قادمة من حلب الشهباء جوقة ناريكاتسي لتقدم مع أوركسترا دمشق أمسية موسيقية على مسرح دار الأسد للثقافة والفنون لتثبت مجددا إرادة السوريين في الحياة والمتعالية على كل الجراح.

وتفاعل اليوم على مسرح الأوبرا السورية مغنو الجوقة الحلبية بقيادة الأب إلياس جانجي مع عازفي الأوركسترا الدمشقية بإشراف الموسيقي محمد زغلول في الحفل الموسيقي الكلاسيكي الذي حمل عنوان “صوت من أجل السلام” المهدى لشهداء سورية بمرافقه كل من المغنين الأوبراليين غادة حرب وسناء بركات ومنار نوير وناجي حمود.

وخلال كلمة للأب جانجي قبيل بدء الحفل بين فيها أن الهدف من الحفلة الترحم على أرواح شهدائنا الذين ارتقوا وهم مؤمنون بقضية سورية الشامخة مؤكدا أن المغنين في جوقة ناريكاتسي رغم كل الظروف الصعبة التي تشهدها حلب ورغم قذائف الإرهاب التي طالت أحياء المدينة مستمرون في الإبداع لأجل أن تبقى راية الثقافة والفن خفاقة فوق رايات الموت والقتل.

وبدأ الحفل بمقطوعة موسيقية من تأليف الأب جانجي بعنوان “الروح” اعتمدت على الآلات الوترية كعنصر وحيد حيث تبدأ المقطوعة بمتتاليات من لحن واحد هادئ ورصين وكأنها تحاول أن تحاكي حياة الأمان والسلام التي كانت تحياها سورية قبل الأزمة لترتفع الموسيقا على شكل لحن متألم وصارخ في تصوير للدمار الذي عم البلاد جراء الحرب الظالمة عليها ثم تعود الموسيقا إلى الهدوء لتحاكي في حزن شفاف ألم الموت في تمازج بين آلات الكمات والفيلو والتشيلو والكونترباص ثم يتحول اللحن ويكسر رتابته في تصاعد يشير إلى قيامة سورية وعودتها للحياة مستعيدا النغمة الأساسية التي بدأها بوضوح وتحد أكبر.

وتضمن القسم الثاني من الأمسية تقديم القداس الجنائزي “ريكويم” للموسيقي النمساوي فولجاناج أماديوس موتسارت والتي استطاعت فيها الجوقة والأوركسترا الموسيقية بقيادة الأب جانجي مقاربة هذا العمل الذي وضعه عبقري الموسيقا وهو على فراش الموت.

وإلى جانب الأداء العالي لمغني الأوبرا السوريين خلال تقديم ريكويم كان أداء المرتلين في جوقة ناريكاتسي متفردا وبدؤوا وكأنهم يحفظون عن ظهر قلب الأناشيد الحزينة والغاضبة التي تضمنها والتي تعكس من ناحية أخرى حالة موتسارت وهو مؤلف هذا العمل الذي طالما وصفه بأنه قداس جنازته.
حضر الأمسية وزير السياحة المهندس بشر يازجي والسفير الباباوي في دمشق المطران ماريو زيناري وحشد من المهتمين ومحبي الموسيقا الكلاسيكية.

يشار إلى أن جوقة ناريكاتسي أسسها المايسترو الراحل بوغوص عباجيان عام 1983 بهدف إحياء الموسيقى الكلاسيكية وتابع من بعد وفاته قيادة نشاطها الأب جانجي منذ عام 2010.

أما الأب إلياس جانجي من مواليد حلب ودرس في معهد صباح فخري لمدة ست سنوات متخصصا على الكمان كما درس العلوم الموسيقية في جامعة الكسليك بلبنان مدة حمس سنوات متخصصا في علم الهارموني وتأليف الأصوات الموسيقية ثم درس في معهد الموسيقا المقدسة التابع للفاتيكان متخصصا في علم قيادة الفرق الموسيقية وتابع دورات تدريبية لقيادة الأوركسترا في كندا وأرمينيا وقاد حفلات موسيقية عديدة داخل وخارج سورية.