يجد الموسيقي نوار خوري متعة حقيقية في تعامله مع الأطفال من خلال تدريسهم على آلة الريكوردر النفخية الموسيقية في الصف التحضيري لمعهد صلحي الوادي للموسيقا ويعتبر هذا العمل رسالة فنية حقيقية رغم أنه مدرس ورئيس قسم في المعهد العالي للموسيقا ومديرية المعاهد الموسيقية في وزارة الثقافة إلى جانب كونه عازفا في الفرقة السيمفونية الوطنية .
ويقول الموسيقي خوري في حديث لـ سانا “متعة فائقة بالنسبة لي التعامل مع الأطفال أعلمهم وأتعلم منهم كيفية التعامل مع آلة الريكوردر بعفوية على طريقتهم فالمهم في هذه الآلة هو العزف الجماعي وتعليم الأطفال أنهم متساوون في مستوى العزف حتى لو كان هناك أطفال أفضل من غيرهم موسيقيا” مبينا أن هناك ارتباطا وثيقا بين آلة الريكوردر والصولفيج خاصة ببداية فترة التعلم وكيفية قراءة النوطة الموسيقية بشكل احترافي وعزفها بالشكل نفسه.2
وتابع خوري “قدمت العديد من الحفلات مع طلابي بمعهد صلحي الوادي واحيانا بمرافقة اوركسترا المعهد وانا فخور بما نقدمه مع جلب البهجة للاطفال وإمتاعهم و التركيز على الجانب الفني”.
ويوضح خوري “أثرت الأزمة على مستوى التعليم الموسيقي حيث حدت الظروف الصعبة من التزام طلاب المعاهد الموسيقية بالدوام والتدريبات ورغم ذلك فإن عدد المتقدمين من الأطفال للقبول في معهد صلحي الوادي للموسيقا هذه السنة وصل إلى خمسمئة طفل وطفلة”.
ويشير خوري إلى أن زيادة عدد الأطفال الراغبين في تعلم الموسيقا كل عام يدل على زيادة وعي المجتمع والأهل لدور الموسيقا والثقافة والفن في تنشئة أولادهم وهذا يعتبر تطورا نحو الأفضل فالطفل عندما يمضي وقته بتعلم الموسيقا يهذب نفسه ويهديها الى الرقي الحضاري والإنساني.
ويرى رئيس قسم النظريات الموسيقية في مديرية المعاهد الموسيقية أن هناك مشاريع موسيقية جيدة حاليا في سورية ولكن مغادرة بعض الكوادر الموسيقية للخارج اثرت على هذه المشاريع بشكل عام ما انعكس سلبيا على الحالة الموسيقية عامة مع وجود أعمال مميزة استطاعت التغلب على كل الظروف الصعبة .
يدعو خوري الجهات المعنية بالشأن الثقافي والموسيقي إضافة للجهات الرسمية المعنية إلى زيادة الدعم والاهتمام بالموسيقيين والمدرسين الموسيقيين ما سينعكس على حالتهم العملية والإبداعية ويحد من مغادرتهم للخارج ويحقق لهم ظروفا مناسبة للاستمرار والتطور وتطوير الحياة الموسيقية السورية عامة مبينا أن وزارة الثقافة ودار الأسد للثقافة والفنون لا تدخران جهدا في تقديم كل الامكانات المتاحة لدعم الموسيقا والموسيقيين .
ويقول المدرس في المعهد العالي للموسيقا “أثرت مغادرة المدرسين والكوادر الموسيقية للخارج بشكل كبير على مستوى المعاهد الموسيقية التابعة لوزارة الثقافة ما اضطر ادارات هذه المعاهد إلى الاستعانة بالمدرسين الموجودين وبعضهم تخرج حديثا وليس لديه خبرة كافية في التدريس”.
وتابع خوري “لا يوجد اي مغريات للطالب في المعهد العالي للموسيقا او للخريج ليدرس في معاهد وزارة الثقافة لقلة الأجرة المحددة للدرس وعدم توافقها مع متطلبات الحياة ما ينعكس سلبا على سير العمل في المعاهد الموسيقية”.
وعن رأيه بالمستوى العام للموسيقيين السوريين قال “الموسيقي لدينا مميز في كل الاختصاصات ومتعدد المواهب والقدرات وهذا يعود لتنوع المواد والعلوم التي يدرسها أثناء المرحلة الأكاديمية” مبينا أن الحاجة للعازفين في أغلب الفرق الموسيقية السورية فتحت المجال أمام العازفين الأصغر سنا من الطلاب اوالخريجين الجدد من كل الاختصاصات وهم يبذلون جهدهم لسد هذا الفراغ وينجحون في ذلك لأنهم مميزون .
ويجد خوري أن الموسيقا السورية الحقيقية والراقية موجودة منذ خمسينيات القرن الماضي ولكنها مغيبة عن الحالة الجماهيرية فأغلب الناس تريد أن تسمع الموسيقا السهلة وهذا نتيجة عمل شركات الانتاج الفنية التي تدعم هذا النوع من الموسيقا وتتجاهل النوع الأكاديمي.
ويقول عازف آلة البيكولو أن الموسيقا السورية الأكاديمية تتجسد اليوم في فرقة موسيقا الحجرة التي أسسها المايسترو الراحل صلحي الوادي وما نتج عنها من فرق موسيقية مثل الفرقة السيمفونية الوطنية التي يقوها أفضل قادة الأوكسترا ومنهم امرأة ما يعكس التطور الموسيقي الذي وصلنا اليه بالإضافة لغيرها من الفرق الموسيقية الكثيرة سواء الرسمية التابعة لمؤسسات وزارة الثقافة أو الخاصة التي يديرها خريجو واساتذة المعهد العالي للموسيقا.
ويرى خوري أن مهنة المعلم هي الأقرب اليه من مهنتي العازف والإداري ولكن تواجده في العمل الإداري يكمل عمله التدريسي فعندما يجد اي خطأ في العملية التدريسية يستطيع تصحيحه كإداري والعكس صحيح لافتا إلى أن المتعة الحقيقية لديه تبقى في تعامله مع الأطفال وتدريسهم وتعليمهم والتفاعل معهم .
ويختم خوري حديثه بالتعبير عن تفاؤله بمستقبل الموسيقا في سورية ويقول “دائما الإنسان يعيش على الأمل ولكن ظروف الحياة هي التي تفرض إيقاعها ونتائجها لذلك أتمنى أن تتعافى سورية سريعا لنتمكن من العمل بوتيرة أعلى وقوة لنعيد للإبداع السوري ألقه وعلينا ألا ننسى أن أول نوطة موسيقية هي سورية الابداع”.
الموسيقي نوار خوري خريج المعهد العالي للموسيقا عام 1997 وعازف الفرقة السيمفونية الوطنية السورية لآلة البيكولو منذ عام 1993 وشارك معها بحفلات داخل سورية وخارجها تولى سابقا رئاسة قسمي النظريات الموسيقية والآلات النفخية في المعهد العالي للموسيقا وحاليا هو رئيس قسم النظريات في معهد صلحي الوادي ومسؤول المناهج في مديرية المعاهد الموسيقية منذ عام 2008 ومدرس مادة الكونتربوان في المعهد العالي للموسيقا منذ عام 1997 حتى الآن .
