الثلاثاء 2010-07-27 13:47:32 أدبيات
النقد على الركبتين : الناقد الأدبي العتيق يعود للتوضيح
السادة إدارة الموقع المحترمون
تابعت باهتمام خلال الأيام الماضية الردود "الغاضبة" على ما كتبته في مقالي (حاشية على النقد.. أدونيس حسن يقع في فخ الشكلية).
إنه لأمر إيجابي أن تحدث مقالتي كل هذا الجدل والتعليقات من شخصيات مهتمة وبعضها من أهل الاختصاص، وهنا لابد لي من أن أردّ وأوضح كي لا يقع القارئ الكريم مجدداً في الأفخاخ التي ينصبها له البعض في معرض الدفاع المستميت عن وجهات نظرهم.
أولاً: أعترف للشاعرة وللناقد بعلو كعبيهما في مجال الشعر والنقد، وإلا لما كنت تتدخلت وكتبت ما كتبت فأنا أطلع يومياً وبحكم عملي الأكاديمي وكمحكم في مطبوعات مرموقة على العديد من النصوص التي تستحق إبداء الرأي، ولكنني نادراً ما أفعل هذه الأيام.
ثانياً: ربما أكون قد قسوت بعض الشيء على الناقد ولكن ليس بقصد الإساءة وإنما بقصد التصويب والتحفيز، وبالتالي لا أدري لماذا كل هذا الانفعال والغضب في نقاش فكري.
ثالثاً: إنّ استخدام الشاعرة دوليب للغة مسالمة تعمدت فيها المديح المفرط لناقدها المتحيز و تقليل أهمية ما كتبت، واستخدام الناقد في ختام ردّه علينا كماً هائلاً من المصطلحات الأدبية أراد بها أن يوحي باستيعابه لمصطلحات النقد الحديث، كل ذلك لم يشفع لهما من الظهور بمظهر الهواة الشباب الذين تطغى الانفعالات على تصرفاتهم.
رابعاً: ما زالت مصرّاً على أن ما يسميه أدونيس حسن "التفكيكية" هي منهج نقدي اتبعه في قراءة القصيدة، وهنا أستذكر حواراً جرى ما بين الشاعر الكبير نزار قباني و الفنان عبد الحليم حافظ "رحمهما الله" حيث أبدى قباني إنزعاجه من التشويه والتعديل الذي أجراه حافظ والموجي على قارئة الفنجان، لضرورات الموسيقى، ورأى أن القصيدة ليست سوى "الدفقة الأولى" وبالتالي لا تقبل التعديل أو التأويل، ومازلت متأثراً حتى الآن وقد ضمنت شيئاً من هذا القبيل رسالتي لنيل الماجستير في عام 1977، وبالتالي لا أقتنع بحجة "التفكيكية" لنقرأ القصيدة أفضل وإنما هي منهج "مؤامرتي نقدي" يهدف إلى وضع هدف معين سلباً أو إيجاباً يصل من خلاله الناقد إلى ما يريد عبر تفكيك النص، وخداع القارئ.
و أ عتقد أن أقرب ما يباسب أسلوب أدونيس حسن هو - المنهج الفني  في النقد :
 
هو المنهج الذي يعتمد على تتبع الظواهر الأسلوبية والفنية ولا يلقي بالاً للمضمون الأخلاقي والاجتماعي في الأدب
مبادئ عامة في هذا المنهج :
1- الذوق ودوره الكبير في قبول النص وتقديمه
2- قدرة المبدع على صياغة الصور الفنية الجميلة
3- التحليل والتعليل
4- يقوم التحليل على البحث عن عناصر النص الأدبي (المعاني والعاطفة واللفظ والخيال)
5- قدرة المبدع على تقديم رؤيته الإبداعية المتميزة والمتفردة
وهناك المنهج اللغوي ونشأ هذا المنهج في حضن علم اللغة الحديث
فاللغة : هي القواعد العامة المتفق عليها بين مجموعة من الجنس البشري.أما الكلام : فهو التطبيق على المستوى الفردي للغة.
وقد ظهرت لهذا المنهج مناهج نقدية :
ا- الأسلوبية : ويقول ابن خلدون أن الأسلوب (( هو المنوال الذي تنسج فيه التراكيب والقالب الذي يفرغ فيه ))
ولغة الأسلوب تعتبر لغة انفعالية
2- البنيوية: فهي تعمل على دراسة العلاقات التي تنتظم بها بنية نص ما.
3- التفكيكية: وهي تقدم مفهوماً معاكساً للمفهوم الذي قدمته البنيوية في دراسة الأدب.فتفكيك النص الأدبي لا يعني بالضرورة تفسيره أو شرحه بل يعني تقديم رؤية جديدة تنبع من فهم الناقد أو الدارس للنص ..
خامساً: بالعودة إلى بدايات النقد الحديث في القرن الثامن عشر، كتب الناقد الألماني الكبير "ولفغانغ مولر" عام 1776م في كتابه الشهير "نقد على الركبتين" الصادر في "بريمن" يقول: في ختام مسيرة 40 عاماً من النقد الأدبي أرى أننا لم نكن سوى متطفلين أردنا أن نكسب عيشنا وشهرتنا من خلال تصيد إبداعات الأدباء والشعراء، وأنا هنا أعتذر لكل من أصابته سهامي الناقدة والتي ألبستها قناعاً من المصطلحات الفارغة التي خدعت جيلاً كاملاً من القراء ولو قدّر لي أن أجلس في حضرة الشاعر الكبير "غوتا" الذي طالما انتقدته لجثيت على ركبتي لأستميحه عذراً.
وهنا التاريخ يعيد نفسه ولكن في مؤامرة بين الشاعر والناقد، وفريق الأبواق المساند لجوقة الزجل الشعبي التي لا تمت إلى أجواء الأدب والنقد الراقي بصلة.
سادساً: لماذا يصران على معرفة اسمي وشخصيتي وهما غير معروفين، ولا أدري إن كانا موجودين فعلاً، فأنا أعرف بأدونيس واحد وهو أحمد علي سعيد ولم أسمع من قبل بانتصار دوليب، والأفضل لهما إن كانا موجودين أن يبنيا اسماً أفضل من خلال تحديد هوية لهما في النقد والشعر، وأن يتركاني وشأني على أبواب التقاعد لا أريد الخوض في نقاشات أكثر.
والله ولي التوفيق
جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays / arts © 2024