اللاذقية-يسرا جنيدي-سيريانديز
ولدت موهبته بولادته ، و تبلورت مع الزمن ، لتشكل فنانا تحدى الظروف الاجتماعية و الاقتصادية ، و أصرّ أن يكون اسما كبيرا في عالم فن النحت .
عيناه كعيني نسر تراقب ما تعكس الوجوه من مشاعر و أحاسيس و أحلام و هموم ، تترجمها أنامله السحرية على الحجر لتشكل تاريخا ، فالنحت له هو لغة الخلود .
إنه النحات السوري مهند أحمد سليمان .... الذي خصَ سيريانديز بهذا الحوار خلال الفترة القصيرة التي تواجد فيها في سوريا الأم ..
- لماذا كان النحت؟ و لم يكن التصوير ، أو الفن التشكيلي ؟
اختيار الفنان لمجال معين يكون بشكل عفوي خاضع لميوله و لرغباته ، تفضي في عقله الباطن إلى نتيجة بسبب تراكم لرغبات معينة عنده ، أو منظور خاص له حول الواقع بما يخدم تجسيد هذه الأحاسيس و المشاعر . من ناحية أخرى النحت يشغل الفراغ بطريقة اجمل ، و يثبت وجوده بطريقة أقوى ، طبعا يمكن إيصال الفكرة من خلاله للمتلقي أكثر و بشكل أوضح .
عبر الزمن نجد أن الأعمال النحتية تستمر في الزمن أكثر ، فالنحت تــاريــخ .
- هل وجدت التشجيع في المحيط الذي نشأت فيه لتستمر و تنجح ؟
أكثر ما يخدم الفن ، و أكثر ما يحفز الإبداع هو الطبيعة الراقية و الخلابة ، و بما أني ابن الجبل و البحر باّن واحد ، مؤكد أن من حولي متأثرين بهذه البيئة بنفس الطريقة ، و بالتالي لهم التوجه الفكري نفسه .
بالإضافة لطبيعة الثقافة التي تميزت بها هذه البيئة .
منذ بداياتي بالرغم من ان الوسط الذي بدأت به لم تكن مادة النحت مطروحة إلا بشكل ضعيف ، و وجود نحات كان حالة مستغربة ، بالرغم من ذلك ، حظيت بتشجيع لم أكن أتوقعه في تلك المرحلة .
- كيف لك ان تعّرف مفهوم النحت للناس الغير مختصين ؟
أفضل التحدث عن النحت أكثر من تعريفه . النحت كغيره من الفنون تجسيد لمجموعة من الأحاسيس ، و يختلف النحات عن غيره بقدرته على تجسيد هذه الأحاسيس بكتل تشغل الفراغ من حوله .
النحات ابن زمنه و بيئته ، و بالتالي طبيعي أن يحمل مشاعر و هموم من حوله ، فبقدر ما يكون قادرا على محاكاة هذه الهموم ، على قدر ما يملك عمله القوة في التأثير بالمتلقي ، و هنا يكون مؤشر نجاح العمل النحتي .
النحت تجسيد ، أو بمصطلح اّخر تسجيل للحظة التي قدم فيها النحات هذا العمل ، غارساً
فيه احاسيس أو طموحات إنه تسجيل يحتفظ باستمراريته عبر الزمن .
- من هم النحاتون الذين تأثرت بهم ؟
كل نحات عبارة عن مدرسة خاصة به ، لكل منهم فكره و أسلوبه ،الجميع يستحق تقديره و احترامه .

 
بالنسبة لي ، كنت أحبذ أن تكون قراءتي لأعمال النحاتين ضعيفة ، كي لا يكون أسلوبي متأثراً بنمط معين ، أو دون ضابط .
منحوتاتي تحمل أفكاري أنا، بعيداً عن أي تأثير بأي نحات اّخر .
- ما الذي يميّز أعمالك الفنية ؟
أحبذ أن يكون عملي قادراً على التأثير بالمتلقي بشكل قوي ، و أن يتفاعل معه الناظر مباشرة . لا أحب التقيد بحجم العمل ، أحب رشاقة العمل و وضوح الفكرة مدموجة بالبساطة .
- هناك قصة لأوّل تمثال قمت بنحته ، حدثنا عن هذه القصة ؟
محاولتي الأولى للنحت كانت بمادة الجبس ، كان العمل تجسيدا" لمفهوم الحياة و الإنسان و بناء وجود كل على الاّخر ، قدم العمل على شكل رجل و امرأة برمزية الحياة ، و كانا بالحجم الطبيعي للإنسان .
غالبية من شاهده تفاعل معه و أثنى عليه ، و لكن بعد أنّ أنهيت العمل ، لم يكسب الرضى اللّازم من قبلي ، فقمت بكسره ، و لم بقى منه سوى صورة او صورتين .
- خامات النحت متعددة ، أيّها تفضل استخدامه ؟
أحبذ خامة الرخام أو الحجر ، حتّى أن غالبية أعمالي بالحجر أو بالرخام ، بسبب احساسي بأنّه أصمد مع الزمن ، بالإضافة للجمع بين القساوة و المرونة التي يطوٍّعه بها النحّات .
أقوم بالدمج بين القساوة و المرونة بعنى جمع المتناقضات التي أحملها بشخصيتي .
- ما هي أهم أعمالك ؟
بدأت بمشاركات بعض المعارض الجماعية ، أعمالي موزعة في مختلف محافظات سورية ، بعض الأعمال أصبحت خارج سورية ، في أوروبا و كندا .
- سمعنا عن مشروع كبير جدا ستكون السباق إليه ..هل من الممكن أن تعطينا فكرة عنه ؟
كفرد في هذا المجتمع و قبل ذلك ، كإنسان لديه مشاعره و أحاسيسه ، طبيعي انه لا يمكنني عزل نفسي عن كم الاّلام التي عشتها ، و عاشها من حولي و طبيعي أن تحفزني حجم المعاناة هذه إلى تقديم ، أو محاولة تقديم ، أو الطموح لعمل يكون قريباً من حجم هذه الاّلام ، و يكون فيه رسالة للعالم أجمع و لأجيالنا القادمة .
بصراحة لم أكن أودّ التعريج على هذه الفكرة بالوقت الحالي ، لسبب أن طرحها و إدخالها حيّز التنفيذ غير محدد الزمان بشكل دقيق كونه مرهون بإمكانياتي المادية .
من حيث المبدأ ، الفكرة تنطوي أولاً لتمثال يرمز للشهيد قد يتراوح ارتفاعه ما بين 10 – 15 متر ، سيتم نحته بمشاركة شعبية ، وضمن زمن قياسي ، و هذا قد يكون بالمستقبل القريب ، أمّا العمل الثاني فهو إنجاز مسلة تفوق ما بناه الفراعنة ، تكون مسلة الشهيد أو المسلة السورية .