أحيا أربعة شعراء أمسية أقامها فرع اتحاد الكتاب العرب لريف دمشق في المركز الثقافي العربي بجرمانا قدموا خلالها قصائد تنوعت بين شعر وطني وصوفي وإنساني إضافة إلى التغني بحب دمشق وجمالها.
وألقت الشاعرة لينا مفلح قصيدة بعنوان “أدعوك أن تقرأ التاريخ” ركزت فيها على الشام باعتبارها رمزا للسمو والعلا والكرم فهي تمثل الوطن الذي هو بمثابة الروح حيث اختارت البحر البسيط والباء حرفا للروي عبر أسلوب مبسط يدل على موهبة واعدة فقالت..
“من ينكر الشام بين العالمين كمن..قد أنكر الشمس والأجرام والشهبا هذه الشماء تراها اليوم شامخة..ما همها أن غرابا في السما نعبا”.
كما وصفت في قصيدتها التي جاءت بعنوان ثغر القصيدة معاني الشعر وما هو بالنسبة لها من منظورها الخاص ورؤيتها الذاتية فقالت..
“الشعر عجل باقتراب منيتي..كم شاعر أرداه بيت وداع رحماك ربي بالجمال تعلقا..وغواية الشيطان نطق يراعي”.
أما الشاعرة أحلام بناوي التي فاضت نصوصها الشعرية بالعواطف والشجن وحب دمشق فقد استخدمت الدلالة التي جاءت بتشكيل الصورة العفوية كما اعتمدت على العاطفة في حركة الحدث البنيوي للقصيدة إضافة إلى اختيارها الموفق لحرف الروي الملائم للبحر المتقارب..
“عشقتك عشق الأنا للحياة..وحتى الممات فهلا علمت أخال نجونا وقام المسيح..إذا يا شام مع الفجر قمت وحين توغلت في الياسمين..عرفت لماذا وكيف انتصرت”.
وعبرت بناوي عن رفضها كشاعرة لما يدور في سورية وما يحاك من مؤامرات ضدها بأسلوب التفعيلة الذي وشته بالرمز والإيحاء وطرزته بعاطفة أنثوية متأثرة بالوجع الاجتماعي فقالت.. “واعتدت أن أمشي .. ويلبسني الطريق .. وتعيرني الحارات معطفها.. ويغمرني الرحيق مالي أراني عاريا ومبللا .. وملابس الشرفات لا ليست تليق..”.
وقرأت الشاعرة زينب حسين قصائد بلا عنوان طغت عليها النزعة الصوفية والنسيج الشعري المتين الذي أدته موهبة تملك أدواتها وفيها دلائل الاطلاع على كثير من أنماط الشعر الأصيل فقالت.. “وأنت تشيع هذا الظلام ..ترفق بجمح هنا لا ينام وأنت تبارك ورد الجراح..تعمد بماء رجاه الغمام وأنت ترتب فوضى الكلام..أفق من عويل جناه الملام”.
وفي نصها الأخير جددت في وسائل الطرح التعبيري التقليدي لدى شعراء العربية مع إدخالها للعاطفة في النص إلى جانب محاولة دمج الفلسفة بالصوفية دون التخلي عن النغم الموسيقي فقالت.. “أيا وردا تحلى مذ تخلى..أفض من مائك الطهر العذاب ولا تبخل أبيت اللعن غني..أطارد في دمي لمح السراب أهيم اللحظ في الأنواء فردا..وأشكو للسما وجدا خلا بي”.
على حين جاءت قصيدة الشاعر علي الدندح “عاشق لك القلب يمشي” معبرة عن حالة عاطفية مليئة بالصفاء والنقاء متلائمة مع الموسيقا الداخلية المنوعة التي امتلأت بمكنونات الشاعر الداخلية وبما يرنو إليه في موصوفة المحبب فقال..
“أحبك .. ليس لأن الشتاء الطويل .. الذي يرتدينا يجلل في معصميه القصيدة .. بباقات دفء .. يذيب صقيع القوافي .. ويهدم سد التجافي .. ويشعل غابات ثلج .. بصمت الضلوع”.
وقرأ الدندح قصيدة بعنوان “اغني كي أحبك أكثر” بأسلوب نثري حديث تتخلله أنغام موسيقية متباينة لتساهم في تشكيل الصورة الطالعة من بحة الناي ومن لهفة الحب والأشواق فقال.. “كتدفق الموج .. على انتظار الضفاف .. تمر وأسمع صوتك .. في زحام الذين يعبرون الآن”.
وعرف الدكتور الناقد غسان غنيم أستاذ الأدب الحديث في جامعة دمشق خلال مداخلة له الشعر بأنه يمثل وجدان الجماعات التي ينقلها الشاعر حيث يتجلى بقصائده وجدان الجماعات البشرية التي ينتمي إليها موضحا أننا ندرك من خلاله حياة أمة بعطائها وكثيرا من صفاتها كما هو حال شعر المتنبي في التعبير عن شخصية الإنسان العربي وشعر بوشكين للشخصية الروسية.
وفي النهاية قدم بعض النقاد واخرون آراء نقدية تعبر عن قناعاتهم في معاني النصوص التي ألقيت حيث ارتقى بعضها إلى مستوى النقد.