السبت 2010-09-18 12:50:24 موســيقا
موسيقا مالك جندلي تحاكي الحضارة السورية على أهم مسارح أمريكا



بعد تألقه مع الفرقة السيمفونية الوطنية السورية على مسرح الأوبرا بدمشق و تقديم أعماله برفقة أوركسترا القاهرة السيمفوني بدار الأوبرا المصرية، حقق الموسيقار السوري مالك جندلي حضوراً كبيراً وإعجاباً واسعاً خلال عرض مشروعه "أصداء من أوغاريت" في المتحف الوطني لمدينة ديترويت بولاية ميشيغان الأمريكية. فقد استمع جمهور حاشد من الأمريكيين و الجالية السورية، التي تعد الأكبر في القارة الأمريكة، لمؤلفات الموسيقي السوري الذي برع في نقل قصة الرقم الفخاري الأوغاريتي لأقدم تدوين موسيقي في العالم. وأشار جندلي إلى أن تجربته في إعادة توزيع أقدم موسيقا مدونة و التي استغرقت خمس سنوات كانت بهدف نشر الحقيقة التاريخية الهامة لحضارة أوغاريت الثرية التي قدمت للبشرية أول أبجدية و مبادئ علوم الموسيقا النظرية بالإضافة إلى السلم السباعي الدياتوني قبل أكثر من ألف عام من فيثاغورث الإغريق! وقال مالك إن سوريا ليست جديدة في مجال الإبداع الفني مضيفاً أن أول لوحة رسم تجريدي في العالم تعود لعام 8700 قبل الميلاد اكتشفت مؤخراً قرب مدينة حلب في سوريا.

حضر الأمسية جمهور متنوع ضم بين صفوفه متذوقي الفن الراقي من مختلف الجاليات العربية إضافة إلى حشد من الأمريكيين والدبلوماسيين السوريين العرب والأجانب وعدد من وسائل الإعلام. واستطاع المشروع أن يوصل رسالته السورية إلى الحاضرين رغم اختلاف اللغة و الثقافة بالنسبة للعديد منهم والذين تفاعلوا معه بشكل كبير، الأمر الذي تجلى في التصفيق الحاد لدى انتهاء العرض الذي اختتم بحفل توقيع لألبوم "أصداء من أوغاريت" الذي تصدر قوائم مبيعات الفيرجين ميغاستور بعد اصداره عام 2009. كما أشار الفنان خلال حواره مع جمهوره إلى أهمية الارتقاء بكيفية طرح إرثنا الموسيقي و مقاماتنا العربية في ظل التلوث البصري و الصوتي الذي يشهده العالم العربي. و تطرق أيضاً إلى أهمية موضوع الموسيقا الجادة و الكتابة الحقيقية الذين يعتبرهما وسيلة معرفية لكشف حقائق الروح والجمال وليس سرديات تبتذل لغتنا و ثقافتنا العريقة.

و لفت الناقد و الإعلامي غريغ فاهل في لقائه مع مالك ضمن برنامجه الخاص على محطة الراديو الأمريكية العامة NPR إلى أن ما يجمع بين الجمهور بجنسياتهم المختلفة هو احترامهم للفن و الموسيقا و ما قدمته بلد الفنان سوريا للعالم. و أضاف أنه يندر أن تتطوّر علاقة بين فنان عربي يرفض الإبحار في أمواج الموسيقا التجارية و جمهور من مختلف الجنسيات في القارة الأمريكية. لكن الفنان السوري الذي لُقّب بـ "ملك البيانو" نجح في تقديم صورة لائقة للموسيقا السورية عكست في مفرداتها الفنية عمقاً إبداعياً ثرياً على مستوى التأليف الموسيقي و التوزيع و الأداء.

اليوم، يستعد مالك جندلي للتحوّل الكبير، إذ إن أحلام البيانو التي تداعبه و أنشودة "أوغاريت" التي نفض عنها الغبار لم تعد مجرّد أحلام. فبعد مقابلته مع قناة الجزيرة و عرضها لمشروعه الموسيقي في فيلم وثائقي تم خلاله عزف اللحن الأوغاريتي في موقع أوغاريت الأثري لأول مرة، يستمر الفنان برحلته الموسيقية حول العالم لتصل رسالته الموسيقية مختلف المدن الأمريكية و ينقل أصداء موسيقا أوغاريت إلى العاصمة الأمريكية واشنطن في حفل خاص بمؤلفاته و ذلك بتاريخ 14 نوفمبر/تشرين الثاني على خشبة مسرح "مركز كينيدي للفنون" الذي يعد من أهم قاعات الموسيقا في المدينة.

كما سيقدم مالك في 18 الشهر الحالي حفلاً موسيقياً خيرياً على مسرح جامعة كوينز الأمريكية لمساعدة ضحايا فيضانات باكستان و من المنتظر تقديم مقطوعة "يافا" المهداة للشعب الفلسطيني لتسليط الضوء على معاناة الإنسان. الهدف الرئيسي من تقديم هذا العمل - حسب تصريحات الموسيقار - هو توضيح الفرق، لجمهور واسع يتجاوز العالم العربي إلى دول غربية، بين معاناة الناس من الكوارث الطبيعية و هلاك شعب بأكمله من جراء ظلم الإحتلال و الحصار و بناء الجدران! و سيشارك جندلي في مهرجان الموسيقا العالمية في مدينة مونتريال الكندية الشهر القادم لينتقل بعدها إلى مدينة هيوستن في ولاية تكساس ليلبي دعوة جامعة "رايس" و معهدها الموسيقي العريق لتقديم مشروعه السوري في قاعة "ستودي" إحدى معالم المدينة الثقافية و ذلك بتاريخ 9 أكتوبر/تشرين الأول. بعدها تصل أصداء الموسيقا السورية إلى مكان اقامته في مدينة أطلنطا بولاية جورجيا ليقدم الفنان مجموعة من مؤلفاته الجديدة برفقة لودفيغ سيمفوني و قائد الأوركسترا العالمي توماس لودفيغ.

و ذكرت مديرة أعمال الموسيقار، ديبي سميث، أن مالك قام بتوقيع عقد مبدئي لألبومه الجديد في منتصف سبتمبر/أيلول الجاري، ليتم الوصول إلى الاتفاق النهائي في نوفمبر/تشرين الثاني القادم، حيث سيتم تسجيل أعماله الجديدة في موسكو يتبعه تصوير فيديو كليب لإحدى مقطوعات الألبوم في النصف الثاني من نفس الشهر بسوريا و بالتعاون مع أحد أهم المخرجين السينمائيين في أمريكا. كما أشارت إلى سعادتها و تقديرها لدعم المؤسسات الثقافية السورية لألبوم "أصداء من أوغاريت" من خلال عرضه في المتحف الوطني بدمشق و العديد من المواقع الأثرية السورية بما فيها مدينة أوغاريت - رأس شمرا قرب اللاذقية - على ساحل البحر الأبيض المتوسط. وأضافت بأن مشروع بناء الجسر الثقافي بين الدول و توصيل الصورة الحقيقية عن سوريا في الغرب سيستمر من خلال المشروع الموسيقي و ألبوم مالك جندلي القادم. و اختتمت سميث بالإشارة إلى أن عنوان الألبوم و فكرة الكليب و تفاصيل المشروع الجديد سيعلن عنها قبيل طرح الألبوم في الأسواق منتصف العام القادم.


جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays / arts © 2024