الأحد 2010-10-10 14:15:53 أدبيات
غرفتها
لا ظلال للمكان فيها خارج وقتها
ولا وقت يبتعد عن فصولها
لا ينتشي لون البحر إلا من أقدام الغيم الآتية من جذر أرضها
لا يمتلئ فراغها بالكون إلا عندما تهتز أوتار صوته تحت ريشة أنفاسها
والنافذة لا تدري قيلولة الجدران إلا عندما تمتد نظراته من عيني حديثها
أناملها لا تتوقف عن سحب خيوط الزمن من العتمة
حتى يرتاح الضوء تحت صفصاف نهرها
 
  فيها 
يغادر المساء لون الليل ..ويستغنى عن فضة القمر
إنه اشتري أنس السمر.. بحبات قطفها من بين الأرض والمطر
وتلك الأزهار فيها تطل عليه من شرفة المزهرية
  تنظر إليه بعيون رائحة خطوط الحكايات من ثغر قهوة الفنجان 
وهي تعزف تحطيم المسافات من صدر قِبلة الناي
بعد أن سحبت الشمس الماء من القصب
ومهدت الطريق فيه للريح القادمة من بحر السؤال..
 إلى محيط الزنار الملفوف على خصر الجواب بيد البهجةً الراقصة في ساحات العثور فيها عليه 
 
في الغرفة
كان الــ هنا
وكانت ..ألـــ هناك..تكتب صورتها كل يوم على جدران الضفاف
لم تذرف خطواتها الدروب إلا فيه 
ولم يعلم كيف حمى الريحان
حتى رآهُ ينبت من راحتيها في يده المضمومة على مقبض السيف في يديها
 
وفيها
تنفست الجياد حمحمة الميدان
استلبت من حرارة الوطيس الغياب
تكسرت كل سنن الموت تحت سنابك الفرس
وارتشف الفارس الأرجوان من كأس الثغر ..
أودعه ببهاء الياسمين بياضاً لا تزول منه مواسم البسمات  
ألقى على أكتافها عباءة الزيتون
حتى عصرت حباته زيتا يلمع من عينيها نوراً .. في ضحكات النصال...
 
في الغرفة
أطل من شرفة صلاتها بنذر صوم.. يقدم فيه الصمت قربانا.. حتى يؤتى بصاعقة تفتت صخور المسافات
وترمي جبالها على قارعة الاقتراب من قاعات اللقاء
أطلقتْ فيه أجنحة التحليق بجوف بيدر القرية القديمة من بين السنابل المحصودة بمنجلها القمري
سمع من همس صفحات كتابها.. تلاوة ورق الحنين..
 يغنيه أغنية غياب السيف والقلم عن دياره الغافية فوق سرير مدينتها
استسلم فوق أرض الطاعة بعد أن تطرفت به ثورة السؤال.. عن جواب يعانق فيه الذل الكرامة..
والانحناء الشموخ..واللين القسوة .. والعطش الارتواء ..والجذر الغصن .. والبحيرة المحيط ..
قطفت له نضج الجواب بيدي الخشوع ..
تنفس برئتيها هواء النور
 
في غرفتها
لم تستقيل ذئاب الشبهة برغبتها ...لقد مزقتها سيوف الرؤية لحدودها..
إنها زرعت حقول عينيه باحتراق حواف سنديان الفراغ 
 أصبح لا يرى من صور الحياة إلا الغابات الخضراء من الامتلاء
 وهي تمد أغصانها خارج جدران الصور
وتثمر البساطةُ نضجَ الثبات بنقاء المرايا
لن يرى أحد بعد اليوم غير خطوطه بالمرآة
لقد خرجت أشباهُ الحياة عن أرض الغرفة
 من نافذة صوتها المسكوب في كأس الانعتاق الراكن على مائدة حرفه
وتكسرت بينه وبين الدنيا الجسور
 إلا جسر بينه وبين قلبها يمر من زرقة السماء
 
أدونيس حسن سوريا
 
رد على نص قصيدة النثرليست غرفتي
 للشاعرة الكبيرة انتصار دوليب
 
جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays / arts © 2024