استخدام ضمير المتكلم في معظم القصص لم يكن في صالحها ، منهياً كلامه بإيجاز مفاده أن هناك حقد وغضب من كل شيء وعلى كل شيء .
وبدأ ( رزق الله إبراهيم ) مداخلته بأن عنوان المجموعة لافت للنظر ، وأن القاص كان موفقاً في القليل ومتعثراً في الكثير من نصوصه ، ومشيراً إلى خلو معظم القصص من الصور ، وأن هناك استعراضية في وصف جسد المرأة ، منهياً كلامه بعبارة ( علي الشاويش أصر على الكتابة ، وأنا أحييه على ذلك ) .
أشارت الروائية ( لميس بلال ) أيضاً إلى لغته المبسطة الملائمة لطبيعة الحكاية في شكلها التقليدي ، مؤكدة وجود الروح الروائية لدى الكاتب .
وبدأ القاص ( محمد عزوز ) مداخلته بتساؤل علي في إهدائه للمجموعة ( لدي قدرة هائلة على الفشل لذلك أهديه ) ومستعرضاً عناوين قصص المجموعة ليختزل رأيه في كل منها ، معلناً في النهاية أن التفاصيل الساخرة أسرته ، ولكن الخواتيم لم تقنعه ، معتبراً أن علي الشاويش صار أقرب إليه ، أو ربما أكثر قرباً من نفسه ، منوهاً ببعض القصص التي أعجبته .
وأشار ( جعفر نيوف ) لتعمد الكاتب استخدام السخرية لإيصال أفكاره ، وأنه قدم إخراجاً جميلاً ومتقناً في قصة ( جرب ) وكسر القاعدة في قصة ( عيد الأمهات ) وكان مميزاً في تأكيد فكرة أن ( النباح لا يوقفه إلا النباح ) .
وبدأ الشاعر ( بشار حسين ) المداخلات الشفهية مشيراً إلى بعض هنات لغوية وقع فيها الكاتب ، وأنه لم يضع لنفسه خطوطاً حمراء ، إذ كان الإيحاء والإسقاط الجنسي موفقاً وخاصة في قصة ( منتصف ليلة ما ) .
وأشار ( خليل شعبان ) إلى البرود الواضح في نهايات القصص .
( علي إسماعيل ) اعتبر أن سخرية الكاتب غير بناءة ، وأنه قدم عملاً أدبياً فقط في قصتيه ( جرب – هندسة عسكرية ) ، وكان الباقي مجرد صور وأحداث عادية .
واعترضت ( ميس الجندي ) على تحطيم المقدس في ( عيد الأمهات ) . وأشار ( إياس بياسي ) إلى الجمل الطويلة في ( منتصف ليلة ما ) وأنه ضاق ذرعاً بالقصص التي تضيق جغرافيتها ، مثنياً على إسقاطات في قصتي ( نباح – حياة ) .
وأعادنا القاص ( محمد سعيد حسين ) إلى أجواء مجموعتي الكاتب السابقتين ، حيث كان برأيه أن علي الشاويش ينحت في اللغة ، وبمعنى آخر اعتدت اللغة على الفن والقصة في الأولى ، وتكاتفت كل العناصر ، وكان النمط حداثوي في الثانية ، أما في هذه المجموعة فقد عاد إلى المربع الأول في القصة من حيث الشكل ، معتبراً أن علي الشاويش تنازل عن مشروعه القصصي . ثم أشار إلى اختياره لشخصيات مهزومة من الواقع ، كما أن أزمة الوطن أرخت بظلالها على هذه الشخصيات ، غاب التشويق ولكنه كان موفقاً في العناوين والترميز .
واعتبرت ( ندى حيدر ) أن بداخل علي الشاويش قصص أجمل ، بينما نوهت ( خزامى الشاويش ) بعنوان لفت انتباهها ، وبمتعة لم تخل منها القصص ، معلومات قليلة ولكنها موثوقة ، وأشارت إلى أن قصة ( عيد الأمهات ) أفرغت ما بداخلها من شحنات .
وأشارت ( فداء إبراهيم ) إلى عمق القصص ، وأكدت على جمالية قصة ( هندسة عسكرية ) .
وأنهت ( سمر عبد الرحمن ) هذه المداخلات بإعلانها أن علي الشاويش أتقن تجريد الواقع ، وأن هذه المجموعة كانت أقرب إلينا .
القاص علي الشاويش في رده على المداخلات أعلن بعد شكره للجميع على هذا الاهتمام بعمله :
أرتاح لبعض المفردات وأستخدمها ، بعض الجمل ترتبط بمكونات الشخصية ، اشتغلت على ترتيب العناوين ، أقر ببعض الأخطاء ، ليس لي ثأر مع أحد ، أنا أعتمد النهايات المغلقة وهو نمط قصصي أو مدرسة في القص ، ما عندي كتبته ، تفاجأت بردات الفعل السلبية تجاه قصة ( عيد الأمهات ) وأنا أرى أن علينا أن ننظر إلى الأمهات بشكل آخر .
وأتيحت الفرصة في النهاية للتعليق بكلمة أو كلمتين على المجموعة ، فجاءت عبارات مثل : إضاءة عميقة – نشاط للتناقضات – ابتسامة – نفاق ونقاء – ترجمة ضاعت في التفاصيل – جديد – حضور – يجدد نفسه ..
ويصير لنقطة النهاية ألم الفراق الذي لن يمتد طويلاً ، لكنه صعب بعد كل هذا الكم من الود والمعلومة التي تحصلت بعد أكثر من ساعتين من الحوار ، حوار عمده الود وجملته الابتسامة ..
لقاءات أستطيع بلا مواربة أن أشيد بموضوعيتها ، مصداقيتها ، عمق الإفادة منها .
ولم تكن خطوات العودة بهمة خطوات الحضور ، فلبانياس ألقها ، ولهذا الجمع مكانته ، بعد أن تشاركوا والنبض ، وصار موعد اللقاء الآخر بعيداً بعيدا ....
جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays / arts © 2024