كمال فوزي الشرابي، طرطوس مرورا باللاذقية حيث اصدر مجلة القيثارة.
الشاعركمال محور كتاب غسان كلاس الذي صدر عن الهيئة العامة السورية للكتاب بعنوان: كمال فوزي الشرابي شاعرا مترجما باحثا، يقف الباحث غسان كلاس في مطلع الكتاب عند محطات في تاريخ حياة الشاعر الشرابي وما قدمه للثقافة العربية، لاسيما اولا من نشاطات صحفية هامة.
الولادة والنشأة
في العشرين من شهر اب عام 1923 ولد كمال فوزي الشرابي بدمشق والده محمد بن كمال فوزي الشرابي، تلقى دروسه الابتدائية والثانوية في المعاهد الوطنية والاجنبية بطرطوس ودمشق، بعد ذلك تابع دراسته في كلية الحقوق بجامعة دمشق، وعمل بعدها لفترات طويلة كما يقول كلاس في تدريس مادتي الادب العربي والفرنسي وشغل مناصب كبيرة في وزارة الاقتصاد، وفي المؤسسة العامة للتبغ، وقد سرح من عمله تعسفيا في العام 1966م وغادر بعدها الى بيروت ليدير مكتب الشاعر سعيد عقل، وهناك تعرض بيته اثناء الحرب الاهلية للسرقة، واغتيل حفيده ايضا، ومن المعروف انه اعيد الى العمل في سورية عام 1974 بأمر من السيد الرئيس حافظ الاسد.
نشاطات صحفية
من أهم النشاطات التي قام بها فوزي الشرابي إصداره مجلة القيثارة في اللاذقية مع مجموعة من المبدعين السوريين وقد اعادت وزارة الثقافة السورية مشكورة اصدار اعدادها منذ عدة اعوام.
وقبلها كان في الكلية العلمية الوطنية وعمره ثلاثة عشر عاما فاصدر مجلة باسم الصرخة، وهي حسب ما جاء على غلافها: علمية ادبية روائية اسبوعية جامعة، جاء على غلافها قول جبران خليل جبران (الحماسة بركان لا تنبت على قمته اعشاب التردد) اضافة لمحتويات العدد.
أما القيثارة فقد اصدرها ما بين عامي 1946/1947م في مدينة اللاذقية مع لفيف من المثقفين والمبدعين. وقد اختصت بالشعر والفنون الجميلة والاثار، وهي حسب الدارسين تأتي لتكمل ما بدأته مجلة (ابولو) التي كانت تصدر في القاهرة، واسهمت في بناء وتطور الحركات الشعرية العربية التي ولدت اثناء الحرب العالمية الثانية وبعدها، ومجلة القيثارة استقطبت كبار الشعراء العرب والسوريين فنشر فيها: سعيد عقل / بدويي الجبل / نديم محمد /عمر ابو ريشة /ادونيس وسواهم كثيرون وهم أعلام الحركة الشعرية العربية فيما بعد.
وكان لافتا ان كمال فوزي الشرابي غزير الانتاج والمشاركة في المجلة، يقدم القصيدة والأغنية والمقال المترجم،ومن قصيدة له بعنوان ميسلون نشرت في المجلة نقتطف المقاطع التالية: ميسلون جراح طرايا/ تنز على كل قلب وتحلم بالمجد والسؤدد/ وحقد هتون يفجر من كل هدب / ونار على الافق الاسود/ تضرم من ذكريات الضحايا / ايا ميسلون احس بايد تهز الرماح بوجه السنين / تعالت تشق الربا والبطاح حواليك صفا فصفا وتهفو ليوم انتقام ازفا / ايا ميسلون الا ثورة واعية / تقوض صرح الدجى المشمخر وتحطم رجعية بالية / وتطلع منا بفجر اغر يفتح غب الظلام العيون / ايا ميسلون الا زوبعة تطهر ارض بلادي من الانفس الطيعة لذل الاعادي وتصعد حتى السماء / على اجنح الاقوياء فإما حياة فخور وإما فناء.
وحسب ما يقول كلاس فان الشرابي كتب قائلا: (منذ كنت في السنة الخامسة من عمري، كان والدي -وكان محبا للشعر- يغريني بحفظ ابيات من الشعر العربي الاصيل، واذكر والكلام للشرابي، انه كان يمنحني منحا سخيا عندما كنت اسمعه عدة ابيات من الشعر، حفظته فتراكم حفظي للشعر شيئا فشيئا، حتى حفظت دواوين كاملة منذ نعومة اظفاري).
ويضيف الشرابي: في حوار مع عادل ابو شنب حفظت لامية العجم للطغرائي وابياتا كثيرة من لامية العرب لابن الوردي، وابياتا من الفخر للشاعر العربي الكبير المتنبي وغيرها فقد كان لدى والدي مكتبة عامرة وكنت اقرا كل يوم كتابا، فقرأت المكتبة كلها، ومن المعروف انه كان ينشر ما ينتجه في مجلة القيثارة، وبعد ذلك راسل مجلتي المكشوف والشمس، وفي اوائل الاربعينات بدأ بنشر قصائده في مجلة (الصباح) وفيها نشر قصيدة عنوانها (العذارى) رثى فيها شاعر الهند الاكبر طاغور وترمز العذارى في النص على التوالي الى المحبة ثم الى الحكمة ثم العدالة، ومنها نقتطف:
على منبع الانجم / وفي زرقة المنحى الملهم/ حدا السامر العبقري / بلحن رغيد ثري ثلاث عذارى ملاح سهارى / فثمة بيضاء في مجدها تتكي /على رفرف من سنى ليلكي / وتسهو بحضن الشرود الخفي /ترانيم حور ونجوى عصور / تضوع مع الامل المترف وحسناء جنحها برؤاه السحر / حباها الاصيل نوره / احس اغترابا ضياء القمر وهاجرت الريح بالعطر / محزونة لوجوم الزهر وهلت صلاة / وملء تهاويل ذاك المساء الندي تلاويح نضرة واشراق سحرة / واسرار تشويقة تستحيل للحن غني /تلون من مقلتيها الصور / وتلهب من هينمات الذكر / جموح خيال هني / وشقراء اخت الصباح تنام على ساعد المشرق / كأ ضمومة من اقاح وورس نقي.
ومن المعروف ان للشاعر الكثير من المجموعات الشعرية التي لاقت اهتماما كبيرا من النقاد والدارسين لما قدمته من تجديد حقيقي في عالم الشعر، من هذه المجموعات (الحرية والبنادق) فيها غنى كمال فوزي الشرابي الوطن ورسمه بالكلمات وقد اهدى ديوانه الى كل انسان يؤمن بان حريته هي حرية الاخرين، وللشام في شعره مكانة هامة ورفيعة: حب قاسيون ودمر مصحف في القلب يحفر / اترى بالشام اسمر قبل ان يأزف حيني ؟ وحيت يكتب عن سورية كانما يكتب عما يجري الان: بعينيك المح دمعي انا، واشكو بشكواك غدر الصديق، ولؤم الزمان وكذب المنى كلانا تحمل ما لايطيق، شوقي اليك استمات، وحين دمعي يغور ناعورة الذكريات في نهر حزني تدور.
ولابد من الاشارة الى ان الراحل كمال فوزي الشرابي ظل مثابرا على الترجمة والنشر حتى اخر ايامه، وكان الملحق الثقافي في جريدة الثورة يحتفي بما يقدمه الشعر ويخصه
