الأحد 2010-12-19 10:30:45 مســرح
زواج فيغارو.. أربعة فصول مرحة.. العرض الأوبرالي الأول في سورية بكفاءات عازفين ومغني أوبرا سوريين

الأطماع والأهواء الإنسانية في عالم النبلاء واستعراض جميع أصناف البشر بمختلف المستويات هي المفاصل الرئيسة للعرض الأوبرالي "زواج فيغارو موسيقا موزارت" الذي قدمته دار الأسد للثقافة والفنون بدمشق على مسرح الدراما كأول عمل أوبرالي متكامل من إنتاجها وبكفاءات سورية من العازفين ومغني الأوبرا.

واتسمت الفصول الأربعة التي تكون منها العرض بالمرح والمفارقات الذكية والمضحكة إذ يدور الحدث المقتبس عن الجزء الثاني من ثلاثية الكاتب المسرحي الفرنسي بومارشيه حلاق إشبيلية.. زواج فيغارو.. والأم المذنبة في قصر الكونت ألمافيفا في إشبيلية أحد أعيان إسبانيا الذي يحاول الحصول على سوزانا خطيبة وصيفه فيغارو رئيس الخدم في القصر وهنا يتحول الكونت بهذا الجزء من عاشق رومانسي إلى رجل ماكر متعجرف ومخادع .

وإلى جانب القدرات الصوتية القوية لمغني الأوبرا السوريين فهم أيضا لعبوا أدوارهم بكفاءة عالية وأداء مقنع بعد تدريبات استغرقت حوالي الأربعة أشهر أشرف عليها العديد من أساتذة المعهد العالي للموسيقا بدمشق إضافة لتوجيهات مخرج العرض كريستيان دوما من فرنسا.

20101219-150429.jpg

ويلاحظ المشاهد في هذا العرض حركات الجسم وتعبيرات الوجه المدروسة لكل ممثل حيث نجح مغني الأوبرا السوري إياد دويعر بدور الكونت في الإيحاء بشخصية الإنسان المتعجرف والسلطوي من خلال الخطوات الممتلئة بالثقة والظهر المشدود والرأس المائل للوراء كإشارة لشدة الغرور والتعالي فضلا عن توسع حدقات العينين وإمالة الفم بين الحين والآخر تعبيرا عن الاستياء وعدم الرضا وغيرها من التعبيرات.

و تتشابك الأحداث ليصبح العرض مشوقا ومليئا بالألاعيب حيث يراوغ الكونت محاولا تأجيل الزفاف قدر الإمكان لتحقيق مآربه لكن فيغارو بدوره يعمل وخطيبته سوزانا والكونتيسة على إحباط مخطط الكونت الذي يسعى لتزويج فيغارو من امرأة تكبره سنا هي مارشلينا مستغلا أنها أدانته سابقا مبلغا من المال لكن الجميع يكتشفون في نهاية العرض أنها أم فيغارو وأن بارتولو هو أبوه .

ولأجل الإيقاع بالكونت تقوم سوزانا بمواعدته ليلا في الحديقة بعد اتفاقها مع الكونتيسة على تبادل الثياب معها وهكذا تذهب الكونتيسة المتنكرة إلى الموعد مع الكونت الذي يقع في الفخ ويكتشف الجميع خداعه ولكن كما يحدث عادة في المسرحيات الكوميدية تنتهي الأوبرا بحدث سعيد هو زفاف سوزانا من فيغارو واستعادة الكونتيسة لحب زوجها الكونت .

أما ديكور العرض فيعبر عن الأجواء المخملية والأرستقراطية التي تعيشها طبقة النبلاء عادة من خلال الكرسي المذهب والإناء وكاس الشراب البرونزية والأبواب الكبيرة والأسوار المصممة خصيصا للقصور فضلا عن الملابس المتكلفة والأنيقة التي ترجع للقرن الثامن عشر والأثواب الفاخرة للسيدات والبنطال القصير والحذاء العالي للرجال إضافة للوشاح الأبيض على الرقبة وطرائق تصفيف الشعر المتدلي بشكل ملتف على الأكتاف.

هذا العرض الذي قاده المايسترو الألماني يوليوس كالمار هو تعبير عن الحياة وصنوف البشر المختلفين وطرائق تصرفهم وتفكيرهم وأهوائهم حيث يرى المشاهد إلى جانب شخصية الكونت شخصية حاجبه كيروبينو الفتى العاشق الذي يكتشف الحب ويطلب من سوزانا التدخل لدى الكونتيسة لأن الكونت وجده مختبئا لدى باربارينا ابنة البستاني وقرر طرده من القصر إضافة لشخصيات أخرى كثيرة مثل أنتونيو بستاني القصر وعم سوزانا والمربية مارشلينا... وباربارينا والطبيب بارتولو... وفيغارو وصيف الكونت ورئيس الخدم وقرويين وقرويات.

وفي تصريح لسانا قال قائد الفرقة السيمفونية الوطنية ميساك باغبودريان الذي سيقود العمل زواج فيغارو في عرضه الثاني يوم الاربعاء المقبل ...هذا العرض هو أول إنتاج أوبرالي من دار الأوبرا السورية وهو مهم لأنه يضم كوادر غناء وكوادر موسيقية أوركسترا متطورة وقد اكتشفنا من خلاله أننا نملك القدرة وما ينقصنا هو بعض الثقة ولهذا نشكر دار الأوبرا التي منحتنا الثقة لندخل بهذه التجربة.

20101219-150829.jpg

وأشار باغبودريان إلى ضرورة دخول فن الأوبرا إلى المجتمع السوري كما دخلت بقية الفنون وكثرت المساهمات العالمية فيها متسائلا لماذا لا يكون عندنا أوبرا سورية وإنتاج أوبرالي بلغة عربية في المستقبل وعروض أوبرالية بمواضيع سورية فهذه الأمور كلها مفتوحة للنقاش وما زالت حقولا غير مكتشفة.

أما مغنية الأوبرا نهى زروف بدور مارشلينا خريجة المعهد العالي بدمشق فلفتت إلى أن مشاركتها بالعرض الأوبرالي زواج فيغارو هي الأولى مؤكدة أنها تجربة جميلة ومفيدة كثيرا نظرا للاستفادة من خبرات الأساتذة والعاملين بإنتاج هذا العرض على امتداد أربعة أشهر من التدريب المكثف.

وعن الغناء الأوبرالي أوضحت زروف أنه يعتمد على تكنيك النفسالحجاب الحاجز وفتحة الفم بمقدار معين كالتثاؤب وضعية مقعرة كثيرا مع تفاعل عضلات البطن وهكذا فإن عضلات الجسم تعمل جميعها عند مغني الأوبرا ولهذا لا يتعب صوته.

أما بالنسبة لتجربة التمثيل في هذا العرض فأشارت زروف إلى أنها كخريجة غناء أوبرالي لم تتلق وزملاؤها تمرينات على التمثيل في المعهد العالي للموسيقا وبالتالي فأن مخرج العرض الفرنسي كريستيان دوما ساعدهم كثيرا لإتقان أدوارهم واستفادوا من خبرته وتوجيهاته.

وعن سبب اختيار العرض الأوبرالي زواج فيغارو كأول عرض في سورية أوضح الدكتور نبيل أسود المشرف العام على المشروع في بيان خاص أن سبب اختيار إنتاج هذا العرض لتقديمه في أوبرا دمشق يرجع لكونه ممتعا جدا ومن أجمل أعمال موزارت التي تحوي الكثير من المقاطع الغنائية المعروفة من قبل الجمهور ولأنه يلائم فكرة تقديم أول عرض أوبرالي متكامل من إنتاج الهيئة العامة لدار الأسد وبكفاءات سورية من العازفين ومغني الأوبرا كما سيعاد تقديم هذه الأوبرا بشكل دوري في السنوات القادمة على أنها العمل الأول من المخزون ربرتوار الذي تسعى الهيئة العامة لدار الأسد لإطلاقه اعتبارا من عام 2011.

يشار إلى أن العرض الأوبرالي زواج فيغارو عمل مشترك سوري ألماني فرنسي إخراج كريستيان دوما من فرنسا وقيادة يوليوس كالمار من ألمانيا في 18 و20من الشهر الحالي وميساك باغبودريان في2212 ومشاركة عازفين سوريين من المعهد العالي للموسيقا بدمشق ومغنيين أوبرا سوريين هم رشا رزق ... وبيير خوري... ونهى زروف... وإياد دويعر... وميري بيطار... ومكسيم أبو دياب... وناجي حمود. وقدم العرض بالتعاون مع المركز الثقافي الفرنسي ومعهد غوته والسفارة الايطالية بدمشق وبدعم من صندوق الاليزيه الفرنسي الألماني.

نيفين الحديدي

جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays / arts © 2024