العاشرة إلا قليلاً ..يوم السبت ..الجو أقرب إلى الربيع،وكأن الشتاء هرب من حربنا ويأبى ان يزورنا..ومع أنني عادة أفر بهلع من الزيارات الرسمية،الا انني هذه المرة على غير العادة لست أدري كيف انسقت و ركبت السيارة مع زملائي في العمل باتجاه اتحاد الكتاب العرب..!

منذ فترة أقلعت عن الزيارات التي تخونك الكلمات فيها.. والعبارات تختنق ،بت عاجزة عن نطق عبارات المجاملة تلك،الزائفة،مؤمنة أن تبتلعها افضل مليون مرة من أن تنطقها وانت لاتعني حرفا منها..!‏‏

بت موقنة أن اجتماعات المجاملة تلك،زائفة كليا،لاتقدم ولا تؤخر..بعدها كل شيء يبقى على حاله..فلنصمت وننسحب..!‏

ومع أنني لم ألتق بالدكتور نضال الصالح الذي استلم مؤخراً رئاسة الاتحاد ،سوى مرتين..الا أنني أشعر أن زمناً مضى على معرفتي به..اتذكر حين التقيته في ملتقى يامال الشام في احدى امسيات الملتقى في دمشق القديمة،كان حضوره مختلفا..حديثه يشبه كتاباته التي قرأتها مطولاً ..يعني ما يقول،يصيغ جمله بما لايدع مجالا للشك أننا امام مثقف من طراز مختلف..نتوق لأن يكون هو وامثاله في مواقعهم الصحيحة...!‏

ما إن دخلنا الى مكتبه حتى فاضت ابتسامته مرحبة،ومع أنه يوم السبت الا أن مكتبه كان ممتلئاً، فزميلنا نضال زغبور قدم مع فريقه ليستضيفه في برنامجه ...‏

ترك مكتبه الواسع وكرسيه الجلدي الاسود،ليجلس مجاورا لنا بعفوية من لايأسره الكرسي ،ولا يغريه منصب...،وكأن قدومه الى ذلك المكان ليس إلا فرصة لتنفيذ مشروعه الثقافي الذي حلم به طويلا..‏

ومن أكثر منا يحتاج لمشروع ثقافي-حقيقي-جدي،ينفذه عقل ناقد-مثقف،يغوص في عمق الاشياء ،تاركا السطحي منها لأولئك الذين يعبثون بالقشور ويلملمونها،ولكن في النهاية سينسحبون من المواقع الاولى ليتقدم من يتمكن من دفع الثقافة الى الامام ..‏

بكلمات قليلة حدثنا عن بعض ملامح خطته...سيركز على ثقافة التنوير...وعلى توءمة بين الصفحات الثقافية والاتحاد...‏

كلماته البعيدة كليا عن التقليدية والوعود الزائفة،تجعلك تأمل أن روحاً جديدة ستنطلق في عهد د.نضال...تغني حياتنا الثقافية الجامدة..!‏

بحضوره لم تكن زيارة رسمية بل لقاء ودياً-حقيقياً-دافئاً...اقنعنا مجددا بضرورة أن نعيد تلك الزيارات التي نعتقدها رسمية ..لكن ذكاء وعفوية وصدق... أصحابها يحولونها إلى حالة تغني الروح والوجدان..‏