قدم الموسيقيان طاهر ماملي وسمير كويفاتي ندوة بعنوان “التلوث السمعي” مساء اليوم في المركز الثقافي بالعدوي تناولا فيها عدة محاور تضمنت مداخلات من الحضور المهتم بالشأن الموسيقي والثقافي.
وقال الموسيقي ماملي: إن التفكير في الوصول الى ذائقة سمعية غير ملوثة يستدعي الاعتراف في البداية بوجود تلوث سمعي منتشر في مناحي الحياة المتنوعة لدينا من ضجيج سيارات وضوضاء وصولا الى الاغاني والموسيقا الهابطة مبيناً أنه من واجب الموسيقيين اليوم ترك ارث موسيقي للأجيال القادمة بعيدا عن الأغاني الهابطة المنتشرة بشكل كبير في وسائل الاعلام وتسوق على انها الاغنية السورية وهي لا تمت بصلة للإرث الغنائي والموسيقي السوري المتنوع.
وأضاف ماملي: إن رأس المال الذي ينتج هذه الاغاني والموسيقا يحمل فكرا خاصا به ويطمح للربح بشكل سريع على الصعيد المادي والفكري ومن أمثلتها شركة روتانا التي دخلت الى عالم الانتاج الموسيقي بقوة بهدف إلغاء الهوية الغنائية العربية واحلال فن هابط مكانها لافتا الى ان الموسيقيين السوريين وجدوا في الدراما السورية الرائجة ملاذا لهم ليقدموا أعمالهم الموسيقية والغنائية من خلالها في شارات الاعمال والموسيقا التصويرية لها للوصول إلى الجمهور.
وأوضح ماملي أن انتاج الاغاني والموسيقا في سورية يحتاج الى مقومات غير موجودة حالياً منها شركات انتاج فنية خاصة اضافة الى تطبيق قانون حماية الملكية الفكرية كما ان هناك غيابا شبه تام للموسيقا الآلية المجردة بعيداً عن الغناء.
وأكد ماملي ضرورة التفريق بين الأغنية الشعبية والأغنية الهابطة مبينا ان الاغنية الشعبية تحمل هوية ثقافية للشعب وهي اليوم تستهدف من خلال تشويهها بقصد أو غير قصد ما يستدعي التنبه لحماية الهوية السمعية السورية والغنى الثقافي .
ولفت ماملي إلى ضرورة الارتقاء بالاغنية الوطنية في ظل الازمة التي تمر بها بلدنا وهذا ما حاولنا عمله كمجموعة فنانين بالتعاون مع الفرقة السمفونية الوطنية في عمل بعنوان “أحبها لأنها بلادي” والذي يختلف عما قدم من أغان أخرى لم ترتق للحالة الوطنية والواقع الموءلم الراهن الذي نعيشه.
بدوره قال الموسيقي كويفاتي: إن رأس المال هو المؤثر الأكبر فيما يقدم من انتاج موسيقي وغنائي بالإضافة الى تأثير الاعلام المرئي في ترويج الموسيقا والأغاني المنتشرة والتي تؤثر في الذائقة السمعية للجمهور لافتا الى ضرورة الاهتمام بما يقدم للأطفال من أعمال موسيقية سواء في الدراما أو المسرح أو برامج الأطفال ومناهج التدريس لمادة الموسيقا .
وأضاف كويفاتي ان دور وسائل الاعلام العربية في التلوث السمعي يختصر فيما يقدم من برامج فنية موسيقية بمستوى فني متدن ومع ذلك تلاقي متابعة جماهيرية كبيرة ما يعبر عن حالة فصام لدى الاغلبية من الجمهور العربي تجاه هذه الاغاني والموسيقا والبرامج والتي تتابع وتحفظ عن ظهر قلب رغم اعترافنا جميعا بأنها لا تحمل قيمة فنية موسيقية أو فكرية ولا تشبه هويتنا الثقافية.
الفنان جمال قبش قال في مداخلة له: إن الفنانين ووزارة الثقافة والمحافظة هم المعنيون أكثر من غيرهم بالحد من التلوث السمعي ونشر الوعي الموسيقي والذائقة السمعية الصحيحة مقترحاً افتتاح اذاعة تبث أعمالا موسيقية تنمي الذائقة السمعية لدى الجمهور السوري.
وأضاف قبش: إن هناك دورا للمراكز الثقافية في نشر الثقافة الموسيقية خاصة لدى الأطفال مشدداً على أهمية اعطاء دور لخرجي المعهد العالي للموسيقا لممارسة ما تعلموه في محاربة هذا التلوث السمعي وتقديم ما لديهم من أفكار وفن للارتقاء بالمجتمع موسيقياً.
من جانبه قال الفنان التشكيلي طلال معلا في مداخلته إن الموسيقا أداة من أدوات الفكر الانساني ولتحديد مستوى ما يقدم من نتاج موسيقي يجب أن نحتكم لمعيار محدد وواضح وهذا ينطلق من فهمنا للفكر الانساني وتوجهه اليوم سواء لدينا أو في أي مكان آخر مبيناً أن هناك توجها عالميا اليوم نحو الاستثمار في الثقافة وهو مشروع يستثمر كل وسائل التطور الحديثة لصالح تحقيق الربح المادي والفكري والثقافي وهذا ما يجب أن نستفيد منه لتطوير النتاج الموسيقي السوري.
ديانا جبور مديرة المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والاذاعي قالت في مداخلتها إن رأس المال الخاص لم يقدم للموسيقا أي مجهود واليوم في ظل الحرب على سورية التي نعيشها نحن بحاجة لحماية الاغنية السورية من التدهور والضياع وهذا يستدعي من الموءسسات المعنية من وسائل اعلام ودار الاوبرا وغيرها تضافر الجهود لحماية الارث الموسيقي السوري من الاندثار والضياع وخاصة في الاماكن المتضررة من الحرب بشكل مباشر.
وأضافت جبور.. في فترة ما استشعر الدراميون السوريون خطر المال الخليجي على الدراما السورية من خلال انتاج أعمال درامية سورية وبث قيمه ورسائله عبرها مستفيدا من نجاحها ومراهناً على ارتداد أثر هذه الرسائل على مجتمعنا ما نتج عنه انشاء الموءسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والاذاعي لحماية الدراما السورية مبينة أنه يمكن اليوم الدعوة لإيجاد صندوق مالي لدعم الاغنية السورية ويكون القرار في تقييم الاعمال الجيدة لإنتاجها من قبل لجنة من المختصين في الموسيقا.
المغنية ليندا بيطار قالت إن هناك مشكلة في الموءسسات الثقافية لدينا بافتقادها للتخطيط والعمل الممنهج واحتكامها للمزاج الفردي والانتقائية في الانتاج الموسيقي مبينة أن الساحة الموسيقية السورية بحاجة لإتاحة الفرص أمام المواهب الغنائية والموسيقية بشكل عادل وواسع.
