الإثنين 2010-12-20 12:29:22 مســرح
(تشريح القهر) قراءة في مسرح ميخائيل رومان لمصطفى عبود

أوضح الباحث والناقد مصطفى عبود في كتابه تشريح القهر الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب بأن المسرحي المصري ميخائيل رومان واجه الواقع الاجتماعي والسياسي الذي كان سائدا في الستينيات بموقف حادٍ متمرد ورافض لكل أشكال القهر ضد الإنسان وجميع الممارسات الرامية إلى مصادرة حريته.

ويعلل عبود تلك الحدة وذلك الغضب العارم في موقف رومان تجاه القهر والاستبداد بأنه ينظر إلى الحرية كمعادل للوجود الإنساني فبتحققها تتحقق كرامة الإنسان وإنسانيته.

ويقول الناقد عبود إن أعمال هذا الكاتب تبدو عنيفة وهي لذلك تستفز المتلقي ولا تترك أمامه طريقاً وسطاً بل تدفعه إلى اتخاذ موقف متطرف إلى جانب رومان أو ضده وهذا الرأي بقدر ما يمس طبيعة المضامين والقضايا الفكرية التي عالجها رومان فإنه يمس أيضاً جوانب البنية الفنية لأعماله حيث عالج الواقع الاجتماعي والسياسي الذي ساد في فترة الستينيات والذي كان يوصف بغناه وتنوعه معطياته ومشاكله وهمومه مع التركيز على قضية الحرية كقضية مركزية مقدماً إياها بجوانبها المختلفة ومحتجاً بقوة وحدة على مصادرتها ما يبيح ممارسة القهر والاستبداد والاستعباد.

ويقول عبود كان هذا الكاتب يرصد الانعكاسات الناجمة عن غياب الحرية لذا يبدو البطل عنصراً أساسياً من عناصر مسرح رومان فهو يمثل شريحة واسعة هي فئة المثقفين الذين ينتمون بشكل واسع إلى الطبقة الوسطى وعلى هؤلاء بالذات كانت انعكاسات غياب الحرية تبدو مجسمة بشكل واضح وكبير فتبرز معاناتهم وقلقهم وتوترهم وإحباطهم بل نقمتهم وغضبهم وتمردهم واحتجاجهم الشرس والعنيف على مصادرة الحرية.

كما قدم الباحث عبود قراءة لسبع من مسرحيات رومان هي /الدخان/ و/الوافد الليلة نضحك/الخطاب/الزجاج/ليلة مصرع جيفار العظيم/ ايزيس حبيبتي/عبر تحليلها والوقوف على مكوناتها الجزئية ومن ثم تركيبها ثانية لإنشاء الرؤية العامة لهذه النصوص معتمدا على المرجعية الاجتماعية والسياسية والثقافية للفترة التي كتب بها رومان مسرحياته ابتداءً من ثورة 23 تموز في مصر وما تلاها من مواضيع لها علاقة بالديمقراطية والحرية والثقافة.

وأوضح الناقد البنية الفنية لتلك المسرحيات من حيث بنائها الخارجي وطبيعة الشكل الفني فضلاً عن عناصر البنية الدرامية ابتداءً من البطل الفرد مروراً بالشخصيات الأخرى والصراع الدرامي والحوار المسرحي وركز عبود‏ على اضطراب العلاقة بين البنية الفنية والرؤية الفكرية مبيناً ملامح الأثر الدرامي والتناقض الأسلوبي إضافة إلى دلالات البنية الفنية الناجمة عن ذلك.

يذكر أن رومان هو كاتب مسرحي مصري ولد وتوفي في القاهرة وتلقى تعليمه حتى تخرج في كلية العلوم في جامعة القاهرة عام 1947 بدأ حياته العملية مدرساً في المعهد الصناعي العالي في شبين الكوم ولأنه كان يتقن اللغة الإنكليزية ترجم الكثير من المسرحيات العالمية عن الإنكليزية لصالح الإذاعة والتلفزيون كما بدأ بكتابة القصة القصيرة والمقالات الأدبية.

لكنه بدءا من عام 1959 اتجه كلياً نحو التأليف المسرحي فكتب حتى وفاته المبكرة والمفاجئة سبع عشرة مسرحية بعضها قدمته مسارح القاهرة وبعضها الآخر نشر داخل وخارج مصر إلا أن القسم الأكبر منها مازال مجهول المصير.

جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays / arts © 2024