في دائرة الشهرة و التواضع ننادي على امتداد السطر هل " العقيد أبو النار " أم الفنان علي كريم ، نصطفي معه شجن ذكريات الشام و طيبة أهلها ، فنرصف على أهداب الأحرف أدوار علقت في ذاكرتنا "الخوالي"، و"أحلام أبو الهنا"، و"عائلتي وأنا"، و"الحصرم الشامي"، و"بيت جدي"، و"الطير"، و" باب الحارة " ... إلخ ، فنجلس ويجلس قبالتنا تواضعه الجار كالنهر وليس لنهايته مطاف ،، معه يخلع الفنان ثوب الغرور رغم شعبيته الكبيرة هنا وهناك ،، بهسيس الحرف هنا أقيل أبجديتي لتواضعه ،، فلا وجود لأي مسافة بين علي كريم الانسان والفنان علي كريم .
الفنان علي كريم على صفحات من بياض نرحب بك في صحيفة أويا و إسمح لي أن يكون حديثنا معك هذا الصباح مفتوحاً بإتساع عين السماء .

1- علي كريم فنان امتاز بتجربة عريقة لها سمة الحضور على امتداد الوطن العربي , فكيف كانت بداياتك مع الفن ؟

بدايتي كانت في باب توما – حي الجورة – ساحة القورا ( و القورا كلمة يونانية )
في سنة 1967 ألفنا فرقة مسرحية ونادي النسر الرياضي الثقافي الاجتماعي وكنا نستخدم إحدى الصالات للعرض , ثم انتقلنا إلى المسرح الجامعي أثناء دراستنا الجامعية ومن خلال الجامعة كان الدخول إلى عالم التلفزيون , وكنت أكتب المواضيع الخاصة بالحي و التي تتلمس جوانب الحياة اليومية من خلال العروض التي كنا نقدمها , فتيان يبحثون عن حرية و مفاهيم يستنبطونها من الواقع ومن إحساسنا بقضيتنا .

2- إن الشخصية التي يقوم بأدائها الممثل تلعب دوراً كبيراً في تجسيد خبرته الفنية و الحياتية ومما لا شك فيه أن شخصية ( العقيد أبو النار) ما تزال تتوقد في الذاكرة , كيف يربط الفنان علي كريّم بين شخصياته و الأدوار التي يقوم بها ؟

كل شخصية عالم إنساني بحد ذاته وكيان مستقل فعلينا أن نبحث عن تفاصيل هذا الكيان و نغنيه بتجاربنا الشخصية ومعارفنا لأن التجربة الإنسانية هي وعاء أي فنان لإغناء شخصياته , علينا أن نفهم طبيعة أي شخصية و البيئة التي نشأت بها ومفاهيمها و بشكل أساسي أن نتلمس روح هذه الشخصية لنجعلها بحرية تعبر عن نفسها .

3- تعدد الأجزاء في المسلسلات أصبح سمة من معايير الدراما الناجحة , أين يقف الأستاذ علي كريّم من تعدد أجزاء باب الحارة , وماذا عن خروج الممثلين ( عباس النوري – سامر المصري نزار أبو حجر و غيرهم ) ؟

تعدد الأجزاء عندما يكون هناك أحداث جديدة و إغناء للشخصيات تغنى بها فليس من مشكلة أمام مجموعة الأجزاء , أما عندما تستنفذ هذه الشخصيات ذاتها فهناك مشكلة و يبقى نجاح هذا العمل و محبة الناس له ومتابعته بشغف هي المعيار الذي يحكم على هذا العمل ولا أرى مشكلة في تعدد الأجزاء , أما عن خروج بعض الممثلين من العمل فلكل أسبابه و المسألة أولاً و أخيراً هي مسألة مصالح شخصية 0

4- الأعمال التي شاركت بها لهذا الموسم و التي ستعرض خلال شهر رمضان المبارك لهذا العام ؟

هناك مجموعة أعمال للتلفزيون العربي السوري وهي ( زلزال – حارة الياقوت – قصة قصيدة – وادي السايح ) وهناك أعمال لشركات خاصة وخصوصاً العمل السنوي ( باب الحارة ) وهناك عمل اجتماعي مهم (وراء الشمس) و ( عش الدبور).

5- عندما تسري دماء المجاملات في جسد العمل الدرامي، فإنها تصنع النجم الواحد؟، هل علي كريّم وقع رهن المجاملات!، أم أن عالم المجاملات هي التي أخَّرت نجوميته؟.

عالم المجاملات هي التي أخرت النجومية , أنا لا أجامل ولن أجامل و المشكلة لا يوجد آذان صاغية ليس في مجتمعي فقط بل في كل المجتمعات العربية لقبول أو سماع النقد , الجميع فوق النقد و الجميع في المجتمعات لديهم إحساس بأنهم يمتلكون أجوبة على كل الأسئلة , نحن بالأساس لا نعترف بالآخر فكيف نستمع إليه هذه مشكلة
كبيرة ستؤخرنا قرون طويلة , نحن للأسف نعتقد بأن الدراما تقدم لنا حلول , نحن كمجتمعات عربية بحاجة إلى إعادة تأهيل و إلى إعادة بناء الإنسان الذي ذلّ و شوه و انكسر , الذي لا حول له و لا قوة إلا في البحث عن لقمته فلن تنفعه الدراما في شيء
إلا في تسليته ربما أنا استغليت هذا السؤال لأقول هذا الكلام فسامحني .

6- تتنقَّل من الكوميدي إلى التاريخي، والتراثي، والإجتماعي، لكنك تنحاز بمتعة الأداء للأدوار الكوميدية؟!، أخبرنا عن مسارك وبوصلتك في التنقل!.

أنا أحس أنا روحي متعلقة أكثر في الكوميديا و أحس أن أهم أسلوب يعبر عن مجتمعاتنا هو الكوميديا فنحن في البلية و شر البلية ما يضحك .

7- من يوقع بالظلم على الفنان السوري؟، ومتى ينال حقه كما يجب أن يكون!.

ليس الجميع في دائرة الظلم لكن الأغلبية في هذه الدائرة و تحديداً مسألة الأجور هناك فنان أو اثنان في كل مسلسل يأخذان ثلث الكتلة المالية للممثلين و أنا أرى بأنهم يأخذون أجورنا و ألقي اللوم على شركات الإنتاج كونها المسؤولة عن هذا الظلم و التي تتذرع بأنها مضطرة للدفع إلى هؤلاء النجوم هذه المبالغ لأنهم مطلوبون بالاسم من قبل محطات فضائية , و عندما تظلم في جهدك و لا تأخذ حقك في الأجر فهذا ظلم كبير وقد أحسست ببعض الأعمال التي عملت بها هذه السنة إحساس القن الذي كانوا يأتون به من إفريقيا إلى أمريكا .

8- هل حقَّق الفنان علي كريم بعد مشوار من الإبداع (نصف، ربع) ما يصبو إليه؟، وكيف تتبلور معطيات الشخصية الإبداعية لديك!، وماذا تقول عن الشخصيات المركبة الاحترافية؟، وهل سبق أن أخطأ الجمهور بينك وبين فنان آخر؟، ومنْ تقترح أن يكون طرفاً لك في ثنائي كوميدي ناجحاً وجميلاً، وهل تشجِّع فكرة الثنائيات؟.

أعتقد أنني حققت القليل في هذا المشوار و الشخصيات المركبة تغريني و يجب أن يكون لدى الفنان شخصية إبداعية ليتمكن من إثراء الشخصيات بين يديه و التي يجب أن يلعبها , و الثنائيات في التاريخ الفني و الكوميدي ثنائيــات جميلة وممتعة أمثال
( دريد ونهاد) و (لوريل وهاردي) و إذا كنت أرغب في هذا ولم يكن محققاً لأنه يجب أن يكون هناك معطيات على صعيد التأليف و الإنتاج و الإخراج فأحب أن يكون إلى جانبي الفنان الذي أحبه أندريه سكاف .

9- رغم العديد من الأدوار التي جسدتّها!، ماذا تعني لك شخصية أبو النار!، بعيداً عن تعليقات الشارع؟.

حالة من الاستمتاع في الأداء , فأنا أحب روح أبو النار , أحب حماقاته في التسرع و اتخاذ القرار .... طيبته .....!!!!!

10- منذ ثلاثين عام وأكثر كانت لك العديد من المسرحيات والأعمال السينمائية، هل مازال علي كريم ينبض بالمسرح؟. أخبرنا (بالسلب والإيجاب) عن مسارح دمشق، مثل: "أنشودة أنغولا"، و"نسوهيروسترات، و"رحلة حنظلة، و"نبوخذ نصر"، وغيرها!.

في بداية هذا العام عرضنا مسرحية اسمها ( المدينة المصلوبة ) وهي تحكي عن القدس .. المدينة الأكثر صلباً في هذا العالم و الأكثر عذاباً و قهراً , هذا العالم الذي لا أخلاق فيه و لا قيم لأنها لو كانت هذه الأخلاق موجودة لما كانت القدس على هذه الحال , و أنا أحب المسرح وروحي متعلقة بالمسرح وقدمنا عدة مسرحيات و أتمنى أن تبقى علاقتي بالمسرح دائمة و مستمرة .

11- المسلسلات التركية!، هل خدمت الدراما العربية، أم أنها سرقت المشاهد العربي من متابعة الأعمال العربية؟.

لكل خصوصيته ولن يسرق أحدٌ أحد , وربما شكلت الدراما التركية تحد ٍ كبير للدراما العربية لكنها لن تبعد المشاهد العربي عن الأعمال العربية وهذا التحدي ليس في كل الأعمال إنما في بعضها و أقصد المهمة على صعيد الصورة و الإخراج .

12- كيف نقرأ سطوة الفنان بأدوار البطولة في أكثر من عمل وفي نفس الموسم، وعلى منْ نلقي باللائمة!، وهل تؤثِّر على الدراما السورية؟.
إذا كان هناك ضرورة للفنان فلا مانع ولكن المشكلة أن نترك بعض الفنانين في الظل وربما يكون أهم من الفنان الذي تم اختياره , و لكن العلاقات الشخصية تلعب دور كبير في اختيار الفنان , و شعبيته و أهميته لها دور في هذا المجال و أقصد أهميته كشخص مبدع .

13- الدراما السورية إلى أين تسير؟.

لن يحمي الدراما السورية إلا كتابها و الجرأة في طرح موضوعات جديدة , فإن لم تواكب الدراما السورية مشكلات مجتمعها فهي ذاهبة إلى مجرد صناعة و تجارة و تسويق ....

14- على ماذا تعتمد أجور الفنانين!، (خبرة الفنان، أم على المحسوبية، أم ماذا!)، ومنْ يحدِّد الأجور؟.

ليس هناك معايير لهذه المسألة و أي منتج إذا كان بمقدوره أن يجعلك تعمل بأبخس الأجور فهو من مصلحته , و القلة من الناس الذين استطاعوا أن يؤكدوا على أجورهم .

15- كيف تقرأ مشاركة الفنانين السوريين بأعمال مصرية؟.

هناك مصلحة للمصريين في ذلك , وهذا ليس سلبية بالنسبة لهم و يجب أن يكون هناك مشاركات دائمة بيننا و بينهم , فهم نحن و نحن هم ، و أي تجربة مع الآخر هي فائدة , و أنا أنزعج عندما يقولون سوري ... مصري , نحن أولاً وآخراً عرب , هم يقطنون في بلد سميًّ مصر و نحن نقطن في بلد سميًّ سوريا .

16- قلت أن الدراما مشروع مقاولة، كيف؟!، وهل أنت نادم على دخولك عالم الفن؟.

أنا نادم على دخولي عالم الفن , وكنت أعمل نجاراً و ليتني بقيت نجاراً , لأنك لا تجد أي مقابل , الجميع يمتهنون روحك إن كان في الوسط الفني أو في الشارع .

17- كممثل متألِّق في الأدوار الكوميدية، كيف تفسِّر لنا ظهور عمل كوميدي "كضيعة ضايعة"، حيث أن العمل يعتمد إلى حدٍ ما على لهجة غير واضحة!، وعلى ألفاظ أقرب إلى الشتائم؟!، هل أصبحنا نفتقر إلى الأعمال الكوميدية؟، ومما تعاني المسلسلات الكوميدية؟.

الأعمال الكوميدية معروفة و مهمة للبيئة السورية و اللهجة هي لهجة المنطقة ومن الطبيعي لا يمكننا أن نصادرها و لا نستطيع أن نصادر استمتاع الملايين بهذا العمل و لست أنا مع الشتائم في الكوميديا .

18- حدثّنا عن الراحلين في كل من الآتي:
- أفلام: "صهيل الجهات"، و"شيء ما يحترق".
- الدراما التلفزيونية: "الخوالي"، و"الحيار"، و"أحلام أبو الهنا"، و"عائلتي وأنا"، و"شجرة النارنج"، و"الحصرم الشامي"، و"بيت جدي"، و"الطير"، و"الواهمون".
هل خسرناهم للأبد، أم أن هناك من يحيى أعمالهم بالتقليد، أو باعتبارهم رموزاً للفن؟!.

ليسوا راحلين فهم في الذاكرة و الدراما كما الحياة تجدد نفسها ربما قدمت أعمال بعدها في سويتها و حتى أفضل منها و بالنتيجة لكل عمل خصوصيته و لكل عمل ذاكرته و لا يجب أن يقارن بشيء آخر .

19- حين يتم حذف مشاهد من أعمالك، بحجة أنها غير فعَّالة!، كيف تتقبّل الأمر، وعلى ماذا تعتمد قناعاتك قبل الأداء؟!، وهل تتدخل بتشكيل الشخصية التي تجسدها في أعمالك التلفزيونية، وغيرها؟!، وإلى أي مدى تخضع لرغبات المنتج والمخرج في انتقاء الشخصية؟.، وماذا يعني لك الدخول في مطب التكرار؟.

إذا كان هناك ضرورة لحذف المشاهد فأنا أطالب بذلك و أنا أولاً و آخراً من يحدد طبيعة أدائي لآي شخصية , وهذا بالنسبة لي مطلقاً بل يجب الاستماع إلى ملاحظات المخرج لأنه أولاً و آخراً ضابط إيقاع و أسلوبية الأداء للممثلين , و إذا كان الأخذ برأي منتج أو مخرج من أجل مصلحة العمل فهذا ليس انصياعاً لأحد بل لمصلحة العمل ، و مطب التكرار لم أقع به على الإطلاق , فأنا لم أقدم نفسي في أدواري بل قدمت شخصيات بعيدة عني و أختلف معها وقد أتفق معها لكن ليس في أسلوبية حياتنا .

20- هل لديك أعمال فنية خارج سورية؟ كالدراما المصرية التي يغلب عليها التراجيديا؟.

ليس بعد !!!!!!

21- برأيك؟ إلى أي مدى يكون صحيحاً أن تقديم البرامج في القنوات العربية تحكمها المعرفة الشخصية مع إدارة المحطة ؟

المعرفة الشخصية في حياتنا هي مأساة بحد ذاتها فهي تتجاوز الاختصاص و الخبرة و الإمكانية فأنا ضدها بالفعل .

22- قدِّم نصيحة للكتّاب (الدراما والسيناريو)؟.

أن يضعوا أيديهم على لب مشكلاتنا ... على ما يؤلمنا .. على ما يؤخرنا ... على ما يجعلنا وراء الحياة ... وما يجعلنا وراء الفعل , أن يكونوا مصابيح بكل معنى الكلمة , أن يكونوا رواداً و أصحاب همّ في هذا الشيء , نحن على مفارق طرق و أمام تحديات كبيرة تهدد كياننا ووجودنا , و أطالب من يكتبون المسلسلات التاريخية أن يضعوا هذا التاريخ على الرفوف و ليقرؤوا ما يريدون أن يقرؤوا دون أن يشكلوا موقفاً حاقداً من الآخر , و أن يكوفوا عن كتابة الأعمال التي تثير الفتن , و نحن و لله الحمد بؤر فتن و صغار عقول .

23- كلمة يبوح بها فناننا الغالي علي كريّم لمحبيه في ليبيا و لصحيفة أويا ؟
لكم حبي و أتمنى لكم الخير دائماً و الفرح دائماً و أن تكونوا كما أرغب لكل إنسان عربي على الأرض العربية أن يكون في ذروة عزته و كرامته .